صينيون يحولون مدوناتهم وصفحات التويتر الخاصة بهم إلى اللون الأخضر دعما للإيرانيين

الصين وبورما وكوبا تفرض رقابة على نشر أخبار إيران

TT

خوفا من أن يعيد التاريخ نفسه، فرضت الحكومات الاستبدادية في الصين وكوبا وبورما (ميانمار) رقابة انتقائية على أخبار المظاهرات الإيرانية التي تتحدى السلطات الحكومية في شوارع طهران، مطالبة بإجراء إصلاحات ديمقراطية.

فيما بين عامي 1988 و1990، وسط أزمة اقتصادية أقل حدة، اندلعت مظاهرات مؤيدة للديمقراطية، وبدت ملهمة ومحفزة لبعضها البعض في أوروبا الشرقية وبورما والصين، وفي كل مكان. ولم تتحول جميعها إلى ثورات كاملة، ولكن سقطت الأنظمة الشيوعية في نطاق كبير من الدول، وتحول ميزان القوة العالمي. وقد ظهرت عدوى مماثلة في أعمال تحدّ قام بها المدافعون عن الديمقراطية في جميع أنحاء العالم في الأسبوع الحالي.

في الصين، حول المعلقون السياسيون مدوناتهم وصفحات موقع تويتر الخاصة بهم إلى اللون الأخضر، لإظهار دعمهم للإيرانيين الذين يعارضون إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد. وعلى الإنترنت، استدعى مقتل عشرين شخصا على الأقل في الاشتباكات العنيفة التي وقعت في طهران تشبيه ما يحدث بيوم «4 يونيو (حزيران)»، وهو تاريخ حادثة ميدان تيانانمين في بكين في عام 1989. وانتشرت عبر شبكة الإنترنت في البلاد مزحة حادة حول أن الإيرانيين أوفر حظا من الصينيين، لأن الانتخابات الزائفة أفضل من عدم وجود انتخابات على الإطلاق.

ويقول المدون البالغ من العمر 28 عاما، زهو شوغوانغ، في حديث هاتفي من إقليم هونان «يواجه الشعب الإيراني المشاكل ذاتها مثلنا: رقابة على الأخبار، وانعدام حرية التعبير عن الرأي». ويقول تشو إنه وعديد من أصدقائه كانوا من بين الذين لوّنوا صورهم على الإنترنت باللون الأخضر، وهو اللون المميز للمعارضة الإيرانية.

وفي كوبا، فرضت حكومة الرئيس راؤول كاسترو حجبا كاملا على الأخبار المحيطة بالانتخابات الإيرانية، ولكن تمر بعض الكلمات البسيطة عن الديمقراطية على أية حال.

وتقول المدونة يواني سانشيز (33 عاما)، التي تعيش في هافانا، وتراسل عبر البريد الإلكتروني أصدقاءها خارج كوبا، لتتمكن من نشر مدوناتها على الإنترنت، إن المظاهرات الإيرانية، وعلى وجه خاص في ظل انتشار استخدام تويتر، وفيس بوك، والهواتف الجوالة، أصبحت «درسا للمدونين الكوبيين».

وكتبت سانشيز «إن رؤية أولئك الإيرانيين الشباب يستخدمون جميع وسائل التكنولوجيا للتنديد بالظلم، جعلتني أرى كل ما نفتقده لدعم أولئك الذين يحافظون على المدونات في الجزيرة. إن الاختبار الذي سيمر به مجتمعنا الافتراضي الناشئ لم يأت بعد، ولكن ربما يفاجئنا غدا».

وتقول في إحدى مدوناتها للمتظاهرين الإيرانيين «اليوم أنتم، وغدا قد يكون دورنا نحن».

وفي بورما، غطت الجريدة المتحدثة باسم المجلس العسكري «ذا نيو لايت أوف ماينمار» على أخبار طهران بمقالات عن التفجيرات في العراق وأفغانستان، ولكن تتناول حوالي 200 جريدة خاصة في رانغون وماندالاي الموضوع كوسيلة لتمرير رسائل إلى القراء.

وقال رئيس تحرير صحيفة أسبوعية في رانغون عبر رسالة إلكترونية «ما نحاول فعله كوسيلة إعلام خاصة أن ننشر المزيد من الصور والأخبار التي تنقل ما يدور في طهران. وحتى الآن، نحن ناجحون في ذلك. وسيحمل العدد المقبل، إنْ لم تفرض عليه الرقابة، موضوعات خبرية تغطي الأحداث في طهران، وموضوعا عن (الانتخابات والديمقراطية) في محاولة لتحديد أوجه الشبه بين الانتخابات في إيران، والانتخابات المقبلة هنا»، وذلك في إشارة إلى الانتخابات المقرر عقدها في 2010، ويقول الكثير من المعلقين إنها ستكون زائفة.

