بغداد تنام ليلتها الأولى دون «أصوات» الجيش الأميركي

المتحدث باسم وزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط»: لم نواجه أي تحديات إلى الآن

عراقي يطالع في «الشرق الأوسط» ببغداد أمس أخبار الانسحاب الأميركي من المدن (أ.ف.ب)
TT

كانت جولة قصيرة في بغداد أمس كافية للتأكد من أن القوات الأميركية قد رحلت، لكن أيا من العراقيين داخل العاصمة لا يعلم أين اختفت تلك السيارات وأولئك الجنود. كما أكد العديد من مواطني العاصمة الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» أنهم ناموا الليلة قبل الماضية دون ضجيج مركبات «الهامر» و«الهمفي» الأميركية أو هليكوبتراتهم.

ويقول المواطن محمد أبو طه: «أنا أعرف أن لهم قواعد قريبة من العاصمة وقريبة من المدن لكنني لم أعد أشاهدهم فجأة كأنهم اختفوا نهائيا، فهل لن يظهروا لنا مرة أخرى؟ وهل سيصمت ضجيج سياراتهم إلى ما لا نهاية؟ ذلك ما ستخبرنا به الأيام القادمة».

وكان الخط السريع الذي يربط المنطقة الخضراء بمطار بغداد لا يزال يشهد حركة لسيارات «الهمفي» و«الهامر» باتجاه المطار، وقد فسر الأمر أحد المسؤولين الأمنيين بأن القاعدة الأميركية الموجودة في قصر الفاو ربما هي من تتحرك ضمن هذا الخط باعتباره الأسرع نحو هذه القاعدة. ويقول أحد المواطنين الذي يسكن إحدى المناطق القريبة من هذا الخط إن السيارات ما زالت تتحرك لكن بشكل أقل من السابق، وكانت هذه الحركة تتزايد في الليل خصوصا في الفترة الأخيرة لكنها الآن أقل بكثير لكنه كما يقول ما زال يشاهد السيارات الأميركية وكأنها خارجة نحو مكان ما.

وفي مدينة الصدر اختفت السيارات الأميركية تماما ولم يعد لها وجود كما يؤكد علي شناوة أحد ساكني المنطقة، وهو يشعر بالسعادة، كما يقول، لهذا الأمر فهو لا يقلق الآن من المداهمات الأميركية، لكنه لم يُخفِ قلقه من احتمال ظهور المسلحين مرة أخرى خصوصا بعض الجماعات التي لها ارتباطات خارجية بدولة من دول الجوار، دون أن يسميها. وقال أيضا: «أخشى هذا الأمر، وهذه المسالة قد تعيد الأميركيين إلى المدن مرة أخرى بحجة عودة المسلحين».

ثائر، وهو من أبناء منطقة الزيونة ولكن عمله في منطقة الكرادة، يقول إن «السيارات الأميركية وخصوصا في السنوات الأولى من وجودها في الشارع العراقي كانت تتجاوز على المارة وعلى السيارات التي قد تعيق حركتها وحصل في مرات عدة أن قامت بتحطيم سيارات المواطنين المتوقفة على جانب الطريق لتمر هي بسلام، ولكن هذا الأمر بدأ يخف تدريجيا، فمع وجود سياراتهم كانت هناك سيارات عراقية تتقدمهم في أحيان كثيرة وعادة ابن البلد يعرف كيفية التصرف مع المواطنين». وأشار ثائر إلى أن المنطقة التي يعمل بها كان يرى فيها يوميا عشرات الهامرات وعشرات الأرتال التي عادة ما تكون محملة بالعدد وربما المؤن العسكرية لكنه اليوم سعيد بأن لا يُضطر إلى أن يركن سيارته بعيدا عن الأرتال الأميركية في الشارع.

وبالنسبة إلى قوات الأمن العراقية المكونة من تشكيلات وزارتي الداخلية والدفاع تساندهما التشكيلات الاستخبارية فإنها كانت لا تزال أمس في حالة (إنذار قصوى)، بحسب المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء الركن عبد الكريم خلف. وأكد خلف لـ«الشرق الأوسط» الذي زار تكريت أمس أن القوات الأمنية العراقية «تنتشر حاليا في كافة مدن العراق وبشكل مكثف، وبالمشاركة مع قوات الدفاع، وحاليا نجري عملية تقييم شامل للأداء خلال اليومين الماضيين، ونحن حاليا في حالة إنذار قصوى، ووزير الداخلية شخصيا يشرف على القوات، ونجري حاليا زيارة لبعض المدن لمشاهدة طبيعة الانتشار ومدى تطبيق الخطط». وأشار إلى عدم وجود تحديات حاليا، «فهناك ضبط عال وأداء مميز وتلاحم مميز بين قوات الداخلية والدفاع وبشكل قلل من مستوى التحديات». وبشأن أوضاع المناطق الساخنة وخصوصا الموصل وديالى، قال خلف: «إن الأوضاع في هاتين المدينتين جيدة جدا، ولم تسجل أي خروقات أمنية مطلقا، والقوات الأمنية منتشرة في جميع مناطقهما، وهناك قيادة عمليات في هاتين المحافظتين، ونحن نراقب أداءهم عن كثب».

إلى ذلك بيّن المستشار الإعلامي لقوات التحالف في العراق المقداد جبريل لـ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة العراقية «لم تطلب العون من القوات الأميركية منذ بدء تطبيق خطة الانسحاب، وهذا دليل على قدرة القوات العراقية وجديتها بمسك المدن وتوفير الأمن لها، ورغم ذلك هناك إسناد في مجالات غير قتالية، وخصوصا في مجال الخبرة والإسناد اللوجستي والآليات الفنية».