مسؤول أميركي: لم نغير موقفنا من الاستيطان وأوباما لم يخول أحدا التفاوض حول الأمر

لقاء خلال أسبوعين بين ميتشل ونتنياهو.. ووزير الدفاع الإسرائيلي يقلل من الخلافات مع واشنطن

لقطة من أول فيلم كرتون فلسطيني مدته 30 دقيقة ضمن سلسلة أفلام سيتم إنتاجها يصور معاناة فلسطينية في غزة مصابة بسرطان الثدي مع الجنود الإسرائيليين والأطباء الفلسطينيين (اب)
TT

فشل وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، في إقناع السيناتور جورج ميتشل، المبعوث الأميركي الخاص للسلام في الشرق الأوسط، بالصفقة الجديدة في موضوع استمرار البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، وتقرر إعادة النظر في الموقف الإسرائيلي بعد أسبوعين، حيث يصل ميتشل في جولة في الشرق الأوسط يلتقي خلالها كبار المسؤولين، وبينهم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.

ووصفت الخارجية الأميركية المحادثات التي أجراها وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك وجورج ميتشل المبعوث الأميركي إلى منطقة الشرق الأوسط بأنها كانت «بناءة» لكن من دون إشارة إلى أي تقدم أحرز بين الجانبين حول موضوع «وقف» المستوطنات أو الإشارة إلى نتائج ملموسة تمخضت عن هذه المحادثات. في غضون ذلك أدلى مصدر رسمي في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بتصريح تم تداوله على نطاق واسع في وسائل الإعلام الأميركية قال فيه «لم نغير موقفنا على الإطلاق (من سياسة الاستيطان) ولم يخول الرئيس لأحد التفاوض حول الأمر» ودعا أوباما أكثر من مرة إلى «إيقاف» الاستيطان وليس فقط إلى «تجميده».

وقالت الخارجية الأميركية في بيان وزع أمس (الأربعاء) على المراسلين أن ميتشيل وباراك بحثا عدة إجراءات من أجل خلق ظروف مواتية من أجل السلام، وأوضح البيان أن ذلك «شمل إجراءات أمنية من طرف الفلسطينيين وخطوات تتخذ من طرف الدول العربية من أجل التطبيع مع إسرائيل، ومن الجانب الإسرائيلي إجراءات في الضفة الغربية وتجاه الأنشطة الاستيطانية».

وأفادت المصادر في واشنطن أن إيهود باراك كان يحمل معه اقتراحات بتجميد بناء المستوطنات ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر، بيد أن الخارجية الأميركية لم تتطرق إطلاقا لهذا الأمر في البيان الذي صدر أمس والذي تمت صياغتها بطريقة فضفاضة، كما أن إيهود باراك نفسه قال بعد مفاوضات دامت أربع ساعات في نيويورك مع جورج ميتشيل إنه من السابق لأوانه الحديث عن تجميد الاستيطان، وقال أيضا إن هناك «خلافات» مع الجانب الأميركي. وأعلنت الخارجية الأميركية أن المحادثات بين الجانبين ستتواصل قريبا، لكن من دون تحديد أي تاريخ أو المستوى الذي ستكون عليه الجولة المقبلة من المفاوضات. بيد أن عضوا في الوفد الذي رافق إيهود باراك إلى نيويورك قال أن لقاء بين بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية والمبعوث الأميركي جورج ميتشيل متوقع خلال هذا الشهر، وكان هذا اللقاء مقررا أن يتم في باريس الشهر الماضي لكنه ألغي بسبب تباين وجهة نظر الجانبين. وتقول واشنطن إن إسرائيل يجب أن تلتزم بما جاء في «خارطة الطريق» والتي تدعو إلى «تجميد كامل» للعمليات الاستيطانية بما في ذلك التوسع في المستوطنات القائمة على أساس متطلبات «النمو الطبيعي» أي توسيع المنازل بسبب زيادة عدد أفراد أسر المستوطنين، كما تقول إسرائيل. وقابلت إسرائيل التشدد الأميركي باقتراحات منها تجميد مؤقت للاستيطان لكن إدارة أوباما رفضت هذه الاقتراحات. وقالت مصادر مطلعة أن واشنطن تلقت ما يفيد من الفلسطينيين والعرب بأن إيقاف المستوطنات هو وحده الكفيل ببناء الثقة بين الجانبين واستئناف محادثات السلام. وتوجد حوالي 120 مستوطنة في الضفة الغربية تعتبرها إسرائيل «قانونية»، لكن المجتمع الدولي يرفض سياسة الاستيطان طبقا لاتفاقيات جنيف والتي تمنع نقل مدنيين من دولة الاحتلال إلى أراض تم احتلالها بالقوة. وقالت مصادر من طرف باراك إن اللقاء معه كان إيجابيا للغاية رغم الخلافات، وإن ميتشل أصر على تجميد الاستيطان بالكامل، لكنه وافق على ضرورة تخفيض لهيب النشر العلني عن الخلافات.

