زوج رئيسة الأرجنتين يستعين ببرنامج ترفيهي.. في حملته الانتخابية

خسارته في معركة الكونغرس قد تنعكس سلبا على الحكومة

TT

في الدقائق الأخيرة من برنامج «شو ماتش»، وهو برنامج ترفيهي يحظى بشعبية كبيرة يبثه التلفزيون الأرجنتيني، تمكّن مضيف البرنامج مساء الخميس في النهاية من الاتصال بنيستور كيرشنير، الرئيس الأرجنتيني السابق والمرشح الحالي للكونغرس. وقد تم التمهيد للمفاجأة خلال أكثر من 90 دقيقة، حيث كان عنوان الحلقة «هل سيأتي نيستور؟» وكان يذهب المضيف مارسلو تينلي من حين لآخر إلى الشارع لينظر هل هناك إشارات على موكب كيرشنير. ومع اقتراب البرنامج من الانتهاء، اتصل تينلي بكيرشنير في المسكن الرئاسي الذي يعيش فيه مع زوجته رئيسة الأرجنتين الحالية كرستينا فيرنانديز دو كيرشنير. وسأل كيرشنير مازحا: «ما الذي حدث لك ويجعلك تتصل بي في هذه الساعة يا مارسلو؟» ولمدة أيام كان هناك كلام عن ظهور كيرشنير في إطار محاولات اللحظة الأخيرة لجذب الناخبين وربما الحفاظ على المستقبل السياسي لعائلته كيرشنير في انتخابات الكونغرس، التي تجري اليوم. ومع ندرة التلفزيون السياسي في الأرجنتين ورفض كيرشنير أن يناظر منافسيه، فإن المشهد الهزلي السياسية ببرنامج «شو ماتش» قد يكون ملأ فراغا. وفيما يقول المحللون إنها إشارات أبعد إلى اليأس، حثت آل كيرشنير العشرات من أعضاء مجلس المدينة وحتى دانيل سسيولي، حاكم بوينس آيرس على الدخول على بطاقتهم كـ«مرشحين تقديريين»، لا يتوقع أن يتولوا بالفعل مناصبهم إذا فازوا، وهي ممارسة لم يتم الطعن عليها في الأرجنتين. ويقول غارسيلا رومر، وهو محلل سياسي في بوينس آيرس: «هذه واحدة من أكثر الحملات الانتخابية التشريعية التي لا معنى لها في هذه البلاد، فهذه حملة شنت بالكامل تقريبا من خلال برنامج تينلي». ويخوض كيرشنير الانتخابات على مقعد بالغرفة الدنيا بالكونغرس على بطاقة الحزب البيروني في محافظة بوينس آيرس المهمة. وطبقا للنظام الانتخابي المعقد الذي يطبق، فإنه يحتاج لأن يكون الأول بين المرشحين من المحافظة كي يتجنب خسارة مهينة سوف تضع نهاية للحظوظ السياسية لزوج كانت لديهما آمال في تقاسم السلطة لمدة 12 عاما متواصلة. ويدخل كيرشنير السباق ضد فرانسيسكو دو نارفيز، وهو عضو ثري بالكونغرس ومن مواطني كولومبيا. ويعتمد كيرشنير على دفعة من الضواحي الفقيرة داخل العاصمة لكي تعطيه انتصارا بسيطا في المحافظة التي سوف تساعد على معادلة ما يتوقع أن يكون هزيمة كبيرة لحزبه في المحافظات الريفية المهمة مثل ميندوزا وكوردوبا، حيث لا تحظى عائلة كيرشنير بشعبية كبيرة بين المزارعين بسبب سياسات الضرائب الزراعية التي اتبعوها. ويتوقع محللون سياسيون أن الحزب البيروني سوف يفقد السيطرة على مجلس الشيوخ للمرة الأولى خلال عقود، وأنه سوف يخسر نحو 15 مقعدا داخل الغرفة الدنيا من الكونغرس أيضا. ولكن، يمكن أن تعني النهاية بالمركز الثاني بالنسبة لكيرشنير نهاية السلالة السياسية الحاكمة التي يقول بعض المحللين إنها تعيش بالفعل معتمدة على داعم للحياة، في الوقت الذي تكابد فيه الرئيسة كيرشنير من أجل الحصول على أكثر من 30 في المائة في معدلات القبول خلال استطلاعات الرأي. ويعتقد على نطاق واسع أن كيرشنير، الذي يترأس رسميا الحزب البيروني، مشارك بدرجة كبيرة في إدارة الحكومة. ويقول دانيال كيرنر، وهو محلل في مجموعة أوراسيا التي تقدم استشارات عن المخاطرة السياسية: «ستكون خسارة كيرشنير كارثية بالنسبة للحكومة، بغض النظر عن النتيجة في باقي البلاد. ومن الواضح أن قدرة الزوجين التنافسية في الانتخابات الوطنية تتلاشى».

