برلمانيون يطالبون بمحاكمة موسوي.. واتهامات إيرانية لواشنطن بتدريب وتمويل «جند الله»

ميركل تشبّه القمع في إيران بألمانيا الشرقية.. وأوباما يضعها على رأس جدول أعمال قمة الثماني

جنود ايرانيون بكامل جهوزيتهم يركضون في منطقة سكنية في طهران ابان المواجهات مع المحتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية.. والصورة غير مؤرخة وبثت على موقع تويتر على الانترنت مطلع الشهر الحالي (رويترز)
TT

في دلالة على عمق التوتر الذي يسود العلاقات الإيرانية ـ الأميركية على خلفية أزمة الانتخابات الرئاسية الإيرانية، قال تلفزيون «برس تي في» الإيراني إن عضوا بارزا من جماعة «جند الله» اعترف بأن الجماعة تدرب وتمول من قبل أميركا و«الصهاينة». ويأتي ذلك فيما قال البيت الأبيض إن الوضع في إيران بعد الانتخابات والملف النووي الإيراني سيكونان على رأس القضايا التي سيبحثها الرئيس الأميركي باراك أوباما في إيطاليا خلال مشاركته في قمة الثماني.

وقالت قناة «برس تي في» على موقعها الإلكتروني أمس إن عبد الحميد ريجي شقيق زعيم جماعة «جند الله» عبد المليك ريجي، اعترف أمام محكمة زاهدان جنوب شرقي إيران بأن واشنطن تقوم بتدريب وتمويل جماعة «جند الله»، التي تصنفها إيران بأنها «إرهابية» وتتهمها بالتخطيط وتنفيذ الكثير من الاعتداءات خلال السنوات القليلة الماضية. ووفقا لوكالة أنباء «فارس» الإيرانية فإن عبد الحميد ريجي هو واحد من 13 عضوا من «جند الله» اتهموا بأنشطة إرهابية خلال الأسابيع الماضية. وكانت السلطات الباكستانية قد اعتقلت عبد الحميد ريجي العام الماضي، ثم قامت بتسليمه إلى إيران. وقالت «برس تي في» إن المتهمين قالوا خلال المحاكمة التي جرت على خلفية الاعتداءات الأخيرة التي شهدتها مدينة زاهدان إن «وكالات استخبارات أجنبية» تدعم «جند الله»، وقالت «فارس» إن من ضمن اعترافات المعتقلين أنه بعد تسليم عبد الحميد ريجي للسلطات الإيرانية فإن وكالات الاستخبارات الأجنبية قالت لأعضاء الجماعة أن يزيدوا من هجماتهم التي كانت تتضمن احتجاز رهائن، للضغط على طهران لإطلاق سراح عبد الحميد ريجي. ويأتي ذلك فيما أعلن البيت الأبيض أن المسألة النووية والوضع السياسي في إيران سيحتلان مركزا رئيسيا في المحادثات التي سيجريها الرئيس الأميركي باراك أوباما الأسبوع المقبل مع قادة روسيا ومجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى في إيطاليا. وسيغادر أوباما واشنطن مساء الأحد على أن يصل إلى موسكو صباح الاثنين، حيث سيقدم عرضا عن تقدم المحادثات حول تقليص الأسلحة الاستراتيجية، ثم يتوجه الأربعاء إلى إيطاليا للمشاركة في قمة الدول الصناعية، ويبحث الأزمة الاقتصادية العالمية، والاحتباس الحراري، والحد من نشر الأسلحة النووية.

وقال مساعد مستشار الأمن القومي الأميركي دنيس ماك دوغ إن «إيران ستكون مسألة رئيسية في كل مرحلة»، وأضاف أن أوباما ينوي مواصلة ديناميكية الإعلان الأخير لوزراء خارجية مجموعة الثماني الذين أعربوا عن قلقهم أمام الوضع السياسي بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 يونيو (حزيران) في إيران، وأمام النشاطات النووية الإيرانية. وأوضح ماك دوغ أن أوباما «كان مرتاحا جدا لرؤيته أي دور لعبته روسيا في صياغة هذا الإعلان»، في الوقت الذي بدت فيه روسيا متحفظة خلال السنوات الماضية بالنسبة إلى السياسة الأميركية المتشددة ضد إيران. وقال أيضا إن أوباما «ينوي مواصلة المحادثات حول هذه المسألة المهمة، إن في موسكو وإن في لاكويلا» (وسط إيطاليا)، حيث ستعقد قمة مجموعة الثماني.

