سكان الفاو: طهران وراء عطشنا

استياء من إحالة مشروع مياه إلى شركة إيرانية

TT

أعرب سكان مدينة الفاو ( 99 كم ) جنوب البصرة عن استيائهم؛ لإحالة مشروع ماء المدينة إلى إحدى الشركات الإيرانية، في الوقت الذي تسببت فيه السلطات الإيرانية بعطش الأهالي، نتيجة تحويل مصب نهر الكارون الإيراني من شط العرب إلى نهر بهمن شير داخل الأراضي الإيرانية، مما تسبب في جعل المياه غير صالحة للشرب لارتفاع نسبة الأملاح.

واشتهرت مدينة الفاو، وهي آخر يابسة في الأراضي العراقية عند تحريرها من الاحتلال الإيراني في 17 ابريل (نيسان) عام 1988 بعد احتلال للمدينة دام ما يقارب عامين، وعدها المراقبون على أنها أول مدينة عربية يتم تحريرها بالقوة العسكرية خلال العصر الحديث، وشكل تحريرها نقطة تحول في إنهاء الحرب العراقية الإيرانية بعد رضوخ الجانب الإيراني والموافقة على قرار دولي يقضي بإيقاف العمليات العسكرية، التي استمرت أكثر من ثمانية أعوام.

وقال عبد الستار عاكف، خبير في مشاريع المياه بالمحافظة، لـ«الشرق الأوسط»، لقد «برزت مشكلة مياه الشرب، التي تعد واحدة من معاناة سكان المدينة، التي يقطنها أكثر من ربع مليون نسمة مطلع العام الحالي، بعد قيام الجانب الإيراني بتحويل مصب نهر الكارون من شط العرب، مقابل منطقة سيحان في الضفة العراقية، حيث محطة تصفية المياه المغذية إلى قضاء الفاو، إلى نهر بهمن شير داخل الأراضي الإيرانية، مما تسبب في انخفاض مستوى مياه الشط وصعود مياه الخليج العالية الملوحة إلى منطقة محطة التصفية». فيما أوضح مصطفى عطية، رئيس لجنة التطوير والإعمار في مجلس المحافظة، أن «السلطات المحلية والمركزية أولت اهتماما كبيرا لمعالجة تلك المشكلة، ومن بين تلك المعالجات تخصيص 5 ملايين دولار من رئاسة الوزراء لإقامة مشروع إيصال الماء العذب إلى الفاو، وتقوم بتنفيذه شركة إيرانية تبدأ العمل من أراضيها والى الأراضي العراقية»، ولم يكشف عطية عن اسم الشركة الإيرانية المنفذة للمشروع ومتى تباشر في العمل. ورسم أهالي الفاو صورة قاتمة لأوضاعهم الحياتية ومعاناتهم المتصاعدة منذ ستة أعوام، وقالوا إن الماء أصبح مالحا والأراضي باتت غير صالح للزراعة، والبساتين يصعب حمايتها من عشوائية أصحاب الجواميس، الذين قطنوا المدينة وكذلك انتشار الخنازير البرية بين القصب والبردي في مناطق واسعة تحولت إلى مستنقعات واهوار، وان الفلاح ما زال يزرع بالطرق البدائية وسط مئات الآلاف من الألغام، التي ما زالت مدفونة في الأراضي والأنهر، ناهيك عن تعرض فسائل نخيل البرحي إلى عمليات تهريب إلى دول الجوار.

وتحتل الفاو مكانة خاصة لدى العراقيين، الذين تغنوا بها طويلا وأنشدوا لها «يا فاو ترابك كافوري» وسال على أديمها دماء آلاف الجنود بين قتيل وجريح خلال الحرب، التي شهدتها مدينة الحناء والسمك البحري.

وقال حمدان الدوسري، من وجهاء المدينة، انه «من غير المعقول أن يحال مشروع إيصال الماء العذب لأهالي الفاو لشركة إيرانية، في الوقت الذي كانت السلطات الإيرانية هي السبب في عطش الأهالي»، وأضاف أن «إجراءات إيران بإغلاق مصب الكارون إضافة إلى قتل واعتقال الصيادين ومصادرة زوارقهم وشباكهم هي استئثار من المدينة، التي شكلت نقطة تحول في الحرب وزفت إلى العراقيين بشرى النصر، وقبول إيران بوقف القتال والرضوخ لإرادة السلام». وقال إن «الفاو تمر حاليا بمرحلة دفع ثمن دورها التاريخي في الحرب العراقية الإيرانية».