وقد دفعت السيدة كيرشنير الكونغرس كي يقدم الانتخابات بأربعة أشهر عن التاريخ المعتاد في أكتوبر (تشرين الأول)، قائلة إن هذا الإجراء سوف يساعد على تجنب ظروف اقتصادية أسوأ في البلاد بسبب الأزمة المالية العالمية. ولكن يقول محللون إن هذا التغير كان يهدف إلى مفاجأة المعارضة من دون أن تستعد.

لكن من الغريب أن دو نارفاز ربما يكون استفاد من تصويره على «شو ماتش» كشخص يدلي بطرف. وقد ظهر في البرنامج، حيث أظهر مهارته الراقصة وقلد شخصا يحاكيه في البرنامج، وكان ناجحا، حسب ما يقوله محللون. وكان برنامج تينلي، الذي يبث منذ 20 عاما، البرنامج الأكثر شعبية في الأرجنتين. ولا يوجد شبيه بـ«ساترداي نايت لايف» أو «ذي ديلي شو» يقدم هزلا سياسيا في الأرجنتين، والبرامج الحوارية السياسية تبث حصريا على التلفزيون الأرضي، الذي يتمتع بعدد صغير من المشاهدين نسبيا. ويقول كيرنر: «على عكس الولايات المتحدة، لا يوجد لديك سياسيون يتحدثون بجدية في أماكن أخرى، وفي الأرجنتين نجد أن السياسة تتعلق بالشعبية والظهور».

وقد جعل تينلي من الصعب على السياسيين تجاهل برنامجه بعد أن أحيا مشهدا هزليا يدعى «غران كونادو»، الذي يعرض أكثر من اثني عشر ممثلا يحاكون سياسيين أرجنتينيين في مواقف تثير الغضب. ويجري بصورة ثابتة حذف هذه المشاهد حتى يُترك ممثل واحد واقف. وقد دفع الجزء بالبرنامج إلى معدلات أعلى. وقال تينلي في مقابلة: «لم نتوقع أبدا أن يكون لديه هذا الأثر الكبير وأن نحظى بمثل هذا الجمهور، لقد كانت مفاجأة بحق».

واشتكى وزير العدل الأرجنتيني أنيبال فرنانديز الشهر الماضي من أن تصوير السيدة كيرشنير في «شو ماتش» كان قاسيا. وقام الممثل الكوميدي مارتين بوسي بتصوير السيدة كيرشنير على أنها امرأة مرتبكة دائما تنهض من فراشها في الصباح عليها الكثير من الملابس وتضع الكثير من الماكياج. وإذا انتخب كيرشنير، ربما يكون عليه أن يشكر فردي فيلاريل، الممثل الذي جسده في البرنامج. وقد ساعد التجسيد المرح، حيث يظهر الرئيس السابق كثيرا على تليفونه الجوال، يتحرك سريعا ناحية الجمهور أو يشتكي من المعاملة السيئة من جانب الإعلام والمعارضة السياسية، على التلطيف من صورته المولعة بالقتال بالنسبة للملايين من الأرجنتينيين. ويوم الخميس الماضي، وقف فيلاريل إلى جانب تينلي خلال مكالمة تليفونية مع كيرشنير، وكان من حين لآخر يميل ليحصل على تأكيد أنهم سوف يفوزون يوم الأحد. «نيستور، يجب أن تصنع لي نصبا تذكاريا»، هكذا قال فيلاريل لكيرشنير. وقال كيرشنير: «الانتخابات تقول ذلك يا فريدي، نحن نفوز، وبالتأكيد سوف نفوز». وطلب كيرشنير من تينلي أن يرسل إليه الممثل الذي حاكاه كي يقدم له يد العون يوم الانتخابات، قائلا:«أرسله إلي، هذا هو الوقت الذي احتاجه فيه».

* خدمة «نيويروك تايمز»