قمة أفريقيا تختتم أعمالها اليوم بإنجازات متقدمة في ملف الخلاف والنزاعات الإقليمية

قذاف الدم: الحكومة الاتحادية تلقى تأييدا متناميا.. أبو الغيط: المطالبة بتعليق ملاحقة البشير تعكس وعيا كبيرا

الرئيس السوداني عمر البشير لدى وصوله لحضور القمة الأفريقية بمدينة سرت أمس (أ.ب)
TT

تختتم القمة الأفريقية أعمالها اليوم «الجمعة» بمدينة سرت الليبية وسط الحديث عن إنجازات متقدمة في ملفات الخلاف وخاصة صلاحيات حكومة الاتحاد الأفريقي، وحسم النزاعات المفتوحة مثل الخلاف بين تشاد والسودان وإريتريا وإثيوبيا، وقضايا التنمية والأوضاع الاقتصادية. وقال أحمد قذاف الدم، المبعوث الشخصي للرئيس الليبي العقيد معمر القذافي، إن النقاش استمر على مدار يومين حول كثير من القضايا الأفريقية الخاصة بالتنمية وإنشاء الحكومة الاتحادية، مشيرا إلى أن الخلاف حول تلك الحكومة يدور حول صلاحيات الحكومة والوزارات، خاصة الداخلية والخارجية، و«بعدها نكون قد قطعنا شوطا نحو تحقيق الحلم الأكبر وهو قيام الولايات المتحدة الأفريقية».

وقال قذاف الدم لـ«الشرق الأوسط» «إن الخلاف سوف يحسم حول حكومة الاتحاد لأن ما يميز عمل الأفارقة هو الجدية وانعقاد القمم المتلاحقة والإصرار على المضي قدما والتقدم في جميع المجالات»، موضحا أنه تم الاتفاق في الملف الاقتصادي على التعاون والتنسيق في القوانين التي تسمح بانسياب التجارة وحركة المواطنين داخل القارة، وعلى الصعيد التنموي تم الاتفاق على الخروج من أطر النزاعات وحلها، والانتهاء من مراحل الحروب خاصة في الصومال، وكل النزاعات التي تفسد الجو العام في أفريقيا.

وحول إمكانية إنهاء الخلاف بين تشاد والسودان، قال قذاف الدم «إن الطرفين أصبحا مقتنعين بضرورة إنهاء كل المشاكل المزمنة بينهما، ولم يعد من المجدي للطرفين الاستمرار فيما يسمى بغزو الخرطوم أو إنجامينا وكذلك لن يجدي دعم المتمردين». وكشف أحمد قذاف الدم عن دمج مجلس الدفاع الأفريقي مع مجلس الأمن والسلم تحت اسم «ماس»، مبررا ذلك الدمج في إطار حكومة الاتحاد الأفريقي بقوله «لكي تصبح هناك أمانة واحدة للدفاع والأمن والسلم»، مضيفا «عندما ننظم أنفسنا إداريا فإن هذه الآلية تساعد على تسريع عجلة التنمية في أفريقيا». وكشف المسؤول الليبي أيضا عن دمج منظمة «النيباد» مع وزارة التجارة في أمانة واحدة تحت اسم أمانة التعاون الاقتصادي، مؤكدا أن تنفيذ ذلك يحتاج لتشكيل حكومة الاتحاد، وقال «إن الأفارقة يختلفون ويصرون في الوقت نفسه على الوصول إلى اتفاق، وهم عادة لا يختلفون على الأسس التي تخدم مصالح القارة، وإنما على التفاصيل وقد يسهرون حتى الصباح من أجل الاطمئنان على حل في التفاصيل ومن ثم تنفيذ ما اتفق عليه».

وحول ما توصل إليه بشأن المقترح الليبي الخاص بحكومة الاتحاد، قال قذاف الدم «ما زلنا نريد ونطالب بإنشاء وزارتين للخارجية وللدفاع، ولكن بعض الدول مترددة لأنهم يعتبرون هذه الوزارات جزءا من سيادتهم، ونحن نعتبر أن سيادة أفريقيا لن تكتمل إلا مع هاتين الوزارتين، وأن السيادة تبقى ناقصة لأن الوحدة تعزز السيادة لأفريقيا على كامل أراضيها ومياهها وقدرتها التفاوضية مع الآخرين».

