الجيش يوقف 8 أشخاص ويطارد العشرات ودعوة لإعلان بيروت «مدينة آمنة» للجميع

الحريري بحث التداعيات مع قائد الجيش اللبناني

TT

استأثرت الحوادث الأمنية، التي وقعت في أحياء عدة من بيروت الغربية ليل أول من أمس وأودت بحياة امرأة وأوقعت عددا من الجرحى، باهتمام الأجهزة الأمنية والقضائية لجهة توقيف مفتعلي هذه الحوادث وملاحقة ومطاردة المتورطين فيها والمخلين بأمن العاصمة ومروعي سكانها الآمنين. كما حظيت بمتابعة سياسية على أعلى المستويات.

وأفاد مصدر قضائي بارز أن «عمليات الدهم والمطاردة التي ينفذها الجيش منذ وقوع الإشكالات أسفرت عن توقيف ثمانية أشخاص ممن شاركوا في إثارة الشغب وقطع الطرقات وأطلقوا النار. وقاوموا عناصر الجيش بالعنف وروّعوا السكان الآمنين».

واستقبل الرئيس المكلف تأليف الحكومة، سعد الحريري، بعد ظهر أمس، قائد الجيش العماد جان قهوجي، يرافقه نائب مدير المخابرات العميد عباس إبراهيم، وبحث معهما الإجراءات التي يتخذها الجيش والقوى الأمنية لضبط الأمن في بيروت بعد الحوادث التي شهدتها ليل أول من أمس. وشدد الرئيس المكلف على «ضرورة اتخاذ أقصى الإجراءات في حق المخلين بالأمن».

وكشف عضو كتلة «المستقبل» النائب نهاد المشنوق لـ «الشرق الأوسط» عن اجتماع سيعقد صباح اليوم مع وزير الدفاع إلياس المر وظهرا مع مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، مشيرا إلى أنه سيصار إلى دعوة كل نواب بيروت من الطوائف كافة، بالإضافة إلى رؤساء الطوائف إذا أمكن للبحث في إعلان بيروت «مدينة آمنة» للجميع.

في هذا الوقت توالت ردود الفعل السياسية على ما حصل، فرأى النائب عماد الحوت أن «الحوادث الأمنية التي جرت في شوارع بيروت في اليومين الماضيين، تشكل تهديدا للسلم الأهلي ولجو الهدوء اللازم لانطلاقة جيدة بعد الانتخابات النيابية» مؤكدا أنه «ليس مقبولا أن يستباح الدم في شوارع بيروت وأن يروع الآمنون فيها». وطالب الجيش والقوى الأمنية بـ «عدم الاكتفاء بالتدخل في الإشكالات الأمنية، والمبادرة إلى منع المظاهر المسلحة في شوارع بيروت منعا نهائيا، واعتقال أي مسلح وإحالته إلى القضاء». كما طالب «القوى السياسية برفع الغطاء عن هؤلاء المرتكبين التزاما بما يطلبه المواطنون من ترسيخ للاستقرار وتسهيل تشكيل حكومة تؤمن حماية المواطنين وتعمل على تحسين ظروفهم المعيشية».

واستهجن النائب عاطف مجدلاني «استخدام لغة السلاح والعودة إلى الضغط في الشارع، في محاولة لتحقيق مكاسب سياسية على حساب دماء المواطنين وأرزاقهم». ورأى أن «الميليشيات والعصابات المسلحة التي تعتدي على الناس في بيروت لا تستطيع أن تتحرك من دون غطاء سياسي، خصوصا أن توقيت عودة الاعتداءات يتزامن مع تجدد الجدل حول اتفاق الدوحة واستمرار مفاعيله. وأخشى ما أخشاه أن يكون الهدف مما يجري، تذكيرنا بأن الإصرار على انتهاء مفاعيل الدوحة والعودة إلى روحية الدستور ستنهي أيضا التوافق على عدم استخدام السلاح في الداخل».

واعتبر النائب محمد قباني أن «ما حدث في بيروت أمر خطير» وقال «أجرينا اتصالا بمعالي وزير الداخلية وهو الآن خارج لبنان وسنجتمع بكامل الأعضاء في المجلس النيابي عن بيروت وأيضا سنلتقي بعض المسؤولين وخصوصا معالي وزير الدفاع» مشيرا إلى أن «نواب بيروت يشعرون بمسؤولية كبيرة لأن العنف والدماء والضحية التي سقطت بالأمس هي أمانة بأعناقنا جميعا ولن نقبل أن يستمر أو أن يتكرر ما حدث».

واستبعد النائب ميشال فرعون وجود رابط بين الحوادث الأمنية التي وقعت في منطقة عائشة بكار واستشارات تأليف الحكومة، واستنكر ما جرى، داعيا «إلى الحزم في معالجة الاشتباكات الأمنية وتحويل الفاعلين والمحرضين إلى القضاء».

وأدان النائب عمار الحوري، في بيان أصدره، الاشتباكات التي وقعت. وقال «لن نقبل المساواة ما بين القاتل والضحية. ولن نقبل منطق الفصل بين المدجج بالسلاح في الأحياء الداخلية لبيروت، والآمن في بيته. لم يعد مقبولا استمرار المكاتب المسلحة في الأحياء تعيث فسادا وعدوانا على الناس. ولم يعد مقبولا أن تستأذن القوى الشرعية الأمنية من الميليشيات للتدخل لحماية الناس».

بدوره اعتبر النائب هاني قبيسي «أن الأمن في لبنان وبيروت في شكل خاص، ممنوع المس به تحت أي عنوان». وإذ أدان ما جرى في عائشة بكار، دعا «الجيش والقوى الأمنية إلى اتخاذ الإجراءات والتدابير الحازمة لردع أي مخالفة تستهدف الاستقرار وأمن أهلنا في بيروت، والتي تأتي في سياق مخالف لمناخ التهدئة السياسية والانفتاح السائد في هذه المرحلة».

من جهته، قال مفتي الجمهورية اللبنانية، الشيخ محمد رشيد قباني، إن ما جرى «هو تعدٍّ على أمن البلاد والدولة يراد به تعكير أجواء تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس المكلف سعد الحريري».

وأبدى قلقه «للمشاعر التي أثارها نكء الجراح السابقة في نفوس المواطنين وألمه لما أصابهم». ودعا القوى الأمنية إلى «تحمل مسؤولياتها حيال أي خلل أمني». وطالب بـ «ملاحقة المعتدين وأخذ الإجراءات في حق الذين اعتدوا على المواطنين الآمنين».

بدوره، وصف نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ عبد الأمير قبلان، ما جرى بـ «العمل السيئ جدا». ودعا اللبنانيين إلى «نبذ الأحقاد وإزالة التشنجات التي تعيق التقارب بين اللبنانيين وعلى الدولة أن تجمع كل المشاغبين من الشوارع والأزقة وتعمل على تأهيلهم في الثكنات العسكرية حتى يتحصنوا بالعلم والمعرفة».

كذلك أدانت هيئة المحامين في حزب «الوطنيين الأحرار» أحداث منطقة عائشة بكار. ودعت الدولة والمسؤولين إلى «عدم إبقاء بيروت تحت رحمة المشاغبين والمسلحين الخارجين على القانون» مطالبة بـ«إعلان بيروت مدينة منزوعة السلاح وتكليف الجيش والقوى الأمنية مهمة مصادرة السلاح على أنواعه».