ولكن على النقيض من إيران، نتج عن خبرة المظاهرات الفاشلة في الماضي قدر من النفعية في بورما، حيث تركز جماعات المعارضة السياسية المعلنة، مثل موجة الجيل، وعدد من الشبكات اللاسياسية في الأشهر الماضية على استراتيجية أكثر تطورا للتغيير، بالتقرب إلى الجماهير الريفية في بورما على وجه خاص.

ويقول مصمم غرافيك شارك في تأسيس جماعة تدرس التنظيم الاجتماعي والحكم في رانغون والبلدات البعيدة تحت غطاء فصول تعليم الإنجليزية «لا يمكننا أن نسير نحو هدفنا مباشرة». وقال موي ثاوي مؤسس موجة الجيل، إن المواطنين الإيرانيين لا يبدون محبطين ويائسين مثل مواطني بورما. ويرى أكثر النشطاء صلابة في بورما أن هناك القليل من الأمل في الخروج إلى الشوارع في الوقت الحالي. ويقول «بالنسبة إلى إيران، لا يمكنني أن أقول ما إذا كانت الحركة الحالية ستغير من الاتجاه السياسي هناك، أم لا. فإيران وبورما مختلفتان».

وفي فنزويلا، دولة أميركا الجنوبية التي تعاني من زيادة الاستقطاب، تنتشر المظاهرات ضد الرئيس هوغو شافيز. ويقول جوان ميجيا (22 عاما) إنه وجد المظاهرات في إيران مشجعة، إلى حد ما، لأنه شعر بأن معارضي الحكومة في طهران يريدون الأشياء ذاتها التي يريدها المتظاهرون في كاراكاس.

ويقول ميجيا، وهو زعيم طلابي يعارض شافيز «تعني حقيقة خروج الناس في الشارع أنهم يطالبون باحترام حقوقهم، وأنهم يشعرون بأنه لا توجد حرية، وأنهم يريدون دولة مختلفة. نعتقد أنه إذا رفعت شعوب العالم أصواتها عاليا، مثلما في إيران، وكما نفعل هنا في فنزويلا، ونأمل أن تفعل كوبا مثل ذلك يوما ما، فبالتأكيد سيكون لدينا عالم أفضل».

وتعقد فنزويلا، في مقارنة مع دول مثل كوبا والصين، انتخابات متكررة، ويظل المنشقون يمثلون جزءا من الحوار السياسي، ولكن في خلال عقد من الحكم، سيطر شافيز على الكونغرس والمحاكم وشركة البترول الحكومية، ويتهمه خصومه بأنه في طريقه إلى أن يكون ديكتاتورا.

وفي الصين، تعمل آلة الدعاية للحزب الشيوعي بقوة لتصوير المظاهرات في إيران، التي وصفت بالفعل بالثورة الخضراء، بعد الثورات الوردية والبرتقالية التي حدثت في بداية العقد الحالي في جورجيا وأوكرانيا، على أنها بتنظيم من الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى، وأنها ليست حركة شعبية. وعلى النقيض من القادة الغربيين، الذين تجنبوا الاعتراف بمزاعم أحمدي نجاد بالفوز، انضم الرئيس هو جين تاو إلى رئيس روسيا ديمتري ميدفيديف في اجتماعه معه، وهنأ الرئيس الإيراني. وفي حلقات النقاش على الإنترنت في الأسبوع الحالي، ظهر أن عشرات الآلاف من التعليقات المتعلقة بإيران قد حذفت؛ ومعظم التعليقات التي سمح لها بالبقاء هي تلك التي تتماشى مع الموقف الرسمي بشأن الانتخابات.

وكانت رسالة الصين الأساسية هي أن تلك الفترة الخطيرة، حيث يتعرض العالم لأسوأ تراجع اقتصادي منذ الكساد الكبير، ليست ملائمة لقيام «ثورة ملونة». ونشرت صحيفة «تشاينا ديلي» الحكومية في افتتاحية لها في الفترة الأخيرة «إن محاولات دفع ثورة ملونة ما يقال نحو الفوضى ستكون أمرا خطيرا للغاية».

وقد كانت الحكومة الصينية عدوانية بصورة خاصة في العام الحالي في إجراءاتها الصارمة ضد الحديث عن الديمقراطية، لأن عام 2009 مليء بالذكريات السياسية الحساسة. وفي خطوة حديثة، أعلن المسؤولون يوم الثلاثاء عن اعتقال رسمي لليو شياوباو، المنشق المؤثر الذي ساعد على صياغة وتوقيع عريضة تدافع عن الديمقراطية التي تعرف باسم ميثاق 08.

وقال ألبرت هو، رئيس مجلس إدارة جماعة المحامين عن حقوق الإنسان في الصين في هونغ كونغ، إنه يرى العديد من أوجه التشابه بين الوضع في إيران، والمناخ في الصين، مستشهدا بالعديد من «المناطق الساخنة» التي من الممكن أن تنفجر في صورة مظاهرات عنيفة في أي وقت.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ («الشرق الأوسط»)