القوات الأميركية تبدأ عملية عسكرية واسعة في جنوب أفغانستان

عملية «خنجر» تستهدف السيطرة على معاقل المسلحين في ولاية هلمند

جنود من الكتيبة الأولى من مشاة البحرية الأميركية «المارينز» في معسكر ليزر نيك في انتظار ركوب طائرات الهليكوبتر لبدء العملية الهجومية «خنجر» ضد مسلحي طالبان في هلمند بجنوب افغانستان (أ.ب)
TT

شن آلاف من عناصر قوات المارينز الأميركية أمس، هجمات جوية وبرية على معاقل طالبان في أفغانستان في اختبار جدي لخطط الرئيس الأميركي باراك أوباما الجديدة بشأن الحرب في أفغانستان. ونقلت عشرات الطائرات القوات الأميركية من قواعدها قبل الفجر للبدء في عملية تستهدف السيطرة على معاقل المسلحين في ولاية هلمند جنوب البلاد قبيل الانتخابات الرئاسية التي ستجري في أفغانستان الشهر المقبل. وتعتبر هذه العملية التي يشارك فيها نحو أربعة آلاف جندي أميركي، أول عملية كبيرة تشنها تلك القوات منذ وصولها إلى أفغانستان في إطار استراتيجية أوباما الجديدة لوضع نهاية للنزاع المستمر ضد طالبان. وقال قائد قوات المارينز الجنرال لاري نيكلسون إن «ما يجعل هذه العملية تختلف عن غيرها من العمليات التي جرت قبل قدوم تلك الأعداد الكبيرة من القوات الأميركية إلى أفغانستان، هو سرعتها». وبعد ساعات من بدء هذه العملية التي تعد الأكبر منذ عملية الفلوجة في العراق في نوفمبر (تشرين الثاني) 2004، فإن الإصابات لم تتعد إصابتين بارتجاج دماغي بفعل عبوة ناسفة مصنعة منزليا انفجرت في منطقة ناوا باتجاه الحدود مع باكستان.

وصرح نيكلسون لوكالة الصحافة الفرنسية أن «هدفنا هو أن نلتقي بالسكان المحليين خلال ساعات، وهذا ما سنفعله خلال الأشهر السبعة أو الثمانية المقبلة». ويشارك في العملية التي أطلق عليها اسم «خنجر» التي تحمل نفس المعنى بلغة الداري والباشتو بينما أطلق عليها بالانجليزية اسم «ضرب السيوف»، نحو 650 شرطيا وجنديا أفغانيا. ونقل أسطول من المروحيات نحو 300 جندي من معسكر صحراوي يدعى «دوير» عند الفجر. وأعرب قائدهم عن ثقته من أنهم سينتهون من تطهير طريق رئيسي وتأمين جسر وسيلتقون بالسكان المحليين عند المساء. وصرح الكابتن جونوي صن (39 عاما) قائد سرية فوكس في كتيبة المشاة 2/8 «قلت لرجالي إن كل ما قاموا به للإعداد لهذه العملية يعني أنهم أصبحوا مستعدين للقيام بها». وأضاف الكابتن أن قوات الأمن الأفغانية تتوجه إلى المواقع المستهدفة حيث ستتجمع القوات، مضيفا «نتوقع أن نواجه مقاومة ونتواجه مع الأعداء». وذكر القادة أنه من المقرر أن تستمر المرحلة الأولى للعملية نحو 36 ساعة. ومن المقرر أن تتجه القوات جنوبا حتى وادي نهر هلمند داخل المناطق التي يسيطر عليها المسلحون وحيث فشلت القوات الأجنبية في ترسيخ وجود لها رغم الإطاحة بحركة طالبان من السلطة عام 2001. وقال القادة إنهم سيقنعون السكان المحليين بأن القوات الأمنية الأفغانية، تدعمها القوات الغربية، ستوفر لهم مستقبلا أفضل من ذلك الذي يمكن أن يوفره المتشددون الإسلاميون. وقال نيكلسون لرجاله في لقاء معهم في معسكر ليذرنيك عند بدء العملية «هذه خطة كبيرة وخطيرة.. وتشتمل على مخاطر عظيمة وفرص رائعة». وأضاف «هذه أيام تغيير كبير في ولاية هلمند. سنتوجه إلى هناك، وسنبقى هناك، هذا هو الاختلاف هذه المرة». وبشأن الاستراتيجية الأميركية الجديدة، أكد نيكلسون أن الاحتياجات الأمنية لسكان هلمند أكثر أهمية من قتل رجال طالبان. وأضاف «من أهم الأمور أن نشرح للناس سبب وجودنا هناك. وليس لدينا سوى فرصة محدودة لكسب ثقتهم».

