لاهور: العناصر المسلحة تحول محلات عصائر الفواكه إلى جبهة للقتال

محلات العصير وفرت مكانا للقاء بين الرجال والنساء.. واعتبرها الأصوليون وكرا للفساد

TT

يُنظر إليها على أنها وكر للفساد وتم قصفها لأنها توفر مكانا يتحدث فيه الرجال والنساء معا.

قد تبدو بارات عصائر الفواكه جبهة قتال غير معتادة في الحرب الباكستانية على العناصر الإسلامية المسلحة، لكن العديد من مالكي هذه المحلات يشعرون أنهم يدفعون ثمن تقديم هذه المشروبات الباردة. وعلى الرغم من عدم وجود أي هجمات على مدار أشهر عديدة، فإن الخوف ما زال موجودا، ويقول العديد من الأشخاص أنهم يعلمون جيدا أن العنف يمكن أن يندلع مرة أخرى في أي وقت.

وقد تركزت الهجمات على محلات العصائر الطازجة في العام الماضي على منطقة غارهي شاهو، حيث يجلس الرجال الملتحون على كراسي صغيرة أمام المحلات ليتسامروا، ويشربوا الشاي المحلّى وينفثوا دخان التبغ إلى أعلى في اتجاه السماء.

ويقول سكان هذه المنطقة إنها جزء من لاهور حيث يعيش الأفغان والأوزبك ويكونون ثقافة إسلامية أصولية في مدينة تمتاز بتسامحها على مدار التاريخ.

وقد لقي رجل الدين سارفراز نعيمي المعادي لطالبان مصرعه في هذه المنطقة خلال الشهر الماضي في هجوم انتحاري. وبعد السير وسط العديد من الدراجات النارية المتوقفة، قادنا الطريق إلى محل داسكر جوس، وقد زينته بعض ثمار الفاكهة البلاستيكية التي يعلوها التراب، وصورة لجسر تاور في لندن، والأهرامات التي تم تشكيلها من علب عصير البرتقال.

والسبب في أن هذا المحل كان بين المحلات التي قُصفت في العام الماضي هو أنه يحتوي على ست حجيرات صغيرة في غرفة ملحقة وعلى بعض منها بعض الستائر القصيرة للخصوصية، حيث كان الرجال والنساء يتحدثون معا أحاديث خاصة. ويقول محمد نعيم وهو صاحب هذا المحل وهو يلبس شالوارا، وهو الزي التقليدي الباكستاني الذي يتكون من سروال واسع وقميص طويل: «إنه مجرد مكان يأتي إليه الشباب والفتيات لشرب العصير. وهؤلاء الناس يحاولون تصويرنا على أننا عديمو الأخلاق، لكن ذلك ليس صحيحا. إنهم لا يفعلون شيئا سوى الجلوس والحديث، لكنهم ينظرون إلى ذلك على أنه مصدر تهديد لهم».

وبينما كان يتحدث، إذ دخلت امرأة ترتدي البرقع على وجهها بصحبة أحد الرجال. ويبدو أنها شعرت بالحرج لوجود شخص أجنبي، فغادرت على الفور.

وفي إحدى الحجرتين اللتين لم يكن عليهما ستائر، كان محمد ياسين الذي يبلغ من العمر 45 عاما يجلس ويتحدث إلى امرأة ترتدي غطاء الرأس. وعندما سألته إن كانت مسألة رؤيته مع سيدة هنا تمثل مشكلة بالنسبة إليه، بدا أنه مرتبك بعض الشيء، وقال: «إنها أختي. ونحن نتحدث في أمور عائلية».

وقد بدأت الهجمات المنسقة على محل «داسكو» وغيره من المحلات الأخرى المنافسة له ـ وهي جزء من سلسلة من السينمات ومحلات الـ«دي في دي» ومحلات الحلاقة ـ في العاشرة مساء إحدى ليالي شهر أكتوبر (تشرين الأول) حيث دوى انفجار في محل «شينو جوس كورنر»، وظن البعض في بادئ الأمر أن الانفجار ناجم عن أسطوانة للغاز.

وقد قُتل شخص واحد وجُرح العديد من الأفراد. ولم يعد محل «شينو» إلى العمل مرة أخرى.

وبعد دقائق وقع انفجار آخر في دكان «عصير الرحمن» القريب، ثم تلاه انفجار «داسكو»، الذي يقع على يسار محل «شاغر». وقد دمر الانفجار الحائط بين هذا المحل والذي يجاوره، بالإضافة إلى تدمير الحجيرات وغير ذلك من الأضرار.

ولم يتلقَّ العمال أي تحذيرات على الرغم من وجود إعلانات كانت تدعو الناس على مدار أشهر للابتعاد عن هذه الأماكن المريبة، كما تم إصدار أوامر إلى أحد بارات العصائر بالتوقف عن السماح للشباب والفتيات «بالانغماس في أفعال غير أخلاقية».

ويقول خورام بات الذي يعمل نادلا: «لم نعرف على الإطلاق من وضع هذه القنابل، ولحسن الحظ، فإن القنبلة التي أصابتنا كانت صغيرة إلى حد ما ويبدو أنها كانت تستهدف إخافتنا أكثر من قتلنا».

ويقول عبد الكلام الذي تتزين نافذة محله بخمسة بنطالات من الجينز ويعلوها التراب، كما توجد ثلاث لافتات كُتبت بخط اليد تدعو إلى استئجار المحل: «تكره العناصر المسلحة أسطوانات الـ(دي في دي) أيضا، ولذا فإنني شعرت بالخوف الشديد وغيرت نشاطي التجاري إلى بيع الملابس. وقد أكون خسرت نحو 7.000 دولار ولا أكسب شيئا من النشاط الحالي، وكل ذلك بسبب الخوف».

ويبدو أن بارات العصائر، وهي مشهورة في العديد من المدن الباكستانية، تُعتبر طريقة معقولة للشباب من الطبقة تحت المتوسطة للاسترخاء.

ويقول ذو القرنين طاهر، وهو مراسل في لاهور يعمل في صحيفة «الفجر»: «إنها تمثل شيئا يمكن أن يفعله الشباب ولا يتكلف الكثير، فقد يتكلف 70 سنتا. ونحن نأسف لهذه الهجمات تماما».

ويقول محمد جواد، وهو أستاذ مساعد في علم النفس بجامعة لاهور في البنغاب: «إن الأمر يتعلق بالقسوة على الأفراد، كما أنهم لا يحبون الاختلاط رغم أن الاختلاط جزء من الإسلام مثلما يحدث في شعيرة الحج».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»