من ناحيتها وعدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أمس بـ«القيام بكل ما يمكن كي لا ننسى» الأشخاص الذين اعتقلوا في إيران على غرار الأشخاص الذين اعتقلتهم الشرطة السياسية في ألمانيا الشرقية السابقة التي تتحدر منها. وقالت ميركل في كلمة ألقتها في البرلمان قبل توجهها للمشاركة في قمة الدول الصناعية الثماني: «نفكر في الأشخاص الذين يُعتقلون يوميا، وسنقوم بكل ما يمكننا القيام به كي لا ننسى هؤلاء الأشخاص». وأضافت: «أعرف منذ زمن ألمانيا الشرقية مدى أهمية أن يهتم الناس في العالم بأسره بألا ينسوا من كان في بوتزين وهوهينشونهوسن (وهما سجنان في ألمانيا الشرقية)». وأوضحت: «آمل أن يكون هذا الاجتماع رسالة قوية للوحدة، مفادها أن حقوق التظاهر وحقوق الإنسان وحقوق المواطنين غير قابلة للتصرف».

وأكدت أنه من «الطبيعي أن يبقى موضوع السياسة النووية على جدول الأعمال. وأدعم بقوة عرض الرئيس أوباما للحوار المباشر مع إيران». كما قالت ميركل إنها تريد من قمة مجموعة الثماني أن تبعث برسالة قوية إلى إيران، لكنها شددت أيضا على أهمية إبقاء الباب مفتوحا أمام إمكانية إجراء محادثات بشأن برنامجها النووي.

وقالت ميركل في كلمة أمام مجلس النواب بالبرلمان الألماني: «آمل أن يبعث الاجتماع برسالة قوية تظهر وحدة الصف.. رسالة موحدة بأن الحق في التظاهر وحقوق الإنسان لا ينفصمان وأنهما يسريان على إيران.. أدعم بقوة عرض الرئيس باراك أوباما على إيران لإجراء محادثات مباشرة. سنسهم في هذا بطريقة موحدة. لا يمكننا إسقاط مسألة إيران مسلحة نووية لمجرد الوضع الحالي. سيكون هذا خطأ بكل معنى الكلمة». وتابعت ميركل: «على القيادة في إيران أن تعرف أنهم إذا اختاروا طريق العقل فإننا نرغب لإيران أن تنمو وتزدهر.. لكن إذا كان الحال غير ذلك فإننا لن نتردد في إعلان آرائنا وإبداء التضامن مع من هم على غرار موظفي السفارة البريطانية يتعرضون للضغط».

ويأتي ذلك فيما قالت مصادر دبلوماسية غربية أمس إن دول الاتحاد الأوروبي تبحث فكرة بريطانية بسحب السفراء بشكل جماعي من طهران لبعض الوقت، احتجاجا على اعتقال عدد من الإيرانيين الذين يعملون في السفارة البريطانية في طهران. وكانت طهران قد اعتقلت تسعة موظفين ثم أطلقت ثمانية، بينما ما زال شخص قيد الاعتقال تقول طهران إنه ساهم في الاضطرابات، إلا أن لندن نفت هذه المزاعم ودعت الاتحاد الأوروبي إلى سحب السفراء لبعض الوقت كطريقة للضغط على طهران.

وفيما تتفاعل أزمة الانتخابات الإيرانية على الصعيد الدولي فإنها تتفاعل أيضا داخليا، إذ طالبت مجموعة من النواب الإيرانيين المتشددين في البرلمان أمس بمحاكمة مرشح الرئاسة المهزوم مير حسين موسوي قضائيا، بشأن الاضطراب الذي أعقب الانتخابات وهز الجمهورية الإسلامية الشهر الماضي. ونقلت صحيفة «جافان» المتشددة أمس عن النائب محمد تاغي راهبار قوله: «أولئك الذين قاموا بمسيرات وتجمعات غير قانونية يجب ملاحقتهم قانونيا». وقالت الصحيفة إن راهبار كان ضمن عدة نواب يستعدون لأن يكتبوا للقضاء للشكوى من أنشطة موسوي بعد الانتخابات المتنازع عليها. ولم تذكر الصحيفة عدد المشرعين الذي يدعمون العريضة.

