الهاربون من معارك وادي سوات: قصف المناطق القبلية الباكستانية لا يؤدي إلى نتيجة

سكان باجور يدفعون ثمن الصراع المستمر بين الجيش والأصوليين

نازحون باكستانيون فوق سطح حافلة صغيرة في طريق عودتهم إلى مدينة بونر بالشريط القبلي على بعد 220 كيلومترا شمال غرب إسلام آباد (رويترز)
TT

منذ ما يقارب العام، فر مالوك وذووه من القصف الذي طال منطقتهم القبلية. واليوم، حيث يشن الجيش الباكستاني هجوما جديدا في الجنوب، يقول مالوك: «إن هذا الأمر لا جدوى له، فالحل الوحيد يكمن في التفاوض مع طالبان».

في أغسطس (آب) من العام 2008 أطلقت القوات الباكستانية إحدى أكبر عملياتها المستمرة حتى اليوم ضد طالبان في باجور بوادي سوات، أحد الأقاليم السبعة التي تتمتع بنوع من الحكم الذاتي في الشمال الغربي المحاذي لأفغانستان والتي تعتبر معقلا لطالبان ولحلفائهم في تنظيم القاعدة. وقد نزح مئات الآلاف من سكان باجور إلى منطقة بيشاور المجاورة. وفي فبراير (شباط) أعلن الجيش إتمام «تطهير» المنطقة. عام بعد ذلك، والأخبار عن قصف مركَّز على باجور ما زالت تنبعث من أجهزة الراديو في مخيم اللاجئين الضخم في سهل جالوزي، الذي يقع على مسافة 20 كلم جنوب شرق بيشاور. هذا ما يدفع العائلات إلى الاستياء والتشاؤم، وهم ينتظرون نهاية المعارك لمغادرة المخيم الحار المكتظّ وحياة اللاجئين فيه والعودة إلى جبالهم. يتساءل مالوك كاكا، وهو زعيم قبيلة في الإقليم: «ماذا تريدون أن نفعل؟ نحن ننتظر مبادرة من الحكومة، لكننا لا نثق بها، هنا يطعموننا، وهناك يقصفوننا!».

يشعر سكان باجور أنهم يدفعون ثمن الصراع المستمر في السنوات الأخيرة بين الجيش والأصوليين الذين يشنون الهجمات عليه فيرد هو بالقصف عليهم والعكس. وأعلن الجيش في الآونة الأخيرة هجوما واسعا في منطقة وزيرستان الجنوبية، وهي منطقة قبلية أخرى تقع على بعد 250 كلم جنوب باجور. وبحسب مالوك فإن «القصف لا يؤدي إلى شيء سوى قتل المدنيين الأبرياء». ويعترف مالوك ورفاقه بأن طالبان أرست نظامها في القرى مؤكدين أنهم الضحايا الأُوَل. ويشير نعمة الله، وهو رجل خمسيني، إلى أن «طالبان كانوا في البداية مقاتلين عربا وهنود وأوزبكستانيين وتركمانا. عندما وصلوا إلى هنا لم نكن نفهم لغتهم حتى، لكن الفقر حسم الأمر، لقد منح هؤلاء الغرباء فرص العمل للشباب الذين التحقوا بهم». وبحسب رأي مالوك كاكا فإنه «يتوجب على الحكومة إجراء مفاوضات مع طالبان. هذا هو الحل الوحيد». ولا يعارض ذلك كل من عزيز الله (63 عاما) وخان جان (40 عاما) اللذين ينتظران الحصة الغذائية لكل منهما على مدخل المخيم. ويضيفان أن الحكومة سبق لها أن وقّعت على اتفاقيات سلام مع حركة طالبان بقيت حبرا على ورق، إلا أن المفاوضات تبقى ضرورية في رأيهم لوضع حد للقتال. ويقترحون على المدى الطويل «أن تقف الحكومة تجاهلها للمناطق القبلية». ويعتبر نعمة الله أنه «يتوجب على الحكومة إنشاء مصانع في مناطقنا، مع فرص عمل حقيقة، وهو الامر الذي يسترد الشباب من قبضة طالبان». وبحسب خان جان فإن «الحكومة أخطأت بإلغائها نظام الجيرغا (مجلس القبائل) ويوجب عليها الآن إعادة السلطة إليه، هذا يسهم في استقرار الأمور في المنطقة». ويبدو خان جان كرفاقه بعيدا عن الأوهام: «كل ما يجري هو لعبة. نحن فقراء لكننا ندرك تماما ما يجري عندنا» مشيرا بشكل غير مباشر إلى الدعم الذي تقدمه الاستخبارات الباكستانية لبعض عناصر طالبان وتحديدا لمن يقومون بهجمات في أفغانستان وهو ما يدينه عدد من زعماء القبائل في شمال غرب البلاد.