وصرح لقادته وللصحافيين المرافقين لتلك القوات «إن ما نقوم به سيسمح بعملية تسجيل الناخبين في المناطق التي لم يجر فيها أي تسجيل». ومن بين الأهداف الرئيسية للهجوم البري والجوي مناطق في ناوا وغارمسير المجاورة حيث يعتقد أن العديد من المسلحين يختبئون وينتجون الأفيون لتمويل المسلحين. وذكر قادة عسكريون أنهم يتوقعون العثور على ما بين 300 و500 من مسلحي طالبان في منطقة ناوا. كما تحدثوا عن دور رئيسي تلعبه فرق تطهير الطرق من العبوات الناسفة المصنعة منزليا، وهي الأسلحة المفضلة للمسلحين. وأضافوا أن طائرات الاستطلاع ستراقب الوضع من الجو فيما سيتم إبلاغ السكان المحليين بالتطورات عبر مكبرات الصوت. وقال قائد القوات الأفغانية الجنرال شاير محمد زازاي إن العملية التي تجري على ثلاث جبهات سترسخ الأمن «حتى يستطيع الناس أن يتوجهوا للإدلاء بأصواتهم بثقة ومن دون خوف». وتخشى السلطات الأفغانية من أن يقوض مسلحو طالبان ثاني انتخابات رئاسية تجري في تاريخ البلاد عن طريق العنف والترهيب. وقالت وزارة الدفاع إن «هدف هذه العملية إعادة السيطرة على المناطق غير الخاضعة للسيطرة الحكومية وستتواصل العملية حتى يتم تحقيق الهدف». وعملية «خنجر» هي على ما يبدو أكبر عملية مشتركة في أفغانستان منذ مارس (آذار) 2007 عندما قادت القوات البريطانية 5500 جندي في حملة في هلمند.

وفي لندن أعلن وزير الدفاع البريطاني، أمس، أن الجنديين التابعين لقوات حلف شمال الأطلسي اللذين قتلا بانفجار في جنوب أفغانستان بريطانيان. وقتل الجنديان أول من أمس في إطار عملية بانشاي بالانغ «مخلب النمر» قرب لشكرقاه في وسط ولاية هلمند جنوب أفغانستان، وفق ما جاء في بيان وزير الدفاع البريطاني. وكانت القوة الدولية لإرساء السلام في أفغانستان أعلنت الأربعاء عن مقتل اثنين من جنودها وجرح ستة آخرين في انفجار قنبلة يدوية في جنوب البلاد. وهي تترك عادة مهمة تحديد هوية الجنود القتلى لبلدانهم. وبذلك يرتفع عدد الجنود البريطانيين القتلى منذ بداية العمليات العسكرية في أفغانستان في العام 2001 إلى 171 قتيلا. وبلغت حصيلة قتلى القوة الدولية لإرساء السلام في أفغانستان 158 قتيلا منذ مطلع العام الجاري بحسب أحد المواقع الإلكترونية المتخصصة. وينتشر ما يقارب 90 ألف جندي قادمين من 40 دولة في أفغانستان، حيث يسجَّل منذ سنتين تصعيد في أعمال العنف التي يشنها المتمردون.