الاتحاد الأوروبي يدرس استدعاء سفرائه من إيران في وقت متزامن

طهران: موظف في السفارة البريطانية لعب دورا في الاضطرابات

TT

قال مصدر دبلوماسي أوروبي إن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تدرس عرضا بريطانيا باستدعاء متزامن لسفرائها في إيران إذا لم تفرج طهران سريعا عن الموظفين المحليين في السفارة البريطانية. وأضاف المصدر أنه لم يتم التوصل في هذه المرحلة إلى أي اتفاق لاتخاذ إجراء مماثل. وأوضح أن «الاستدعاء سيكون مؤقتا، أي لبضعة أيام بمثابة احتجاج». وتابع أن «دول الاتحاد الأوروبي تتداول الاقتراح البريطاني، ويفترض أن نعرف أكثر الخميس، اليوم، خلال اجتماع مقرر في ستوكهولم للمدراء العامين في وزارات خارجية» مختلف الدول الأوروبية. وكانت وكالة الأنباء الإيرانية «فارس» قد أعلنت أن ثلاثة موظفين محليين في السفارة البريطانية، من أصل تسعة أوقفوا، لا يزالون قيد الاعتقال. وتتهم طهران لندن بالوقوف وراء الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية. وتشدد السلطات الإيرانية على أن السفارة البريطانية دست موظفين في تظاهرات المعارضة لإثارة المشاكل، وهو ما نفته لندن بشدة. وأعلن رئيس الوزراء السويدي فريدريك راينفلت، خلال مؤتمر صحافي في ستوكهولم، بعد تسلمه أمس الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، أن الادعاءات الإيرانية «عارية تماما عن الصحة». إلا أنه دعا الدول الأوروبية إلى الحذر في ردود فعلها على إيران، معربا عن أمله في التوصل إلى «حل متوازن». وأوضح «علينا أن نسأل أنفسنا كيف يمكننا أن ندعم» مطالب المعارضين في إيران الذين يطالبون بالمزيد من الحرية ويشككون في ظروف إعادة انتخاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد «وفي الوقت نفسه نتجنب العودة إلى وضع عرفناه» في السابق. وقال «وضع تستقطب فيه إيران الاهتمام ويكون عذرا لتبرير استخدام العنف والقمع في البلاد».

من ناحيتها قالت وكالة «فارس» للأنباء أمس، إن واحدا من بين ثلاثة موظفين في السفارة البريطانية في طهران تحتجزهم السلطات الإيرانية لعب «دورا بارزا» في الاضطرابات التي أعقبت الانتخابات. وأوحى تقرير وكالة «فارس» شبه الرسمية أمس بالإفراج عن شخص آخر، لكن تلفزيون «برس تي.في» الإيراني الناطق بالإنجليزية قال في وقت لاحق من أمس إن شخصا واحدا فقط ما زال في الحجز بعد الإفراج عن ثلاثة آخرين. وقال ديفيد ميلباند وزير الخارجية البريطاني لإذاعة «آر. تي.اي» الايرلندية أمس، إنه يعتقد أن اثنين ما زالا في الحجز. ولم يتسن على الفور الاتصال بمسؤولين إيرانيين للتعليق. وقالت وكالة «فارس» دون الكشف عن مصدرها «من بين الثلاثة موظفين المحتجزين من السفارة البريطانية هناك واحد... كان له دور بارز خلال الاضطرابات الأخيرة وإدارتها من خلف الستار». وأضافت الوكالة أن موظفة أخرى في السفارة كانت «عنصرا رئيسيا وراء الاضطرابات» لكن أطلق سراحها لتمتعها بحصانة دبلوماسية.

