حالة من الترقب في 3 محافظات عراقية ساخنة

ديالى تتطلع للهدوء.. والموصل تراودها شكوك.. وكركوك تعيش جوا من الشائعات

جندي عراقي يفتش أحد المواطنين عند نقطة تفتيش في البصرة أمس (رويترز)
TT

لعل محافظتي ديالى، مركزها بعقوبة، ونينوى، مركزها الموصل، تعدان من أكثر المحافظات العراقية التي شهدت توترات أمنية مستمرة بالرغم من العمليات الأمنية المتكررة التي شهدتها المدينتان، غير أن مشاعر السكان تباينت إزاء انسحاب القوات الأميركية من مدن المحافظتين. فبينما يشعر أهالي الموصل بعدم جدية الانسحاب وأنهم ما زالوا يشاهدون قطعات الجيش الأميركي ليل نهار في شوارعهم، يقول أهالي محافظة ديالى إن الانسحاب سيوفر لهم أجواء من الهدوء بعد سنوات من المواجهات والعمليات العسكرية. أما محافظة كركوك فإن سكانها من العرب والتركمان يشعرون بالقلق من أن الانسحاب سيتيح الفرصة أمام قوات الأمن الكردية والبيشمركة الموجودة في الضواحي القريبة لتشديد قبضتها على المدينة. ويقول علي المياحي من أهالي مدينة بعقوبة إنه سعيد بخروج القوات الأميركية من مدينته، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الانسحاب الأميركي سيسحب البساط من تحت أقدام المسلحين الذين يتحججون بوجود الأميركيين ويقومون بالتفجيرات وزرع العبوات الناسفة باعتبارهم من المقاومة».

وأشار مصدر أمني من المحافظة إلى أن استعراضا عسكريا جرى أمس احتفالا بخروج القوات الأميركية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن قطعات الجيش والشرطة شاركت في هذا الاستعراض.

وحول الأماكن التي وجدت بها القوات الأميركية والتي ستوجد فيها مستقبلا، قال المصدر إن «أغلب القواعد كانت في بلدتي التحرير وبهرز ثم انسحبت إلى شرق وشمال بعقوبة وستكون الآن في قاعدة بني سعد وخانقين وهي ستكون على بعد 3 كيلومترات فقط عن المدينة، إضافة إلى أن الأميركيين سيوجدون كضباط مهندسين ومدربين بشكل دوري داخل مبنى الإدارة المحلية في المحافظة ولكن ليسوا بالصفة العسكرية».

وفي محافظة نينوى كانت الأجواء مختلفة على الرغم من تأكيدات اثيل النجيفي لـ«الشرق الأوسط» بأن القوات الأميركية لن تبقي في المحافظة إلا بعضا من ضباطها للتدريب ولمهمات هندسية ومعالجة المتفجرات، فقد بدا سكان الموصل متشككين بحقيقة الانسحاب. وقال عمر عبد الستار، من أهالي المدينة، إن للأميركيين خمس قواعد في المحافظة عموما وسيستقرون في مطار الموصل، مشيرا إلى أنه شاهد بأم عينه الارتال الأميركية لغاية أمس وهي قادمة من محافظة اربيل باتجاه الموصل.

وقال إن الموصل تعد من أكثر المدن التي عانت من العمليات الإرهابية لكنه غير متأكد من خروج القوات بعد وهو بانتظار حلول الأربعاء أو الخميس ليحدد موقفه من الانسحاب. ويخشى أهالي الموصل من فرض حظر على التجوال، وتجمع أهالي المدينة أمام المخابز ومحطات الوقود استعدادا لاحتمالية أن يفرض الحظر، الأمر الذي نفاه قائد ميداني في الشرطة وقال «لن يكون هناك حظر بل احتفال بيوم خروج القوات». ويشكك الكثير بقدرة القوات العراقية على إدارة الملف الأمني لمدينة الموصل بالتحديد التي تعتبر آخر معاقل تنظيم القاعدة في العراق. وأعلنت الشرطة العراقية أمس مقتل خمسة من عناصرها وأحد عناصر الأمن الكردية بانفجار سيارة مفخخة كانوا يحاولون تفكيكها في منطقة الحمدانية في الموصل شمال العراق.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني أن «قوات الشرطة عثرت على سيارة مفخخة داخل مرآب للسيارات في منطقة الحمدانية (شرق الموصل)، بعد حصولها على معلومات استخباراتية».

وفي كركوك، تباينت المواقف  في الأوساط الرسمية والشعبية بخصوص الانسحاب فهناك من يعتقد بأن انسحاب الأميركيين من مركز مدينة كركوك رغم تواضع وجودهم، سيتيح الفرصة أمام قوات الأمن الكردية والبيشمركة الموجودة في الضواحي القريبة، لتشديد قبضتها على المدينة وتعزيز وجودها فيها.

وقال المواطن التركماني عماد الدين بهاء الدين الصالحي إن «الانسحاب الأميركي أمر مفرح كونه يعزز من سيادة الحكومة العراقية على التراب العراقي ولكن توقيته غير مناسب الآن وخصوصا في كركوك إذ إن الأوضاع الأمنية فيها ليست مستتبة كما ينبغي لا سيما في ظل تأرجح كفة القوة لصالح الأحزاب الكردية»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه «كان على الحكومة أن تعزز من وجود الجيش العراقي في كركوك وضواحيها قبل الانسحاب، لأن غياب تلك القوات عن الساحة سيسبب هوة أمنية واسعة قد يستغلها البعض من الجهات السياسية لصالحه على حساب أبناء القوميات الأخرى وخصوصا التركمان». غير أن الصحافي الكردي، فريق حبيب توفيق قال إن هناك «الكثير من الشائعات المغرضة في الأوساط الشعبية في كركوك تهول من الأمور وتصور للبسطاء احتمالات حدوث كوارث بعد الانسحاب الأميركي من المدينة». ومن جانبه، قال راكان سعيد الجبوري، نائب محافظ كركوك، لـ«الشرق الأوسط» «إن قوات الجيش والشرطة العراقية هي الآن في حال استنفار كبير بأوامر من قياداتها تحسبا لأي طارئ، وقد اتخذت السلطات المعنية في المحافظة كافة التدابير الأمنية اللازمة لحفظ الأمن والاستقرار في المحافظة.

وحول أماكن وجود القوات الكردية من البيشمركة والاسايش قال الجبوري «تلك هي معضلة كركوك الحقيقية والتي ينبغي أن نجد لها حلا عقلانيا وحكيما، فنحن لدينا ملاحظات حول وجود تلك القوات منذ اليوم الأول ولكن علينا أن نجد حلا لها بهدوء تام».

ولم يخف الجبوري تخوف الشارع وخصوصا الأوساط الشعبية من اندلاع مشاكل عرقية في المدينة بعد الانسحاب الأميركي، وقال «هذه المخاوف تنتاب الكثيرين في الشارع ولكننا نحاول السيطرة على الأمور بروية».