وكالة الطاقة الذرية تحاول انتخاب مدير عام خلفا للبرادعي فيما تحتدم المعركة «سياسيا»

تقارير عن انسحاب مرشح سلوفينيا

TT

يعقد مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، صباح اليوم جلسة مهمة، بغرض انتخاب مدير عام جديد يقود الوكالة خلال دورتها القادمة 2009 ـ 2013، خلفا لمديرها الحالي الدكتور محمد البرادعي الذي أعلن رغبته في عدم الترشح لدورة رابعة بانتهاء دورته الحالية المحدد لها 30 نوفمبر (تشرين الثاني) هذا العام.

ومن المقرر وفقا لدستور الوكالة أن يقوم المجلس الذي يتكون من 35 دولة يمثلون أعضاء الدول أعضاء الوكالة (وهم مجموع الدول أعضاء منظمة الأمم المتحدة، عدا 42 دولة من بينها كمبوديا وكوريا الشمالية اللتان سحبتا عضويتهما) بانتخاب المدير العام ورفع توصية بذلك للجمعية العمومية «المؤتمر العام» في اجتماعها سبتمبر (أيلول) القادم.

أما المرشحون والذين قدمتهم للترشيح حكوماتهم فهم البلجيكي جان بول بونسيليه، والياباني يوكيا امانو، والجنوب أفريقي عبد الصمد منتي، والاسباني لويس اتشافاري، والسلوفيني ارنست بيتريش، أثناء جلسة خاصة بتاريخ 26 مايو (أيار) الماضي، عقدها المجلس برئاسة طاوس فاروخي، سفيرة الجزائر الرئيس الحالي للمجلس. وذلك بعد أن اضطر المجلس لإعادة فتح باب الترشيحات لفشله خلال جلسة أولى عقدها بتاريخ 26 مارس (آذار) في الاختيار بين المرشحين آنذاك. هذا فيما أكدت مصادر عليمة لـ«الشرق الأوسط» أن المرشح السلوفيني، ارنست بيتريش قد عبر عن رغبته في الانسحاب من الترشيح، وأنه سيرفع قراره بالانسحاب لرئيسة المجلس في جلسة اليوم. مشيرا إلى أن العملية أصبحت مزايدات أكثر منها انتخابات. من جانبها كانت «الشرق الأوسط» قد تابعت تفاصيل المعركة المطولة التي جرت مارس (آذار) الماضي بين المرشحين الياباني والجنوب أفريقي، تلك التي لم تحسم لعدم حصول أي منهما على الأغلبية المطلوبة المقدرة بثلثي أصوات المجلس، رغم تكرار عملية الاقتراع لأكثر من دورة، وبأكثر من طريقة، ما أرغم المجلس لإعادة فتح باب الترشيح، وبذلك انضم للمعركة المرشحون الأوروبيون الثلاث.

والمرشح البلجيكي جان بول بونسيليه، من مواليد عام 1950، عمل وزيرا سابقا وعضوا بالبرلمان، بجانب منصبه كمدير للاستراتيجية والعلاقات الخارجية بالوكالة الأوروبية للفضاء الخارجي. ويعمل حاليا رئيسا لمؤسسة اريفا الفرنسية للطاقة والعلوم النووية. ما قد يدفع للنظر له كمرشح عن قطاع خاص، ما قد يفسر بدوره كتعارض للمصالح، هذا فيما عمل المرشح السلوفيني، ارنست بيتريش، وهو خبير في القانون الدولي، كسفير لبلاده بالولايات المتحدة الأميركية والنمسا ومنظمات الأمم المتحدة العاملة بفيينا.. وقد سبق انتخابه رئيسا لمجلس أمناء الوكالة لدورته 2006 ـ 2007 أما المرشح الاسباني لويس اتشافاري فقد عمل مديرا لمجلس الأمن النووي باسبانيا، ومديرا لوكالة الطاقة النووية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بباريس. وكما سبق أن ذكرنا من قبل، فإن الياباني يوكيا امانو، 62 عاما، دبلوماسي سابق عمل محافظا لليابان بمجلس أمناء الوكالة، شأنه شأن المرشح الجنوب أفريقي عبد الصمد منتي الذي له 69 عاما من العمر.

الجدير بالذكر أن مجلس الأمناء كان قد عقد في السابع من هذا الشهر جلسة تعتبر بمثابة بروفة straw poll حتى يتلمس كل من المرشحين موقفه، ورغم سريتها فقد علمت «الشرق الأوسط» أن الياباني قد نال 20 صوتا فيما نال الجنوب أفريقي 11 والاسباني 4 وصفر لكل من البلجيكي والسلوفيني وفيما يبدو فإن فشل السلوفيني في الحصول على أي صوت هو السبب الرئيس الذي دفعه للتفكير في الانسحاب.

وعليه، وكما هو واضح، فإن المعركة ستتواصل هذا الصباح سياسية محتدمة بين الياباني والجنوب أفريقي باعتبارهما يمثلان الانشقاق الواضح بين الدول التي تتمتع بالتقنية النووية، والدول النامية التي تطمح للحصول عليها فيما يستبعد المتابعون إقدام أحدهما على الانسحاب. ما يعني أن تتواصل عمليات الاقتراع حتى يحسمها أحدهما بالحصول على أغلبية الثلثين هذا رغم ما تبتدر به كل المصادر حديثها، مؤكدة أن مصلحة الوكالة تتمثل في الإجماع على اختيار مدير عام لها من دون تسييس للأمر مذكرين أنها وكالة تقنية مهمتها دعم التقنية النووية السلمية لكل الدول أعضائها مع ضمان عدم انتشار السلاح النووي.

«الشرق الأوسط» من جانبها حاولت تلمس بعض المواقف بحثا عن إمكانية الخروج بإجماع، وفي حين امتنعت مصادر دبلوماسية أميركية عن الإدلاء بأي تصريح (على غير العادة) متعللة بحجة أن التصويت سريا إلا أن كل المؤشرات تؤكد دعم الولايات المتحدة للمرشح الياباني مفضلة إياه على الجنوب أفريقي الذي يتفق الجميع بأنه أكثر خبرة وأكثر معرفة بشؤون الوكالة، إلا أن الدول الغربية تتهمه بأنه سياسي اكثر مما يتحمل المنصب. وواضح أن الولايات المتحدة تفضل المرشح الياباني حتى على المرشحين الأوروبيين. ليس ذلك فحسب بل تشير مصادر إلى أن الولايات المتحدة تعمل جاهدة لشق صف الدول النامية التي تنضوي تحت مسميات متعددة كمجموعة الـ 77 والصين، ودول عدم الانحياز، والدول الإسلامية، والدول اللاتينية الكاريبية، والمجموعة الأفريقية، والدول العربية، والدول الآسيوية. يذكر أن المدير الجديد سيكون الخامس في سلسلة مدراء الوكالة التي تأسست 29 يوليو 1957 كوكالة مستقلة ترفع تقاريرها لكل من الجمعية العمومية ومجلس الأمن. ومعلوم أن أول من تقلد منصب مدير عام الوكالة هو الأميركي استرلنق كول من 1957 إلى 1961 تلاه السويدي الدكتور سيقفارد ايكلوند 1961 إلى 1981 ثم السويدي الدكتور هانز بليكس 1981 إلى 1997 ثم المصري الدكتور محمد البرادعي 1997 وحتى 30 نوفمبر 2009.