وكان وزير الخارجية البريطاني قال أول من أمس إن بريطانيا ستعمل مع شركائها على ضمان موقف دولي موحد في التعامل مع الحكومة الإيرانية. وأضاف ميلباند في حديثه للبرلمان «سيتعين علينا التعامل مع أسئلة متعلقة بالحكومة. أنا أعلم أن تنصيب الرئيس الجديد مقرر في 26 يوليو (تموز). وخلال الأسابيع الثلاثة المقبلة سنعمل بصورة مكثفة مع شركائنا لضمان أن يكون هناك موقف دولي موحد فيما يتعلق بالتعامل مع الحكومة الإيرانية». كما قال ميلباند إن بريطانيا وإيران متفقتان على أن إيجاد حل سريع للنزاع بشأن احتجاز الموظفين الإيرانيين العاملين بالسفارة البريطانية في طهران هو في صالح البلدين. وتابع «نشعر بقلق بالغ لاستمرار احتجاز بعض موظفينا المحليين في طهران. هذه مضايقة وترهيب غير مقبولين مثلما أوضح وزراء الخارجية الأوروبيون في بيانهم المشترك يوم الأحد.. ناقشت القضية مع وزير الخارجية إيراني منوشهر متقي واتفقنا معا في ثاني محادثة هاتفية على أن الحل السريع هو في صالح الجانبين». وقال وزير الخارجية البريطاني إن متقي أبلغه أنه يريد رفع مستوى تعامل إيران مع بريطانيا والدول الأوروبية الأخرى. وأضاف «وزارة الشؤون الخارجية في طهران ليست الجانب الذي يقوم بإلقاء القبض على الناس. لكنني أوضحت تماما وفهم متقي ذلك واستجاب له، إننا نتوقع أن تنشط وزارة الخارجية في العمل على إطلاق سراح الموظفين الباقين... وهذا هو ما يجري في الوقت الحالي». وردا على سؤال بشأن ما إذا كان الاتحاد الأوروبي مستعدا الآن لفرض عقوبات أشد على إيران إذا لم تدخل في مفاوضات بشأن برنامجها النووي بحلول نهاية العام، قال ميلباند «نعم نحتاج للمضي إلى ما هو أبعد. نعم هناك حاجة إلى عمل خاص بشأن متى وكيف يتم ذلك لكنني أؤكد على كلمة خاص». وفيما ما زال من غير الواضح كيف يمكن أن تؤثر أزمة الانتخابات الإيرانية على المفاوضات النووية بينها وبين الدول الغربية، قالت مسؤولة في وزارة الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» إن لندن ستعمل خلال الأيام المقبلة وخلال قمة مجموعة الثماني على ضمان موقف موحد حيال إيران، موضحة أن المفاوضات النووية مع طهران والتي تقودها دول 5 زائد1، والتي لم يقرر لها موعد بعد بسبب عدم رد طهران على دعوة الحوار، ستكون أولى المحطات التي يمكن من خلالها معرفة كيف ستسير عملية التفاوض مع إيران حول ملفها النووي بعد أزمة انتخابات الرئاسة. وفي باريس أعلنت الخارجية الفرنسية أنها لا تزال تطالب بـ«احترام خيار الناخبين» ردا على سؤال لمعرفة ما إذا كانت فرنسا تعترف بمحمود أحمدي نجاد رئيسا لإيران. وقال رومان نادال، المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، خلال مؤتمر صحافي أول من أمس «لا نزال ندعو السلطات الإيرانية إلى اعتماد الشفافية والتحقق من احترام خيار الناخبين» مضيفا «نلاحظ أن أيا من المرشحين الخاسرين الثلاثة غير مستعد للاعتراف بنتائج» الانتخابات. تابع «نلاحظ أن الحركة الاحتجاجية الشعبية (على نتائج الانتخابات) لا تزال قوية».

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون امتنعت أيضا مساء الاثنين عن الاعتراف بإعادة انتخاب الرئيس الإيراني، مشددة على المشكلة التي تطرحها «مصداقية» القادة الإيرانيين لدى الشعب. وردا على سؤال خلال مؤتمر صحافي حول تثبيت نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية من قبل مجلس صيانة الدستور بعد إعادة فرز جزئية للأصوات، قالت كلينتون «لا أريد أن أتكهن حول الشؤون الداخلية للنظام». وأضافت «من المؤكد أنهم يواجهون مشكلة صدقية ضخمة من قبل شعبهم في ما يتعلق بالانتخابات ولا أظن أنها ستنتهي مع إعادة فرز عدد محدود من الأصوات». وردا على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة ستعترف بانتخاب محمود أحمدي نجاد ديمقراطيا رئيسا لإيران، امتنعت كلينتون عن الرد بشكل حاسم. وقالت «سوف نرى ونقوم بدقة ما يجري» مضيفة «إنها لحظة تاريخية لإيران والإيرانيين ولا أريد أن أتكهن حول الطريقة التي ستسير فيها الأمور».