مشاورات الحريري تسفر عن اتفاق على «حكومة شراكة».. وخلاف على مستوى التمثيل

جنبلاط يدعو الكتل النيابية في لبنان إلى تسريع قيام الحكومة «من دون تعطيل»

TT

استمع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، سعد الحريري، أمس، إلى «وجهة نظر» الكتل البرلمانية والنواب في شكل الحكومة وتركيبتها، والتي أثمرت عن شبه إجماع على ضرورة أن تكون حكومة شراكة بين المعارضة والأكثرية، مع اختلاف في مستوى التمثيل الذي طالبت بعض القوى المعارضة بأن يكون نسبيا، أي وفقا لعدد مقاعدها في البرلمان. فيما برز تشدد الأكثرية في مسألة «التعطيل» ورفض «الثلث المعطل».

وكان الرئيس المكلف استهل صباحا استشاراته النيابية غير الملزمة لتشكيل الحكومة بلقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ثم نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، الذي رأى أن «وجود دولة الرئيس سعد الحريري في رئاسة الحكومة يمكن أن يشكل قيمة مضافة كبيرة على المستوى الوطني، ويمكن أن ينتقل بالبلد إلى مرحلة تنشيط وإنجاز وإنتاج، وإلى ورشة حقيقية بتأليف حكومة تتسم بالانسجام والفاعلية، وفي الوقت نفسه تراعي معايير المشاركة والوفاق الوطني، وتولي حقوق الشباب اللبناني، وأولها حق تمثيلهم تمثيلا جديا فيه» مشيرا إلى أن اللبنانيين «يتوقعون من الرئيس الحريري أن يقود حكومة تتعاون مع رئيس الجمهورية ومجلس النواب لاستكمال عملية الإصلاح، ولتوفير عوامل الحصانة المالية والمناعة النقدية والنمو الاقتصادي والتنمية على كل المستويات». ورأى أن «الناس لا يريدون حكومة تناحر، بل حكومة تعاون. ولا يريدون حكومة يكون فيها فريقان أو أكثر، بل حكومة يكون كل أعضائها، على تنوع انتماءاتهم، فريق عمل واحدا يحقق النتائج». واستقبل الرئيس المكلف بعد ذلك نواب كتلة «التنمية والتحرير» برئاسة الرئيس بري. وأشار الأمين العام للكتلة النائب أنور الخليل إلى أن الكتلة كررت مطالبتها بتشكيل حكومة وحدة وطنية وتأكيد ضرورة تقوية الجيش واحتضان المقاومة، مؤكدا على «ضرورة وضع قانون للانتخابات يكون عادلا وشاملا ويأخذ في الاعتبار النسبية».

ثم استقبل الحريري كتلة نواب «تيار المستقبل». وأعرب النائب سمير الجسر عن رغبة الكتلة في تسهيل مهمته إلى أقصى حد «لكن في الوقت نفسه أن يكون هناك تمثيل صحيح لكتلة تيار المستقبل وتوجهاتها». فيما طالب النائب العلوي في الكتلة بدر ونوس بتمثيل الطائفة العلوية بمقعد وزاري «إذا كان هناك من إمكان».

واستقبل بعد ذلك نواب كتلة «التيار الوطني الحر» برئاسة العماد ميشال عون، الذي قال «نعرف جميعا ما يحاك حاليا وما نواجهه من خطر إسرائيلي وأزمة مفتوحة معها، خصوصا بعد خطاب بنيامين نتنياهو الشهير، وبعد تدخلاته يوم أمس حول دخول حزب الله في الحكومة والتحرش السياسي القائم حاليا في لبنان. وبالطبع الوضع يتطلب إقامة حكومة وحدة وطنية للحم كل الفئات اللبنانية بعضها ببعض في المواجهة، ولكي تكون الوحدة الوطنية متينة وقوية يجب أن تتمثل فيها التكتلات النيابية بحجمها الطبيعي. ويترتب على الأكثرية أن تكون متفهمة لهذا الوضع إذا كانت فعلا تريد المصلحة الوطنية الحقيقية للبلد، لأن من معه لا نريده أن يعطي مما معه، أي من حسابه، إنما يجب أن يعطى الآخر حقوقه حتى تكون الشراكة منصفة» متمنيا على الجميع أن «يتطلعوا بإيجابية إلى موضوع تأليف الحكومة، ويمكن الانتهاء من هذا الأمر بسرعة».

ثم استقبل الرئيس المكلف كتلة نواب «الوفاء للمقاومة» برئاسة النائب محمد رعد الذي قال «إن البلاد في حاجة ماسة في هذه المرحلة إلى حكومة وفاق وطني وشراكة حقيقية». وأضاف «عرضنا موقفنا مفصلا في هذا الشأن. واعتبرنا من ناحية أخرى أن أولوية الحكومة المرتقبة هي رفع مستوى اليقظة والجهوز لمواجهة الأخطار والتهديدات الإسرائيلية المتمادية والمشاريع التي تريد إخضاع لبنان والمنطقة كما تريد إسقاط حق العودة للشعب الفلسطيني». وردا على سؤال، أفاد «طرحنا تفصيلا الشأن الحكومي وتركناه في عهدة الرئيس المكلف لنواصل البحث معه».