وحول غياب الرئيس الإيراني أحمدي نجاد عن القمة رغم دعوته، قال قذاف الدم «اعتذر لأسباب وظروف داخلية في إيران، وكان دائما يحضر القمم الأفريقية»، مشيرا إلى أن أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني شارك في قمة الاتحاد الأفريقي بصفته رئيسا للقمة العربية في دورتها الحالية، إضافة للتعاون العربي مع دول أميركا اللاتينية، ومعروف أن سبع رؤساء من هذه الدول شاركت في القمة».

من جانبه، أكد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري أن القمة بحثت في أحد أبرز الموضوعات الملحة على اهتمامات الشارع الأفريقي وهو «الاستثمار في الزراعة» بما يعكس اهتمام القادة الأفارقة بالتصدي لأزمة أسعار الغذاء العالمية والتحديات الماثلة إزاء ما أضافته الأزمة المالية العالمية بدورها من مصاعب على اقتصاديات الدول الأفريقية، مشيرا إلى أن قطاع الزراعة في أفريقيا يمثل أحد أبرز القطاعات الاستراتيجية بسبب طبيعته كقطاع كثيف العمالة ولارتباطه بسد الفجوة الغذائية المتفاقمة في القارة التي تعانى من أقل مؤشرات التنمية البشرية عالميا.

وأضاف أبو الغيط أن طرح الرئيس مبارك أمام قمة شرم الشيخ الأفريقية التي استضافتها مصر في يوليو (تموز) الماضي، تضمن ركائز واضحة للمطالب الأفريقية وأهمها إيجاد حوار دولي بين الدول النامية والمتقدمة حول قضية أسعار الغذاء وما يرتبط بها من قضايا الوقود الحيوي بالإضافة إلى حاجة أفريقيا لنقل التكنولوجيا الحيوية وتعويض أفريقيا عن تأثيرات تغير المناخ. وحول أبرز النزاعات الأفريقية التي استحوذت على اهتمام القادة الأفارقة، ذكر وزير الخارجية المصري أن الميزان الدقيق بين اعتبارات تحقيق السلام في دارفور من جانب ومساءلة المسؤولين عن الانتهاكات التي حدثت بدارفور من جانب آخر هو الذي دفع بالقادة الأفارقة إلى تجديد مطالبتهم لمجلس الأمن الدولي والمحكمة الجنائية الدولية بتفعيل المادة 16 من معاهدة روما المنشئة للمحكمة لتعليق أمر ملاحقة الرئيس السوداني عمر البشير، كما أن تفاقم الأوضاع أخيرا بالصومال نال حقه من الاهتمام كذلك، حيث دعت القمة إلى سرعة نشر قوات أممية لحفظ السلام بالصومال ودعم الحكومة الصومالية. وأشار إلى اتساع حجم مساهمة القوات المصرية في عمليات حفظ السلام بأفريقيا في دارفور والكونغو الديمقراطية وكوت ديفوار والتزام مصر بتعزيز جهود حفظ السلام القارية والدولية.

ونفى وزير الخارجية ما يتردد عن رفض البعض لأطروحة إنشاء الولايات المتحدة الأفريقية، موضحا أن تباين الآراء بين بعض الدول الأفريقية ليس على وحدة الهدف بل على إيقاع تنفيذ الخطوات المطلوبة زمنيا وبالتدرج لتحقيق تلك الوحدة. وذكر وزير الخارجية أن كلمة الرئيس مبارك أمام القمة والتي ألقاها رئيس الوزراء د. أحمد نظيف أوضحت بما لا يدع مجالا للشك أن مصر تؤيد الشروع الفوري في تنفيذ المرحلة الانتقالية من مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى السلطة القارية في إطار زمني محدد وبشكل جاد ومتوازن يعزز العمل الأفريقي المشترك ويحقق الكفاءة والفعالية فيما يتعلق بدور السلطة وصلاحياتها. وقد أكد الرئيس مبارك في كلمته للقمة أن سلطة الاتحاد لا تنطلق من فراغ إنما تبنى على قدرات وإمكانيات مفوضية الاتحاد الأفريقي وصلاحياتها محددة بما تم التوافق عليه، وأن نجاح السلطة في الاضطلاع بمهامها هو وحده الكفيل بالإسراع بمنحها صلاحيات تتجاوز مستوى التنسيق في بعض المجالات إلى مستوى أرفع في قيادة عملنا الأفريقي المشترك. وحول أفضل النتائج التي خرجت بها مصر من قمة سرت الأفريقية الحالية، أوضح وزير الخارجية أن القمة جددت تأييدها لترشيح وزير الثقافة المصري فاروق حسنى لمنصب مدير عام اليونسكو وطالبت الدول الأفريقية بالالتزام بالقرارات الأفريقية المؤيدة للمرشحين الأفارقة للمناصب الدولية.