مجلس صيانة الدستور يجدد إعلان فوز نجاد.. ويعتبر المخالفات «طفيفة»

موسوي وكروبي تمسكا بموقفهما لإلغاء الانتخابات لاستعادة ثقة الشعب.. وانتشار قوات الباسيج تحسبا لمظاهرات

TT

أكد مجلس صيانة الدستور، وهو أعلى هيئة تشريعية في إيران، أمس، فوز الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 يونيو (حزيران) الحالي، بعد الانتهاء من فرز جزئي للأصوات قاطعته المعارضة، حسب ما أعلن التلفزيون الرسمي. لكن زعيم الإصلاحيين مير حسين موسوي المرشح في تلك الانتخابات، ومهدي كروبي المرشح الرئاسي الآخر، تمسكا بموقفهما الرافض لإعادة الفرز الجزئي، وقالا إن إلغاء الانتخابات «هو السبيل الوحيد لاستعادة ثقة الشعب». وانتشرت في العاصمة طهران عناصر قوات الأمن والباسيج بكثافة في الميادين العامة والشوارع تحسبا لخروج تظاهرات.

وأعاد مجلس صيانة الدستور الموكل المصادقة على نتائج الانتخابات، فرز 10% من الصناديق المختارة «عشوائيا» من مختلف أقاليم البلاد، وأعلن رئيس المجلس، آية الله أحمد جنتي، فوز أحمدي نجاد، في رسالة بعث بها إلى وزير الداخلية صادق محصولي، طبقا لما نقله التلفزيون. وقال جنتي «فيما يتعلق بالنتائج النهائية للانتخابات.. نقول إنه بعد تلقي الاعتراضات بشأن العملية الانتخابية خلال الوقت الذي خصصه القانون (10 أيام)، وبعد تمديد خمسة أيام أخرى وبعد تحقيق دقيق وشامل.. نؤكد النتائج (السابقة)». وأضاف أن «غالبية الاعتراضات لم يثبت أنها انتهاكات أو تزوير ولم تكن سوى مخالفات طفيفة تحدث في كل انتخابات وبالتالي فإنها ليست ذات أهمية، ولم يكن هناك مبرر للاعتراضات».

وتجاهل مجلس صيانة الدستور، اعتراضات المرشحين الثلاثة للانتخابات (موسوي، ومهدي كروبي، ومحسن رضائي)، الذين رفضوا المشاركة في لجنة فرز الأصوات، ومضى قدما في عملية إعادة الفرز الجزئي للنتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية المتنازع عليها، ليعلن مجددا فوز الرئيس أحمدي نجاد. وقالت وكالة أنباء «فارس» أمس، إن عمليات إعادة الفرز الجزئية الأولى للأصوات لم تبرز أي تغيير في الأرقام الأصلية. وأضافت أن التعداد الذي بدأ صباح أمس في مدن كاراج (شمال)، كرمان (جنوب) ونهباندان (شرق)، ساربيشه (شرق)، باب السار (شمال)، أفاد أن النتائج لم تتغير. وقال تلفزيون «العالم» الرسمي في إيران إن إعادة الفرز جرت في 22 مركزا في طهران وأقاليم أخرى.

وأعلن مجلس صيانة الدستور تكرارا منذ 12 يونيو أن إعادة انتخاب أحمدي نجاد مفروغ منها. ومن المتوقع أن يعلن المجلس قراره رسميا بهذا الخصوص، فيما تتواصل الحركة الاحتجاجية على العملية الانتخابية بزخم. ورفض موسوي مسبقا أي شرعية للمجلس في اتخاذ قرار غير منحاز حول الانتخابات. وطالب بإنشاء لجنة مستقلة عن السلطة وإلا تنظيم انتخابات جديدة.