والتقى الحريري كتلة «التوافق الأرمني» التي تحدث باسمها النائب جان أوغاسبيان، الذي شدد على أن «الظروف تقتضي تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن». وقال «إن الانتخابات النيابية أنتجت أكثرية وأقلية ويجب أن يؤخذ في الاعتبار هذا الأمر عند تشكيل الحكومة. كذلك هناك دور أساسي هو دور الحكم ودور ريادي لفخامة رئيس الجمهورية في موضوع الأحجام والنسب داخل الحكومة العتيدة. وأملنا كبير في تذليل كل العقبات والحواجز بسرعة كبيرة من أمام هذه الحكومة».

أما النائب ميشال المر فقد أوضح أنه طلب من الحريري أن تكون التشكيلة «حكومة وحدة وطنية تضم جميع الأفرقاء، لأن الظروف الداخلية والإقليمية والدولية التي نمر فيها تتطلب قيام حكومة وحدة وطنية».

أما كتلة «زحلة بالقلب» برئاسة النائب نقولا فتوش فقد رأت أن «لها الحق بأن تكون ممثلة وفقا لما تتمتع به من طاقات وإمكانات علمية ووطنية وإنسانية تنهض بالمنطقة لما فيه خير لبنان».

وطالبت كتلة «لبنان الحر الموحد» التي يرأسها النائب سليمان فرنجية، بأن «تكون شراكة المعارضة فعلية في هذه الحكومة وأن يكون لديها الثلث الضامن». وقال فرنجية «يجب أن يكون لدينا نسبة وزراء بحجم التكتلات». ولفت في الوقت عينه، إلى «أن المعارضة لديها بعض الهواجس والخوف، وعلى الرئيس المكلف الحريري أن ينفتح أكثر عليها لنصل إلى الثقة» معتبرا «أن الحريري هو في مرحلة تشبه مرحلة مجيء والده الذي استوعب كثيرا وضحى كثيرا ليتمكن من الحصول على إجماع وطني حوله». وطالب وزير الشباب والرياضة، النائب طلال أرسلان، باسم كتلة «وحدة الجبل» بـ «حكومة وحدة وطنية حقيقية وجدية وشراكة وطنية حقيقية وجدية في البلد». وقال «هذه الحكومة ضرورية خاصة لأن من يتولى هذه الحكومة سعد الحريري بالاسم بما ترمز إليه هذه التسمية في البلد، وخاصة في ظل هذا الظرف العصيب على المستوى الإقليمي والدولي».

وشدد عضو كتلة «الكتائب» النائب سامي الجميل، على أنه «لا يمكن أن تكون الحكومة إطارا مصغرا لمجلس النواب ولا يمكن تمثيل مجلس النواب داخل الحكومة، بل على الأكثرية أن تحكم». وقال «رأينا جميعنا نتائج الثلث المعطل. لذلك ندعو إلى تشكيل حكومة منسجمة مع ذاتها». ورفض أي تشريع لسلاح المقاومة. ودعا للاتجاه نحو حلحلة هذا الموضوع وتسليم السلاح إلى الدولة. وطرحت كتلة «الأحزاب الوطنية والقومية» التي تضم حزبي البعث والقومي بـ «حكومة وفاق وطني موسعة لتعزيز الاستقرار في لبنان».

ومن خارج قاعة مجلس النواب، دعا جنبلاط في موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء» إلى «الإسراع في تأليف حكومة وحدة وطنية تتمتع بتمثيل سياسي عريض يرتكز على قاعدة المشاركة بعيدا عن حدي التفرد أو التعطيل بما يمكن الحكومة الجديدة من محاكاة كل المصاعب الآتية على المستويات المختلفة».

وقال «قد تستخدم إسرائيل أية ذريعة أو حتى أنها قد تختلق أو تفتعل ذرائع مصطنعة لتبرير أي هجوم تخطط له ضد لبنان واللبنانيين لتفريغ حقدها التاريخي ضد التجربة اللبنانية المتنوعة في مواجهة تجربتها الأحادية التي تريد تكريسها عبر إقرار نظرية يهودية دولة إسرائيل بحيث تحصل موجة تهجير جديدة لفلسطينيي 1948. من هنا، فإن مسؤولية كل القوى السياسية تسهيل مهمة الرئيس المكلف تأليف الحكومة الجديدة وعدم وضع الشروط التعجيزية في طريق تأليفها أو عبر المطالبة بأحجام تمثيلية خيالية أو حتى عبر ابتداع نظريات التمثيل الوزاري النسبي الذي لم يكن مرة معتمدا في لبنان عند تشكيل الحكومات». وكان جنبلاط دعا عقب لقائه الحريري إلى «أن لا تحصر حصص الفرقاء السياسيين والمواطنين في الفرقاء الحزبيين». وقال «عندما عدنا إلى الانتخابات اعتمدنا أن يبقى التنوع بعيدا عن الحزبية قبل كل شيء. البعض لم يحترم هذا الأمر فغلبت الحزبية على التنوع. لذلك فقدنا رفاق أعزاء في بعبدا والشمال والمتن الشمالي وغيرها. ونتمنى اليوم أن لا نعود إلى الغلطة نفسها فتغلب الحزبية على الانفتاح».