البيت الأبيض يدرس إبقاء معتقلي غوانتانامو رهن الاعتقال لفترة غير محددة

90 معتقلا لا يمكن توجيه تهم لهم أو إطلاق سراحهم

عدد كبير من المعتقلين بسبب الأدلة السرية لا يمكن إطلاق سراحهم «واشنطن بوست»
TT

قال ثلاثة مسؤولين حكوميين بارزين، لديهم إطلاع على مداولات تجري داخل البيت الأبيض، إن مسؤولين في إدارة أوباما يتوخون الحذر خلال صياغة أمر تنفيذي سوف يعيد التأكيد على صلاحية الرئيس في سجن المشتبه بضلوعهم في أعمال إرهابية لأجل غير محدد، وإنهم يخشون من معركة مع الكونغرس يمكن أن تعرقل خططا تهدف لإغلاق معتقل غوانتانامو. ويمكن أن يتضمن الأمر التنفيذي مزاعم الرئيس السابق جورج بوش بأنه يمكن اعتقال أشخاص محددين من دون محاكم لفترات طويلة طبقا لقوانين الحرب. ويشعر مستشارون لأوباما بالقلق من أن الأمر التنفيذي، الذي يمكن أن يتجاهل الكونغرس، قد يضع الرئيس على أساس أضعف أمام المحاكم، وقد يغضب مناصرون بارزون، حسب ما أضافه المسؤولون الثلاثة. وبعد أشهر من النقاش الداخلي بخصوص كيفية إغلاق المنشأة العسكرية في كوبا، يشعر مسؤولون في البيت الأبيض بقلق متزايد من أن الوصول إلى اتفاق سريع مع الكونغرس بخصوص نظام اعتقال جديد يمكن أن يكون مستحيلا. ويقول العديد من المسؤولين إن هناك خوفا داخل الكونغرس من أن الإدارة يمكن ألا تكون قادرة على إغلاق المعتقل بحلول الموعد النهائي الذي حدده الرئيس في يناير (كانون الأول). ويقول المتحدث باسم البيت الأبيض، بين لابولت، إنه لا يوجد أمر تنفيذي، وإن الإدارة لم تقرر ما إذا كانت سوف تصدر أمرا تنفيذا، لكن أشار مسؤول في الإدارة إلى أن البيت الأبيض يسعى بالفعل لتوفير الدعم لأمر تنفيذي. وقال المسؤول: «تحث مؤسسات الحقوق المدنية الإدارة بأنه إذا كان هناك سعي من أجل نظام اعتقال طويل، فإن ذلك سيكون من خلال أمر تنفيذي». ويمكن إلغاء هذا الأمر التنفيذي ولن يعيق الجهود الأخرى لصياغة تشريع، لكن تعارض مؤسسات الحقوق المدنية بصورة عامة الاعتقال طويل الأجل، وتقول إن المعتقلين يمكن مقاضاتهم أو إطلاق سراحهم.

ورفضت وزارة العدل التعليق على احتمالية وجود نظام اعتقال طويل الأجل، في الوقت الذي تجري فيه مراجعات داخلية لقضايا معتقلي غوانتانامو. ومن المنتظر أن تنهي إحدى فرق المهام، تقوم حاليا بتقييم سياسة الاعتقال، عملها بحلول 21 يوليو (تموز). وفي خطاب أدلى به في مايو (أيار)، تحدّث الرئيس أوباما عن الحاجة إلى نظام للاعتقال طويل الأجل، وأشار إلى أنه يمكن أن يتضمن رقابة قضائية ورقابة من الكونغرس. وقال: «يجب أن نعترف بأن سياسات الاعتقال هذه لا يمكن أن تكون بلا قيود، ولا يمكن أن يعتمدوا على ما يمكن أن أقرره أنا أو ما تقرره السلطة التنفيذية وحسب».

وقد دعا بعض من المستشارين القانونيين البارزين لأوباما، مع مجموعة من المشرعين الجمهوريين والديمقراطيين البارزين لتشكيل «محكمة أمن قومي» للإشراف على سجن المعتقلين الذين ينظر إليهم على أنهم خطرون بصورة لا تسمح بإطلاق سراحهم، ومع ذلك لا يمكن توجيه تهم لهم أو محاكمتهم. ولكن، قال المسؤولون الحكوميون البارزون الثلاثة، إن البيت الأبيض تحوّل عن هذا الخيار، للوقت الحالي على الأقل، لأن التشريع الذي يؤسس لمحكمة سيكون صعبا تمريره ويحتمل أن يبذر الشقاق داخل حزب أوباما. وتحدث هؤلاء المسؤولون مع آخرين شريطة عدم ذكر أسمائهم لأنهم غير مخولين للحديث علنا عن المداولات الداخلية. وفي اليوم الذي تولى فيه أوباما مهام منصبه كان هناك 242 سجينا في غوانتانامو، وفي خطابه في مايو (أيار) حدد الرئيس خمس استراتيجيات سوف يستخدمها الرئيس للتعامل معهم: المحاكمات الجنائية أو محاكمات عسكرية معدل أو النقل إلى دول أخرى أو إطلاق السراح أو الاستمرار في الاعتقال. ومنذ يوم التنصيب، أطلق سراح 11 معتقلا أو نقلوا إلى أماكن أخرى، وانتحر معتقل ونقل آخر إلى نيويورك ليوجه تهما بالإرهاب أمام محكمة فيدرالية. ويقول مسؤولون بالإدارة إن القضايا الخاصة بحوالي نصف المعتقلين الـ229 الباقين تجري مراجعتها لمقاضاتهم أو إطلاق سراحهم. وقال مسؤولان مشاركان في مراجعة وزارة العدل عن المقاضاة المحتملة، إن الإدارة تنظر بقوة في تهم جنائية أمام محكمة فيدرالية ضد خالد شيخ محمد وثلاثة معتقلين آخرين متهمين بالضلوع في هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001. ويقول المسؤولون إن النصف الآخر من القضايا يمثل الصعوبة الأكبر، لأن المعتقلين لا يمكن مقاضاتهم في محاكم فيدرالية أو لجان عسكرية. والأدلة في الكثير من القضايا سرية وقدمتها هيئات استخباراتية أجنبية أو عن طريق وسائل التحقيق القاسية التي اتبعتها إدارة بوش. ويتفق وزير العدل إريك هولدر مع تقرير قدم خلال شهادة أمام الكونغرس الشهر الجاري بأن أقل من 25 في المائة من المعتقلين سوف توجه لهم اتهامات أمام محاكم جنائية وأن 50 آخرين تمت الموافقة على نقلهم أو إطلاق سراحهم. ويقول مسؤول إن الإدارة تأمل في أن ما يصل إلى 70 مواطنا يمنيا سوف ينقلون على مراحل إلى برنامج إعادة تأهيل في السعودية. وبعد مرور ثلاثة أشهر على مراجعات وزارة العدل، يقول العديد من المسؤولين المشاركين، إنهم يجدون أنفسهم يوافقون على النتائج التي وصلت إليها قبل أعوام إدارة بوش والتي تقول إن ما يصل إلى 90 معتقلا لا يمكن توجيه تهم لهم أو إطلاق سراحهم. وقد قضى البيت الأبيض أشهرا يجتمع مع قيادات بارزة في الكونغرس أملا في الوصول إلى اتفاق على الاعتقال طويل الأجل، على الرغم من أن الدعم الشعبي لهذه الخطة تراجع في الوقت الذي يسعى فيه المشرعون إلى منع نقل المعتقلين إلى دوائرهم. ويجري محامون يعملون لصالح الإدارة مفاوضات مع السيناتور كارل ليفين، الديمقراطي من ولاية ميتشغان، والسيناتور ليندسي غراهام، الجمهوري من ساوث كارولينا، بخصوص تشريع منفصل سوف يدخل تعديلات على اللجان العسكرية. وقال عضو جمهوري بارز في الفريق إن عضوي مجلس الشيوخ لم ينظرا بعد إلى «سياسة مفصلة شاملة» عن الاعتقال طويل الأجل من الإدارة. وأضاف: «يمكنهما أن يقوما بذلك من دون دعم من الكونغرس، لكني أعتقد أنه ستكون هناك مخاوف قوية، حيث يمكن أن يمنع الكونغرس التمويل» لأي نظام اعتقال مقام في الولايات المتحدة. وتتزايد المخاوف بين مستشاري أوباما من أن الكونغرس قد يحاول التأكيد كثيرا على الرقابة على العملية. وخلال الأسبوع الجاري وقّع أوباما على مشروع قانون مخصصات يلزم الإدارة بكتابة تقارير إلى الكونغرس قبل نقل أي معتقل خارج غوانتانامو ويمنع البيت الأبيض من استخدام التمويل المتاح لنقل المعتقلين إلى تراب أميركي.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ « الشرق الأوسط»