الحريري يستبق مشاوراته بالرجوع عن الدعاوى الشخصية لطي صفحة الخلافات

جال على رؤساء الحكومات السابقين.. ويبدأ اليوم المشاورات النيابية لتأليف حكومته

رئيس الوزراء اللبناني المكلف، سعد الحريري، لدى زيارته أمس رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» ميشال عون، في إطار زياراته البروتوكولية للرؤساء السابقين للحكومات اللبنانية (إ.ب.أ)
TT

يبدأ رئيس الحكومة المكلف النائب سعد الحريري قبل ظهر اليوم المشاورات النيابية لتأليف حكومته العتيدة. ويلتقي في مقر المجلس أعضاء الكتل النيابية والنواب المستقلين للتشاور معهم حول رؤيتهم للحكومة ومطالبهم، وذلك قبل أن ينصرف إلى وضع صيغتها مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، بالتنسيق مع القيادات السياسية في فريقي الأكثرية والمعارضة. من جهة أخرى، وفي مبادرة حسن نية غداة تكليفه تشكيل الحكومة وفي مسعى منه لطي صفحة الخلافات، قرر الحريري الرجوع عن دعاوى شخصية كان أقامها ضد متطاولين على شخصه أو خطه السياسي. وجاء في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي «قرر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الرجوع عن الدعاوى الشخصية التي كان تقدم بها دفعا للإساءات والاتهامات التي طالت شخصه أو خطه السياسي، آملا من جميع المعنيين ترميم ما تصدع والتلاقي في إعادة بناء الإجماع الوطني، درءا للأخطار المحيطة وانتهازا للفرصة السانحة. ولهذه الغاية، فقد كلف الرئيس الحريري وكيله القانوني المحامي محمد فريد مطر القيام بالإجراءات القانونية الآيلة إلى تحقيق ذلك».

وكان الحريري أنهى أمس، وفي يومٍ واحد، زياراته التقليدية إلى رؤساء الحكومات السابقين للوقوف على آرائهم وتطلعاتهم للمرحلة المقبلة. وفي هذا الإطار، زار الرئيس أمين الحافظ في مستشفى «أوتيل ديو» حيث اطمأن إلى صحته. بعدها زار الرئيس رشيد الصلح ثم الرئيس سليم الحص في منزله في عائشة بكار. كما زار الحريري، النائب ميشال عون في منزله في الرابية. واكتفى لدى مغادرته بوصف اللقاء بـ«الجيد».

كما زار الحريري الرئيس عمر كرامي الذي قال «التقينا دولة الرئيس الحريري. وكانت تربطنا صداقة وود رغم أننا كنا في المعارضة أيام والده المرحوم الشهيد الرئيس رفيق الحريري. ونحن نكن له الود والمحبة على الرغم من أننا ما زلنا في المعارضة». وأضاف «سألني نصيحتي، فقلت له ما كنا نقوله قبل الانتخابات وخلالها ونعود ونكرره بأن نظامنا الطائفي لم ينجح ولم نستطع بناء الدولة القادرة، دولة القانون والمؤسسات. والمادة 95 التي وردت في اتفاق الطائف هي التي يجب أن تطبق لبناء دولة وتكون لدينا ديمقراطية حقيقية وليست ديمقراطية توافقية. وقلنا له إن قانون الستين (للانتخابات النيابية) الذي أقر في مؤتمر الدوحة، متَّن وجذَّر الانقسام الطائفي والخطاب الطائفي الذي يستثير المشاعر حيث كانت كل طائفة وكل مذهب يسير نحو الفيدرالية الطائفية والمذهبية».

وعن رؤيته للمرحلة المقبلة وتشكيل الحكومة، قال كرامي «في بداية التفاوض حتما ستكون هناك عراقيل. ولكن في النتيجة ستتألف الحكومة. ولا مناص من تأليفها. ولا يمكن ذلك إلا بالتوافق. نحن نظامنا توافقي. وإذا لم يكن هناك توافق فلن تكون هناك حكومة» آملا في «ألا تطول عملية التشكيل». وأكد أن «الرئيس الحريري هو المؤهل الوحيد ليكون رئيسا للحكومة».

كما زار رئيس الحكومة المكلف، الرئيس السابق نجيب ميقاتي الذي تمنى له «التوفيق في مهمته الجديدة التي تتزامن مع تحديات كثيرة، على الصعد الداخلية والإقليمية والدولية». وقال «أعربت له عن أملي في أن يتمكن من تشكيل حكومة تسهم، من خلال تركيبتها، بإعادة الوحدة والثقة بين اللبنانيين أنفسهم والتي اهتزت، ويا للأسف، بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، وكذلك تعيد الثقة العربية والدولية بقدرة هذا البلد على النهوض من الكبوات التي يتعرض لها من حين إلى آخر». وأضاف «لعل مثل هذه المسؤولية الوطنية الدقيقة تفرض أن تكون الحكومة متماسكة ومتضامنة ومنسجمة، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة أن تجسد في تركيبتها الإرادة الوطنية الجامعة، وتعطي للشراكة الوطنية معناها الإيجابي المتفاعل والمتكامل والعادل، لأنه من دون هذه الشراكة الإيجابية لن يكون في مقدور لبنان أن يواجه التحديات المرتقبة على أكثر من صعيد».

وطالب ميقاتي «القيادات السياسية الفاعلة والقادرة في البلاد، بالمشاركة في إعادة بناء الدولة على أسس ثابتة وفاعلة، من خلال تسهيل مهمة الرئيس المكلف وعدم وضع الشروط التعجيزية والعراقيل التي يمكن أن تؤخر تأليف الحكومة الجديدة». ورأى أن «اعتماد مبادئ العدالة والتوازن والتمثيل الواقعي في تشكيل الحكومة الجديدة يحقق للبنانيين ما يريدونه من توافق وتضامن بين كل الأفرقاء الذين التقوا تحت سقف اتفاق الطائف. وهناك اليوم حاجة ملحة لتطبيق اتفاق الطائف وضرورة وطنية، بل حاجة ملحة لحماية لبنان وبقائه وطن الدور والرسالة في محيطه والعالم».

واختتم الحريري جولته بزيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة عند الخامسة عصرا. وصرّح، عقب اللقاء «غدا تبدأ المشاورات النيابية. غدا تبدأ ورشة العمل لنبدأ بإنجاز حكومة تقوم بالأعمال المطلوبة. نريد فتح صفحة جديدة فغدا يوم جديد». وعن الفرق بين عدد الأصوات التي نالها (86 صوتا) حين سمي رئيسا للوزراء، والأصوات التي نالها رئيس البرلمان نبيه بري (90 صوتا)، قال الحريري «ليس مهما عدد الأصوات، فما يريد أن يسمعه الناس هو إيجاد فرص عمل للشباب والشابات وفرص للاستثمارات لمواجهة أي تحديات يمكن أن تواجهنا. نريد طي صفحة الانقسامات والانتهاء منها ونريد وحدة الوطن لأن التحديات كبيرة».