رفسنجاني مع مراجعة «نزيهة» للشكاوى.. وكروبي ينضم لموسوي في رفض لجنة اقترحتها السلطة

خامنئي واصفا انتقادات قادة غربيين لإيران بـ«الحمقاء»: يتحدثون وكأن مشاكلهم قد حلت.. ولم يبق غير إيران

فايزة ابنة هاشمي رفسنجاني تحضر احتجاجات انصار موسوي أمس (رويترز)
TT

في خطوة جديدة توضح مدى الانقسام السائد في أركان النظام الإيراني، دعا الرئيس الإيراني الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي خرج عن صمته للمرة الأولى منذ الانتخابات، إلى مراجعة نزيهة ومتمعنة في الشكاوى المتعلقة بالانتخابات المختلف عليها، والتي جرت في 12 يونيو (حزيران) الحالي، في وقت اتسعت فيه دائرة الرافضين للجنة التي اقترحتها السلطات للنظر في الشكاوى، فقد حذا المرشح الإصلاحي للانتخابات الرئاسية مهدي كروبي، أمس، حذو المرشح مير حسين موسوي ورفض العمل مع اللجنة المعنية. وفي اتجاه آخر انتقد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، الزعماء الغربيين، أمس، بسبب «تصريحاتهم الحمقاء» بشأن الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل، حسب التلفزيون الرسمي.

ونقلت وكالة أنباء الطلبة عن رفسنجاني قوله في اجتماع في طهران «آمل أن ينظر المعنيون لقضية الشكاوى بنزاهة وتعمق بالطرق القانونية». ووصف رفسنجاني التطورات التي أعقبت الانتخابات بأنها مؤامرة حاكتها عناصر مشبوهة تهدف إلى شق صفوف الشعب والمؤسسة الإسلامية كما تستهدف ضرب ثقة الناس بالمؤسسة. وأضاف «أينما دخل الشعب الصورة بكامل انتباهه تخيب مثل هذه المؤامرات».

وأشاد رفسنجاني بقرار خامنئي الأسبوع الماضي بتمديد المهلة الخاصة بتلقي الشكاوى ونظرها. وقال أمام اجتماع لأهالي ضحايا تفجير 1981 في طهران الذي راح ضحيته عدد كبير من كبار المسؤولين «هذه الخطوة القيمة التي قام بها الزعيم الأعلى من أجل جذب ثقة الناس نحو العملية الانتخابية كانت مؤثرة للغاية». وأضاف «آمل أن ينظر المعنيون بهذه القضية بنزاهة وتعمق في الشكاوى القانونية». واعتبر هاشمي رفسنجاني الانتخابات الصحيحة بأنها ساحة لتعزيز التضامن والتعاون وتبديل المنافسة إلى صداقة بعد الانتخابات وقال: لا ينبغي أن يؤدي سوء الأداء إلى تأجيج الأحقاد والفرقة بين المواطنين، وعلينا جميعا العمل في ظل التضامن والتعاون لإزالة العقبات والمشاكل. ومن المقرر أن يصدر مجلس صيانة الدستور حكمه النهائي بشأن الانتخابات اليوم.

من جهته طالب كروبي بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في العملية الانتخابية برمتها، رافضا بذلك اللجنة التي اقترحت السلطة تشكيلها، في رسالة نشرتها صحيفة «اعتماد ملي» أمس. وقال كروبي، الذي يحتج مع مير حسين موسوي ومحسن رضائي على شرعية الانتخابات في صحيفة «اعتماد ملي» «في حال شكل مجلس صيانة الدستور لجنة مستقلة تتمتع بكامل الصلاحيات للتحقيق في جميع جوانب الانتخابات، فسوف أقبل بها». مشيرا إلى أنه يعترض على بعض أعضاء هذه اللجنة ويصفهم بأنهم منحازون.

وكان مجلس صيانة الدستور، التابع للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، أمهل المرشحين الثلاثة أول من أمس 24 ساعة لتعيين ممثل عنهم في اللجنة التي شكلها للنظر في الطعون. غير أن موسوي رفض أي مشاركة فيها فيما أعلن رضائي أنه لن ينضم إليها إلا في حال مشاركة المرشحين الآخرين. ورسميا أعيد انتخاب أحمدي نجاد بنسبة 63% من الأصوات مقابل 34% لموسوي و1.7% لرضائي و0.8% لكروبي. ومن المفترض أن يؤكد المجلس هذه النتائج بحلول اليوم. وأوضح كروبي «أن بعض السادة في هذه اللجنة سبق أن اتخذوا مواقف منحازة»، داعيا إلى تشكيل لجنة «مستقلة يكون أعضاؤها أكثر اعتدالا». وكان رد فعل موسوي أكثر تشددا مساء أول من أمس، إذ أعلن أن لجنة «يعينها مجلس (صيانة الدستور) لا يمكنها التوصل إلى حكم منصف». ويطالب موسوي بتنظيم انتخابات جديدة.

ويطالب كروبي خصوصا بأن يتم النظر في شروط المصادقة على الترشيحات للانتخابات الرئاسية. وكان مجلس صيانة الدستور صادق على أربعة ترشيحات فقط من أصل 446 شخصا طلبوا تقديم ترشيحهم. ويطالب كروبي أيضا بالنظر في «المخالفات التي حصلت خلال الحملة الانتخابية والمخالفات يوم الانتخابات والمخالفات في الإعلان عن النتائج». وحول هذه النقطة الأخيرة أكد مستشار لرضائي، عطاء الله محرابي، عن حصول شوائب في الإعلان عن النتائج الجزئية في 13 يونيو (حزيران) غداة الانتخابات. وكشف أن رضائي «نال صباحا 630 ألف صوت من أصل الثلاثين مليون صوت التي أدلى بها الإيرانيون وخسر منها بعد الظهر 60 ألفا من 34 مليون صوت» بحسب وكالة مهر. ويطالب كروبي أيضا بـ«التدقيق في (لوائح الشطب) للذين صوتوا بالمقارنة مع سجلات النفوس» لكشف أي تلاعب بالأرقام. وفي الأيام التي تلت الانتخابات طالب رضائي، لكن بدون جدوى، بتفاصيل الأصوات عبر كل مكتب اقتراع. كما يؤكد كروبي أخيرا أن «غالبية المناطق سجلت مشاركة تفوق 90%».

إلى ذلك انتقد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي الزعماء الغربيين، أمس، بسبب «تصريحاتهم الحمقاء» بشأن الانتخابات الرئاسية. وقال في تصريحات في اجتماع مع مسؤولين قضائيين نقلها التلفزيون الرسمي، إن «بعض المسؤولين الأوروبيين والأميركيين بتعليقاتهم الحمقاء عن إيران، يتحدثون وكأن مشاكلهم قد حلت ولم يبق سوى قضية إيران وحدها أمامهم». وندد بتلك التصريحات ووصفها بـ«سخيفة» و«تمثل تدخلا» من جانب مسؤولين غربيين.

وقال خامنئي «إذا كان هناك إجماع واتفاق في الأمة وبين المسؤولين الإيرانيين فلن يكون هناك آنذاك أثر لإغراءات الحاقدين الدوليين والساسة المتدخلين الوحشيين». وأضاف «بالإعراب عن آراء سخيفة بشأن إيران فإنهم يتحدثون بطريقة كما لو كانت جميع مشاكلهم قد حلت وأنه لم يتبق سوى مشاكل إيران». وكان الرئيس الإيراني يتحدث بعد يوم من إشادة نظيره الأميركي باراك أوباما بشجاعة الإيرانيين الذين احتجوا على الانتخابات في وجه ما وصفه بالعنف «الشائن».

وأكد خامنئي أن «الشعب الإيراني ذكي وصاحب تجربة» وأشار إلى أن «دعم أميركا وبعض الحكومات الأوروبية للبعض في الداخل سيعود بنتيجة عكسية عليهم». وأشار إلى «الجرائم والممارسات الوحشية التي تقوم بها الإدارة الأميركية وحكومات بعض الدول الأوروبية بحق شعوب أفغانستان والعراق وباكستان وفلسطين». وأوضح أنه في حال الحفاظ على الوحدة وروح الصلابة التي منحتها الثورة الإسلامية للشعب الإيراني فإن عداء الأعداء لن يجديهم نفعا وليس بإمكانهم إطلاقا المساس بهذا الشعب» وقال خامنئي إن «حل القضايا ممكن بالطرق القانونية وإن على جميع النخبة والنشطاء والتيارات السياسية من الجانبين تحاشي أي تحريض للمشاعر وإرباك وحدة الشعب». وأضاف «إن الحضور الواسع للمواطنين عند صناديق الاقتراع مؤشر لثقتهم بالنظام الإسلامي».