وكان باراك قد وصل إلى نيويورك لمقابلة ميتشل في إطار مساعي إسرائيل تخفيف حدة الخلافات مع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في موضوع البناء الاستيطاني. فالولايات المتحدة طلبت من إسرائيل أن تبلغها بموعد التجميد التام للبناء الاستيطاني في الضفة الغربية، باعتباره بندا مهما من بنود المرحلة الأولى من المشروع الأميركي لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، المعروف باسم «خريطة الطريق». وكان مقررا أن يجتمع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مع السيناتور جورج ميتشل، يوم الخميس الماضي في باريس، ويبلغه بالقرار الإسرائيلي. لكن ميتشل ألغى الاجتماع بعد أن فهم أن نتنياهو لم يأت بقرار واضح في الموضوع.

وتقرر أن يسافر باراك إلى ميتشل في الولايات المتحدة ويعرض عليه صفقة تشتمل على قرار بتجميد البناء الاستيطاني بشكل مؤقت، وذلك إضافة إلى إجراءات أخرى بعضها غير موجود في بنود «خريطة الطريق». وحسب مصادر إسرائيلية عدة فإن صفقة باراك تشتمل على ما يلي: إسرائيل تجمد البناء الاستيطاني تماما لمدة ثلاثة شهور، خلال المفاوضات مع الفلسطينيين ومن ثم تعيد تقويم قرارها هذا بناء على أجواء التفاوض، إسرائيل تواصل الانسحابات من المدن الفلسطينية وصولا إلى المواقع التي كانت ترابط فيها في شهر سبتمبر (أيلول) 2009 وتزيل الحواجز العسكرية وتتيح حرية التنقل بين المدن والبلدات الفلسطينية، وتجمد قراراتها بهدم ألوف البيوت الفلسطينية المبنية من دون تراخيص في القدس الشرقية.

وقد رد ميتشل هذه الصفقة قائلا إن إدارة الرئيس أوباما لا تعارض في التفكير في حلول وسط ولكنها في الموضوع الاستيطاني لم تعد تقبل أية تبريرات. فهي تمتلك معلومات دقيقة عن الوضع في المستوطنات وتعرف أنه لا يوجد نقص في البناء الاستيطاني لسنوات طويلة إلى الأمام، ولذلك تعتبر القول «بناء اضطراري لسد احتياجات التكاثر الطبيعي»، نوعا من التضليل الذي يدل على استمرار أساليب الخداع القديمة. وهو أمر لا تحتمله إدارة أوباما.

وتطرق ميتشل أيضا إلى ما قررته وزارة الدفاع برئاسة باراك وأبلغته إلى محكمة العدل العليا يوم الأحد الماضي، وفيه تعلن عن نقل المستوطنين من بؤرة الاستيطان «مجرون» قرب رام الله إلى مستعمرة قريبة. وبهدف البرهنة على أنها صادقة، قدمت الوزارة للمحكمة وثيقة تثبت فيها أنها ستبني لهؤلاء المستوطنين 50 وحدة سكن جديدة. ومن مراجعة الأوراق يتضح أن الوزارة تخطط لبناء 1450 وحدة سكن في مستعمرة تدعى «آدم» قرب رام الله وأن الوحدات الخمسين المذكورة هي جزء من هذا المشروع.

وأمضى باراك وميتشل عدة ساعات من البحث في مختلف المواضيع وطلب باراك أن يعرف ما الذي ستفعله الولايات المتحدة لكي يرد الفلسطينيون والعرب على المبادرات الإسرائيلية لتطبيق «خريطة الطريق» وسأل إن كان الأميركيون سيطلبون من العرب أيضا خطوات إيجابية تجاه إسرائيل فرد ميتشل بالإيجاب. وتقرر أن تعرض إسرائيل خطة معدلة لتحريك مفاوضات السلام تشتمل على وقف تام للبناء الاستيطاني، وعلى المزيد من الخطوات التي تغير الواقع الفلسطيني على الأرض وتخفف بشكل كبير من القيود الإسرائيلية على حياة الناس في الضفة الغربية وحرية تنقلهم وأدائهم في مجالات الاقتصاد والتعليم والعمل. كما أُفرد حيز كبير من اللقاء لموضوع فك الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة.

وفي تصريحات إلى الإذاعة الإسرائيلية قلل باراك من شأن الخلاف مع الإدارة الأميركية حول الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة غداة اللقاء مع الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل.