نائب الرئيس القمري لـ«الشرق الأوسط»: حددنا مكان الصندوق الأسود وسننتشله قريبا

دعا السلطات اليمنية والفرنسية إلى عدم الدخول في مهاترات حول أسباب تحطم الطائرة اليمنية

احدى مضيفات الخطوط الجوية اليمنية في صنعاء تستعد لرحلة جديدة غداة سقوط طائرة يمنية قبالة سواحل جزر القمر (أ ف ب)
TT

حث نائب الرئيس القمري عيدي نظام، المكلف بالطيران المدني والمواصلات، السلطات اليمنية والفرنسية على عدم الدخول في ملاسنات علنية وتراشق إعلامي بشأن حالة طائرة الخطوط الجوية اليمنية التي تحطمت أمس الأول لدى محاولتها الهبوط في مطار العاصمة القمرية موروني وعلى متنها 153 راكبا بمن فيهم طاقمها المكون من 11 شخصا.

وقال نظام لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من موروني: لقد حددنا مكان وجود الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة، ونحن بصدد إخراجه خلال الساعات القليلة المقبلة، ربما مساء اليوم (أمس) أو صباح الغد( اليوم).

وأضاف: حتى نقوم بذلك، ليس من الذكاء أن تتبادل السلطات اليمنية والفرنسية الاتهامات بشأن ما إذا كانت الطائرة صالحة للطيران أم لا، كأشخاص مسؤولين ومحترفين علينا انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات واستخلاص البيانات الموجودة في الصندوق الأسود للطائرة.

وتابع قائلا: علينا أن نترك فريق التحقيق يؤدي عمله بدلا من تبادل الاتهامات، هذا ليس بالعمل المحترف لفعل الأشياء، دعونا ننتظر لكي ينجح الغطاسون في العثور على الصندوق الأسود، وعندها سنعرف يقينا سبب الحادث بدلا من الدخول في المهاترات، هذا أمر لا يجدي في مثل هذه الظروف.

وقال: عثر فريق الإنقاذ القمري على جواز سفر سيدة إثيوبية وثلاث جثث مجهولة الهوية، لكن لدينا اعتقاد وشواهد على أنهم مواطنون قمريون، لافتا إلى أن هذه الجثث شوهدت بالأمس من خلال طائرات بحث وسحبت بالفعل إلى الشاطئ.

ولفت إلى أن وزير الدولة الفرنسي للتعاون الدولي والفرانكفونية، شارل جوسلان، كان مقررا أن يغادر مساء أمس موروني متوجها إلى جزر لارينيون على متن طائرة خاصة برفقة الفتاة الفرنسية التي نجت من الحادث لاستكمال علاجها لاحقا في أحد المستشفيات في فرنسا. وأضاف: الفتاة التي تبلغ من العمر الرابعة عشرة مزدوجة الجنسية (الفرنسية والقمرية)، وصحتها جيدة لكنهم قرروا نقلها إلى فرنسا للعلاج وليست لدينا أي مشكلة في ذلك، فهذا قرارهم.

ورفض نظام الخوض في تفاصيل أسباب سقوط الطائرة اليمنية، وتساءل: كيف يمكنني أن أقول وأنا أجلس هنا في مكتبي سبب الحادث، علينا انتظار ما يقوم به فريق التحقيق قبل أن نتكلم عن أي شيء، ومعرفة ما حدث فعلا.

وفيما بدا أنه بمثابة رد على إعلان سكرتير الدولة الفرنسي للنقل دومينيك بوسرو، أول من أمس، أنه «تم رصد نقاط خلل كثيرة جدا» في الطائرة اليمنية التي تحطمت، وأن السلطات الفرنسية كانت تمارس «مراقبة شديدة» على شركة الخطوط الجوية اليمنية، وأن الطائرة التي تحطمت كانت محظورة في المجال الجوي الفرنسي، قال نائب الرئيس القمري لـ«الشرق الأوسط»: إذا كان الفرنسيون يقولون إن الطائرة معيبة وإنها كانت ممنوعة من الطيران هنا أو هناك، فهذا أمر لم نكن نعرفه، لم يخبرنا أحد بحالة الطائرة قبل وقوع الكارثة. وقال إن الرئيس القمري عبد الله سامبي قد قطع زيارته إلى ليبيا بعدما شارك في الجلسة الافتتاحية لقمة الاتحاد الأفريقي وفي طريقه للعودة إلى العاصمة القمرية موروني ليكون على رأس اللجنة الحكومية المشكلة لمتابعة حادث الطائرة اليمنية المنكوبة.

وأضاف: يفترض أن يكون الرئيس هنا مساء، سيعود الرئيس، وهذا يعنى أن هذه مأساة وطنية لبلدنا، كما يعنى أيضا أن لدينا جميعا مسؤوليات، والرئيس قرر أنه يجب أن يكون على رأس الجهود المبذولة للمساعدة في العثور على أي ناجين وانتشال الجثث.

وسئل عن الإمكانيات المتاحة أمام حكومة بلاده للقيام بعمليات انتشال الجثث والبحث عن ناجين، فقال: طبعا هذه مأساة وما فعلناه هو أننا وظفنا إمكانياتنا وقدراتنا المحدودة للتعامل مع هذا الحادث.

ومضى إلى القول: ولدينا خمس سفن و22 من الزوارق والقوارب الصغيرة السريعة في منطقة الحادث، وظفنا كل شيء، لم ننتظر المساعدات.

وتابع قائلا: تحركنا على الفور، لقد قمت بنفسي بإيقاظ السفير الفرنسي من النوم واتصلت به في حوالي الساعة الثانية والثلث تقريبا في الصباح الباكر هاتفيا لكي أخبره بوقوع هذا الحادث المأساوي وطلبت منه الاتصال بحكومة بلاده. وأضاف: نحن استخدمنا كل ما هو متاح لدينا، لدينا خمس سفن تجارية تعمل في موروني واستعنا ببعض القوارب التي تنتمي إلى صيادين وطلبنا الاستعانة بغواصين محليين.

ورفض الاتهامات الموجهة إلى جزر القمر بشأن عدم سرعة استجابتها فور وقوع الحادث، وقال: لم يكن هناك أحد عندما بدأنا عملية الإنقاذ،، كانت هناك فقط تلك الفتاة التي تعتبر الناجية الوحيدة حتى الآن، لدينا معهد متخصص في الكوارث وإدارة مستقلة يقودها عقيد في الجيش للتعامل مع مثل هذه المواقف وبإمكانهم الاستعانة بأي شخص يتصورون أنه بالإمكان توظيفه في جهود الإغاثة.

من جهته، رفض جاستين ديبون، الناطق الرسمي باسم شركة «إيرباص» الدخول في الجدل المثار بين اليمن وفرنسا حول حالة الطائرة قبل تحطمها، وقال لـ«لشرق الأوسط» عبر الهاتف من مقر الشركة في مدينة تولوز الفرنسية: الحادث يخضع للتحقيق ويتعين علينا ترك أية أشياء للجنة التحقيق وليست لدينا معلومات متاحة للصحافة. وأضاف: قواعد شركة «إيرباص» تقضى بترك الأمر للجنة التحقيق ولسنا طرفا في أي جدل بين أي أشخاص أو سلطات.

ورفض ديبون الرد على أسئلة لـ«الشرق الأوسط» حول حالة الطائرة وإذا كانت صالحة للطيران قبل تحطمها، وما إذا كانت شركته ستدفع تعويضات لضحايا الطائرة المنكوبة. وذكرت شركة «إيرباص» في بيان لها أن الطائرة المنكوبة صنعت في 1990 وهي بحوزة الشركة اليمنية منذ 1999، كما أشارت إلى أن الطائرة قامت بحوالي 59 ألفا ومائة ساعة طيران في 17 ألفا و300 رحلة.

وطبقا لمعلومات لـ«الشرق الأوسط» فقد وقع الحادث لدى محاولة الطائرة اليمنية الهبوط في مطار موروني وكانت الرياح شديدة لكنها لم تتمكن من الهبوط فحاولت الإقلاع مجددا لكنها لم تستطع فهوت في البحر بعيدا عن المطار في شمال الجزيرة في منطقة ميتساميهوني. وفي صنعاء قالت السلطات اليمنية إن 75 راكبا من ركاب الطائرة اليمنية المنكوبة يحملون الجنسية القمرية و56 يحملون الجنسية الفرنسية وراكب فلسطيني وآخر كندي، و11 هم طاقم الطائرة؛ 6 من الطاقم يمنيون و5 مضيفات، منهن اثنتان مغربيتان وثلاث مضيفات إثيوبيات وإندونيسية وفيليبينية، كما أعلن عن إرسال اليمن لفريق من الغواصين من القوات الخاصة للمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ عن ضحايا الطائرة. فيما قال مصدر في الطيران المدني اليمني إنه تم تحديد الصندوق الأسود للطائرة اليمنية وسيتم انتشالها من قبل الغواصين. وأكد المصدر اليمني أن الفتاة الناجية من الحادث تحمل الجنسية الفرنسية ونقلت إلى المستشفى لتلقي العلاج، ونقلت ثلاث جثث انتشلت من البحر ووضعت في ثلاجة أحد المستشفيات. وقال إن طائرتين عسكريتين أميركيتين وصلتا إلى مطار موروني ستنضمان إلى فرقاطة وبارجة فرنسيتين كانتا قد وصلتا إلى مكان الحادث للمشاركة في جهود البحث التي يقوم بها غواصون محترفون، كما تشهد المنطقة تواجدا كثيفا لفرق الإنقاذ بهدف انتشال المزيد من جثث الضحايا بمشاركة طائرات مروحية. وأشار المصدر إلى أن مجموعة من الفريق اليمني تعمل في الوقت الراهن بمركز الطيران المدني القمري لجمع البيانات الخاصة المتصلة بالحادث، فيما سينضم الفريق اليمني إلى الفريقين الفرنسي والقمري. وقال المصدر اليمني إن الفريق اليمني زار الفتاة الناجية الوحيدة من حادث الطائرة في المستشفى. وقال اليمن إنه سيدفع 20 ألف دولار إلى عائلة كل ضحية من ضحايا الطائرة.

من جهة أخرى اتهم إبراهيم عبد الله وكيل وزارة الخارجية القمرية، فرنسا بشن ما وصفه بحملة إعلامية شعواء على بلاده على خلفية حادث تحطم الطائرة اليمنية أول من أمس، كما حمل بشدة على تغطية وسائل الإعلام الفرنسية للحادث، وقال إن دوائر فرنسية مشبوهة تسعى إلى تسميم العلاقات بين بلاده واليمن.

وكشف إبراهيم عبد الله في اتصال هاتفي من العاصمة القمرية مورونى لـ«الشرق الأوسط» عن بدايات توتر في العلاقات القمرية الفرنسية على خلفية هذا الحادث، وقال إن الجهات القمرية احتجت بشكل غير معلن على إصرار فرنسا على نقل الناجية الوحيدة من الحادث حتى الآن إلى خارج جزر القمر. وقال: «لا نريد أن يكون بيننا شد وجذب مع فرنسا، لكنهم أرسلوا أشخاصا غير جيدين لانتشال الجثث، والصيادون المحليون لدينا كانوا أكثر مهارة منهم». وأضاف: «مررت اليوم (أمس) على المستشفى المركزي في العاصمة مورونى وسألت: أين هي الجثث التي تباهت البحرية الفرنسية وأسطولها وغطاسوها بانتشالهم؟ فقيل لي إنهم لم ينجحوا حتى الآن في انتشال أي جثة»، مشيرا إلى أن انتشال جثث الضحايا الثلاث حتى الآن تم بواسطة الإمكانيات المحلية المحدودة وعلى أيدي صيادين.

ومضى إلى القول: «العملية الكبيرة والشاقة يقوم بها المحليون»، منتقدا مسؤولين في الحكومة الفرنسية قالوا قبل يومين إن الطائرة المنكوبة حوت عيوبا خطيرة وما كان لها أن تطير مجددا.

وتساءل: «إذن لماذا لم يبلغنا الفرنسيون بذلك، إذا كانوا منعوها من الطيران في فرنسا؟»، موضحا أن هناك فرنسيين وغيرهم يركبون الطائرة من مارسيليا وباريس، فكان يجب إخطار الجهات التي يتوجهون إليها.

وأضاف: «هم لم يخطرونا بوضع الطائرة مطلقا، وبالتالي لا نستطيع أن نمنع أي طائرة من أن تأتى إلينا».

وأكد أن اليمن حكومة وشعبا يشاطر حكومته وبلاده العزاء في هذا المصاب الجلل، معتبرا أنه «ليس هناك ما يدعو الفرنسيين إلى الاصطياد في المياه العكرة ومحاولة الوقيعة بيننا وبين أشقائنا اليمنيين».

وتابع: «المفروض أن اليمن هي الدولة العربية التي تسير رحلة طيران إلى جزر القمر، وهى تتكبد الخسائر في سبيل ذلك. أحيانا لا يكون على متنها سوى ستة أشخاص. اليمنية سجلّها نظيف ومعروفة».

ولفت إلى أن المواطنين في فرنسا انجرفوا وراء هذا التعصب والحقد الفرنسي الأسود، على حد تعبيره. وقال: «إحداهن قالت عبر إحدى المحطات الفرنسية إنها عثرت على فأر داخل الطائرة، وأخرى زعمت أنها وقفت من صنعاء إلى مورونى. هل معقول أن الدم لم يجف في عروق هذه المرأة؟».

واختتم إبراهيم تصريحاته النارية لـ«الشرق الأوسط» بقوله: «هذا كلام لا يجوز، ويصعب علينا تصديقه، ولا ينبغي أن يصدر من دولة بحجم فرنسا».