وقبل إعلان النتيجة بوقت طويل، وفي مؤشر مبكر على أن العملية لن تضع فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد بالانتخابات محل شك، ذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن إعادة الفرز (التي تمت وقتها) حتى الآن في إحدى مناطق طهران منحته عددا من الأصوات أكبر من الذي حصل عليه في 12 يونيو. وكشفت الانتخابات وما أعقبها من اضطرابات عن انقسامات داخل المؤسسة السياسية في إيران ودفعت البلاد إلى أسوأ أزمة تتعرض لها منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

وأمهلت لجنة فرز الأصوات، التي شكلها مجلس صيانة الدستور، المرشحين الثلاثة مهلة أربعة وعشرين ساعة اعتبارا من السبت، لتحديد ممثليهم في اللجنة، قبل بدء الفرز يوم الاثنين (أمس)، ورفض المرشحون الثلاثة المشاركة في اللجنة باعتبار أن بعض أعضائها منحازون للرئيس أحمدي نجاد. وقالت وكالة «فارس» للأنباء الإيرانية شبه الرسمية إن مرشح الرئاسة موسوي اجتمع مع أعضاء في لجنة إعادة الفرز مساء أول من أمس، وقدم اقتراحا حول أسلوب الفرز، لكن الاجتماع فشل في التوصل إلى صيغة. وقررت بعده اللجنة المضي قدما في أعمال الفرز. لكن وكالة «مهر» للأنباء الإيرانية نقلت عن عباس علي كدخودائي المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور قوله «مكاتبنا الإقليمية مستعدة لإعادة الفرز استنادا للأسلوب الذي اقترحه موسوي». وأضاف كدخودائي قوله «إعادة الفرز تتم أمام كاميرات هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية في عدد من الأقاليم والمدن وسنعلن بعد ذلك النتيجة ليعلم بها الناس.. سنحاول أن نعلن النتيجة بحلول انتهاء ساعات العمل (أمس)».

وصدرت تصريحات أخرى متناقضة لكدخودائي يشير فيها إلى أن الاجتماع بين اللجنة الخاصة لإعادة فرز الأصوات وممثلي المرشح للانتخابات الرئاسية مير حسين موسوي لم ينجح في إيجاد حل للأزمة. وأعلن أنه «بسبب مماطلة ممثلي مير حسين موسوي ونظرا إلى أن الاجتماع المشترك لم يفض إلى نتيجة، تم إصدار أمر بإعادة فرز 10% من الأصوات عبر البلاد أمام عدسات التلفزيون الإيراني».

وكرر مهدي كروبي، رجل الدين الإصلاحي الذي جاء في المركز الرابع والأخير في انتخابات الرئاسة، دعوته لإلغاء الانتخابات في رسالة بعث بها إلى مجلس صيانة الدستور. وقال كروبي «إلغاء الانتخابات هو السبيل الوحيد لاستعادة ثقة الشعب» وهو موقف يشاركه فيه مير حسين موسوي، الذي أكد أن الانتخابات زورت لصالح الرئيس المحافظ. وقال موسوي في بيان على موقعه الإلكتروني إن المخالفات التي وقعت في الانتخابات كانت أكبر بكثير من كونها محدودة بنسبة 10 في المائة من الأصوات ومراجعة هذه الصناديق فقط لن يساعد في استعادة ثقة الشعب في نتائج الانتخابات. وقال موسوي إن الحل الوحيد هو إبطال الانتخابات وإجراء أخرى جديدة.

وأضاف أن بعضا من أفراد اللجنة الخاصة لمراجعة نتائج الانتخابات بالإضافة إلى 12 عضوا بمجلس صيانة الدستور لم يكونوا حياديين في الانتخابات. وأوضح أن النزاع سوف يرسل إلى لجنة مستقلة يوافق عليها كبار رجال الدين والمرشحين الرئاسيين. من جهة ثانية حذر أحمدي نجاد من أنه سينتهج أسلوبا متشددا في فترة ولايته الثانية تجعل الغرب يندم على التدخل في شؤون طهران. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عنه قوله «بدون أدنى شك فإن الحكومة الجديدة في إيران سيكون لها أسلوب أكثر حسما وصرامة نحو الغرب». وقال «هذه المرة رد الأمة الإيرانية سيكون قاسيا وأكثر حسما ليجعل الغرب يندم على تدخله».