إنفلونزا الخنازير: تحذير من موجة مقبلة أقوى.. وبريطانيون ينظمون حفلات لتناقل العدوى

تسجيل أول وفاة لسيدة مغربية في إسبانيا وعدد الإصابات في العالم يتجاوز 80 ألفا

TT

في وقت يحذر فيه العلماء من موجة ثانية من إنفلونزا الخنازير من المتوقع أن تكون أقوى قد تضرب العالم في بداية فصل الشتاء، أكدت تقارير في بريطانيا أن بعض الأشخاص ينظمون «حفلات إنفلونزا الخنازير» بهدف نقل بعضهم العدوى إلى بعض عمدا، لكي يكوّنوا مناعة ضد الفيروس في المستقبل في وقت لا يزال المرض فيه غير فتّاك بشكل كبير. وحذر أطباء بريطانيون من هذه التصرفات وقالوا إن نقل العدوى عمدا إلى الأشخاص قد يقوّض جهود محاربة الفيروس، المعروف حسب علميا باسم إيه «إتش1 إن1». وقال الدكتور ريتشارد غارفيس إن هؤلاء الأشخاص الذين ينظمون حفلات إنفلونزا الخنازير يعتقدون أنه من الأفضل التقاط المرض الآن قبل وصول الموجة الثانية في الشتاء والتقاط النسخة الأكثر فتكا منه، ولكنه حذر من أنه على الرغم أن الفيروس متوسط القوة فإنه لا يزال يحدث وفيات. وقال إن الأشخاص الذين يعمدون إلى التقاطه عمدا يعرضون صحتهم وصحة أبنائهم للخطر.

وتسجل بريطانيا عددا مرتفعا من الإصابات وصل إلى نحو 6500 إصابة، معظمها في لندن وبرمنغهام، وقد توفي بسبب المرض ثلاث أشخاص كانت آخرتهم فتاة في السادسة من العمر من برمنغهام. وتوفيت الفتاة التي تُدعى سميرة أحمد أول أمس في المستشفى، وقال والدها عمران أحمد إن ابنته كانت تعاني من مشكلات في صحتها وإن الفيروس أضعف من مناعتها. والشخصان الآخران توفيا في اسكتلندا في وقت سابق من الشهر الماضي. ولا تزال الولايات المتحدة في طليعة البلدان التي تسجل أكبر عدد إصابات، وقد بلغ عدد الإصابات لديها نحو 35 ألف إصابة، توفي من بينهم 167 شخصا. وفي المكسيك، بؤرة المرض، هناك نحو 8300 حالة مع 116 حالة وفاة. وهناك أكثر من 80 ألف إصابة معلن عنها في العالم، توفي منهم 359 شخصا، بحسب منظمة الصحة العالمية.

وقد أعلنت أمس مصادر طبية إسبانية أن مواطنة مغربية مصابة بإنفلونزا الخنازير توفيت صباح أمس بأحد مستشفيات مدريد. وكانت المواطنة المغربية قد أدخلت في «حالة صحية خطيرة» إلى وحدة العناية المركزة بمستشفى «غريغوريو مارانيو» بالعاصمة الإسبانية. وتعتبر المواطنة المغربية أولى ضحايا فيروس إنفلونزا الخنازير في إسبانيا. وذكرت وزارة الصحة الإسبانية أن الضحية كانت تعاني من التهابات تنفسية مرتبطة بمرض الربو الذي تشكو منه. ووضعت الشابة المغربية البالغة من العمر 19 سنة أول من أمس مولودا عن طريق إجراء عملية قيصرية بأحد مستشفيات مدريد. وأشارت مصادر طبية إلى أن المولود ذكر وهو بحالة صحية جيدة. يُذكر أن منظمة الصحة العالمية قد أعلنت يوم 11 يونيو (حزيران) الجاري المرض وباء عالميا، بعد رفعها حالة الخطر إلى الدرجة السادسة وهي الدرجة القصوى.

وكانت أحدث دراستين علميتين حول مدى انتشار وباء إنفلونزا الخنازير ومقارنته بأوبئة الإنفلونزا السابقة، وتأثيره على الفئات العمرية المختلفة، قد أشارتا إلى أن الموجة الأولى له قد أحدثت إصابات أكثر بين صفوف الصغار والشباب مما أحدثته بين الكبار. وحذرت من أن تصبح موجته اللاحقة أقوى.

وفي الدراسة الأولى التي أجراها باحثون في الأوبئة والرياضيات والنمذجة في جامعة أريزونا الأميركية ومن معهد الصحة العامة الوطني، ومؤسسات أخرى في المكسيك ونشرت في 29 يونيو (حزيران) في مجلة «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن»، بيّنت الإحصاءات حول الإصابات تحولا كبيرا فيها نحو فئات الأعمار الصغيرة مقارنة بإصابات الإنفلونزا الموسمية. وقال الباحثون إنهم لا يعرفون كيف سيتصرف فيروس إنفلونزا الخنازير في المستقبل.

وقال جيراردو تشويل ـ بونتي الباحث في جامعة أريزونا: «إن البيانات تُظهِر أن غالبية حالات الإصابة بذات الرئة الحادّ والوفيات بسببه كانت للأشخاص بين أعمار 5 و59 سنة، وهذا أمر غير معتاد مقارنة بنطاق أعمار الأشخاص المصابين بنفس المرض نتيجة الإصابة بالإنفلونزا الموسمية».

ووفقا لنتائج الدراسة فإن 87 في المائة من الوفيات و71 في المائة من حالات ذات الرئة الحاد حدثت لدى أشخاص بين أعمار 5 و59 سنة. هذا مقارنة بـ17 في المائة من الوفيات و32 في المائة من إصابات ذات الرئة الحاد التي وقعت لدى نفس نطاق الأعمار في موسم الإنفلونزا للأعوام بين 2006 و2008.

وقال الباحثون إن «هذه النتائج تفترض وجود تحصين معين لدى الأشخاص الذين تعرضوا لفيروس «إتش1 إن1» للإنفلونزا خلال أعمار طفولتهم قبل حدوث وباء عام 1957 من الإنفلونزا». وتطابق هذه النتيجة الرأي الذي أدلى به البروفسور جون أكسفورد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» في 17 يونيو (حزيران) الماضي، إذ قال إن «الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما ربما كانوا قد تعرضوا لشكل من أشكال الإصابة بفيروس إيه (إتش1 إن1) في أثناء حياتهم، ولذلك فإنهم ظلوا محصنين ضد عدواه». وتجدر الإشارة إلى أن هذا الفيروس قد ظهر أول مرة عام 1918 وأدى إلى مقتل ملايين الناس بعد تحوله إلى وباء عالمي آنذاك، ثم ظل ينتشر في شكل موجات وبائية صغيرة حتى الخمسينات من القرن الماضي، لحين ظهور فيروس آخر للإنفلونزا تسبب في وباء عالمي جديد عام 1957.

وأضاف تشويل ـ بونتي أن هذه النسق الذي تحمله موجة إنفلونزا الخنازير الحالية مماثل لنسق موجة إنفلونزا عام 1918 التي بدأت أولا بشكل خفيف أعقبته موجة شديدة أدت إلى مقتل الملايين.

كما شارك تشويل ـ بونتي مع باحثين يابانيين في دراسة محلية نشرت مجلة «يوروسارفيلانس» في شهر يونيو (حزيران) الماضي، وجدت أن 90 في المائة من حالات الإصابة بإنفلونزا الخنازير وقعت بين الأطفال في سن الدراسة.