وفي علامة أخرى على ضغط المتشددين المتنامي ذكر التلفزيون الرسمي أن فرعا للطلاب من ميليشيا الباسيج ـ التي ساعدت الشرطة في قمع الاحتجاجات المؤيدة لموسوي في الشارع ـ حث النائب العام على إحالته إلى المحكمة. وقال تلفزيون «برس تي في» الناطق باللغة الإنجليزية في موقعه على الإنترنت إن طلاب الباسيج اتهموه «بتحريض أنصاره على الخروج إلى الشوارع لشن احتجاجات.. وتقويض الأمن القومي».

بدوره اعتبر المتحدث باسم الحکومة الإيرانية غلام حسين إلهام أن حكومة أحمدي نجاد ملتزمة بنهج «ولاية الفقيه»، وأن هذا هو سر الهجوم عليها، موضحا: «إن الشيء الذي جعل هذه الحکومة تتعرض لحملات محمومة من جانب الأعداء هو التزامها بمنهج ولاية الفقيه الذي کان مستهدفا من البداية من قبل الأعداء.. إن تشويه صورة الحکومة لم يؤدِّ إلى خفض شعبيتها لدى الشعب، بل جعل الآصرة التي تربطها مع الشعب أکثر قوة»، كما أشار إلى ما سماه «المؤامرات اللئيمة المخطط لها مسبقا ضد الحکومة». واعتبر المتحدث باسم الحکومة شعار الديمقراطية في مسار تغيير النظام من القضايا المطروحة من قبل الأعداء ومعارضي حکومة نجاد. وأشار إلهام إلى محاولات الأعداء للتدخل في مسار الانتخابات، وأضاف: «إن أعداء الثورة ومنذ فترة طويلة، وعبر مخطط محدد وسيناريو معد له سلفا، طرحوا موضوع المشارکة الواسعة في الانتخابات على النقيض من موقفهم الدائم المتمثل في المقاطعة».

واتهمت إيران مرارا قوى أجنبية، خصوصا بريطانيا والولايات المتحدة، بالتحريض على الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وبالتخطيط «لتقويض الدولة الإسلامية بمساعدة أشخاص من داخل البلاد». وذكرت وكالة أنباء «فارس» شبه الرسمية أن سبعة أشخاص مرتبطين بجماعات «مناهضة للثورة» ألقي القبض عليهم لأنهم «تورطوا بشكل نشط في أعمال الشغب والاضطراب» في طهران ومدينة قزوين بشمال غربي البلاد.

ورفض موسوي ومهدي كروبي ومحمد خاتمي، وكلهم من قيادات التيار الإصلاحي في إيران، مجددا أول من أمس، نتيجة الانتخابات وقالوا إن الحكومة المقبلة لأحمدي نجاد ستكون غير شرعية، وإنها جاءت نتيجة انقلاب عسكري أعد له منذ عام. ومع أن المتشددين بدا أنهم يتولون زمام السيطرة منذ تغلبت قوات الأمن على احتجاجات الشارع التي اندلعت في الأيام التي تلت الانتخابات، فإن موسوي وكروبي لم يتراجعا.

ويأتي ذلك فيما ذكرت تقارير إخبارية أمس أن مراسل مجلة «نيوزويك» الأسبوعية الأميركية، المعتقل في إيران بدعوى كتابته مقالات منحازة ضد طهران، اعترف بالاتهامات الموجهة ضده.

وأوضحت وكالة «فارس» أن الصحافي مازيار بهاري اعترف خلال مؤتمر صحافي بأنه كتب مقالات منحازة ضد طهران قبيل إجراء انتخابات الرئاسة. وألقت السلطات الإيرانية القبض على بهاري (42 عاما) في 21 من الشهر الماضي. وأشارت «فارس» إلى أن بهاري، الكندي من أصل إيراني، وصف علنيا كيف كان يعمل الصحافيون الغربيون قبيل الانتخابات على إسقاط الحكومة في إيران. ومن جانبها وصفت «نيوزويك» تلك المزاعم بأنها «سخيفة»، ودافعت عن بهاري واصفة إياه بأنه يؤدي مهام عمله بصورة جيدة، وأنه فوق جميع الشبهات. كما أشارت المجلة إلى أنه منذ اعتقال بهاري لم يتم السماح له بالتحدث، سواء إلى محاميه أو عائلته.