صنعاء تشكو عدم تعاون باريس وتطلب مشاركة الأميركيين في البحث

الصبية الناجية تصل إلى باريس.. ووالدتها بين ضحايا تحطم الإيرباص اليمنية

رجل من جزر القمر يرفع صوته محتجا ومعه عدد من النساء يعيشون في فرنسا اغلقوا الطريق المؤدي الى مكتب شركة الطيران اليمنية في مطار مرسيليا أمس (أ ب)
TT

تشهد العلاقات اليمنية ـ الفرنسية توترا ملحوظا منذ تحطم طائرة الـ«إيرباص 310» التابعة للخطوط الجوية اليمنية الثلاثاء الماضي أثناء محاولتها الهبوط في مطار موروني عاصمة جزر القمر، وهو الحادث الذي قضى فيه 152 شخصا ونجت منه فتاة واحدة فقط. وبدأ التوتر عقب الحادث مباشرة بعد تصريحات أدلى بها سكرتير الدولة الفرنسي للنقل دومينيك بوسرو الذي وضعت تصريحاته شركة الخطوط الجوية اليمنية في محل اتهام بالتقصير أو الإهمال في الصيانة للطائرات، وذلك عندما قال إن السلطات الفرنسية كانت تضع رقابة مشددة على طائرات «اليمنية» وإن الطائرة التي سقطت في موروني كانت ممنوعة من الطيران في الأجواء الفرنسية لأنه، وبحسب كلامه، رصدت فيها كثير من الأخطاء، وهو ما اعتبرته صنعاء موقفا استباقيا من قبل الفرنسيين للحكم في قضية سقوط الطائرة، من دون الانتظار لنتائج التحقيقات. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة في صنعاء أن القوات الفرنسية في جزر القمر ترفض أو تتجاهل إشراك فريق التحقيق اليمني الذي وصل إلى موروني للمشاركة في أية تحقيقات تجرى بشأن حادث سقوط الطائرة وعمليات البحث عن جثث الضحايا، على الرغم من أن اليمن أرسل فريقا من الغواصين وأفرادا من القوات الخاصة، إلى جزر القمر، وعلى الرغم أيضا من الإعلان عن تشكيل فريق تحقيق مشترك (فرنسي وقمري ويمني). وقالت المصادر إن السلطات اليمنية طلبت من الولايات المتحدة المشاركة في التحقيقات، إلى جانب المشاركة في عمليات البحث عن جثث الضحايا. ويعتقد مراقبون في صنعاء أن الخطوة اليمنية تهدف إلى تجنب المواجهة المباشرة مع الفرنسيين والاستفادة من الثقل الأميركي للبقاء على اطلاع على مستجدات القضية بصورة أكثر قربا، على الرغم من أن القانون الدولي لا يعطي الحق للأميركيين المشاركة في العملية سوى بصورة «ودية»، لأنه يعطي الحق في القيام بعمليات البحث وغيرها، أولا للدولة المالكة للطائرة وهي اليمن، أو الدولة التي ينتمي إليها أكثر الركاب الضحايا أو الدولة التي سقطت في مياهها أو أراضيها الطائرة، وهي في الحالتين الأخيرتين، جمهورية جزر القمر.

وقال مصدر يمني لـ«الشرق الأوسط»، رفض الكشف عن اسمه: «مع الأسف لا يوجد تعاون من قبل الفرنسيين معنا أو مع القمريين». وفي صنعاء عقد وزير النقل اليمني مساء أمس مؤتمرا صحافيا في مطار صنعاء الدولي، لم يأت فيه بأي جديد، لكنه استعرض تطورات القضية منذ أول لحظة وحتى الآن، مع تأكيده على أن الملاحظات التي طرحت على الطائرة التي تحطمت كانت تتعلق بأمور بداخل الطائرة كالديكور والكراسي وغيرها من التجهيزات وهي أمور جرى إصلاحها، حسب الوزير.

وفي وقت لاحق علمت «الشرق الأوسط» من مصادر في الخطوط الجوية اليمنية أن غواصة إيطالية ستصل إلى مياه جزر القمر اليوم أو غدا وذلك بهدف الاستعانة بها في عملية البحث عن الصندوقين الأسودين للطائرة اليمنية المنكوبة، اللذين رصدت القوات الفرنسية إشارة من أحدهما في المياه تحت عمق 500 متر.

وفي موروني، تواصلت أمس عمليات البحث في منطقة تحطم طائرة الإيرباص التابعة للخطوط اليمنية قبالة سواحل جزر القمر، من دون آمال كبيرة في العثور على ناجين، في حين وصلت الناجية الوحيدة البالغة من العمر 12 عاما إلى فرنسا.

وبعد 48 ساعة من وقوع الكارثة، تم صباح أمس مجددا نشر الإمكانات البحرية والجوية التي وفرتها فرنسا والولايات المتحدة، في مسعى للعثور على ناجين محتملين ولانتشال جثث الضحايا والصندوقين الأسودين للطائرة، بحسب ما أفادت المتحدثة باسم الهلال الأحمر رامولاتي بن علي.

وأوضحت المتحدثة لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الصعوبات التي نلاقيها في انتشال الجثث تعود لكون هيكل الطائرة موجودا على عمق 300 إلى 400 متر وفي وضع يجعل من الصعب الوصول إليه. أما الجثث التي طفت فإنها انجرفت بسبب سوء الأحوال الجوية وهيجان البحر». وأضافت: «انطلاقا من اليوم سيبدأ غواصون محترفون فرنسيون وأميركيون فعليا عملهم».

وحتى اليوم، فإن الناجية الوحيدة هي الفتاة بهية البكري (12 عاما) التي تم إنقاذها بعد أن أمضت «نحو عشر ساعات» في الماء متشبثة بحطام الطائرة.

وكان 150 راكبا آخر وأفراد الطاقم على متن طائرة الـ«إيرباص ايه ـ 310» التي تحطمت ليل الاثنين ـ الثلاثاء بعد محاولة هبوط فاشلة.

ووصلت بهية صباح أمس إلى مطار في منطقة باريس على متن طائرة وزير الدولة الفرنسي للتعاون الآن جوانديه القادمة من موروني.

والتقت الفتاة الناجية بأعجوبة، والدها قبل إدخالها المستشفى. وهي تعاني من كسر في الترقوة ومن حروق في الرقبة.

وقال قاسم بكري والد بهية: «إني أرى ابنتي وإني لسعيد، لكن هناك أيضا أمها» المفقودة في الكارثة.

وكانت بهية استقلت الطائرة مع أمها من مرسيليا جنوب فرنسا حيث تعيش جالية قمرية كبيرة، لتمضي عطلة الصيف في جزر القمر.

من جهة أخرى، عاد أحمد عبد الله سامبي رئيس اتحاد جزر القمر الذي يضم ثلاث جزر فقيرة في المحيط الهندي، الليلة الماضية إلى بلاده قاطعا مشاركته في القمة الـ13 للاتحاد الأفريقي التي بدأت الأربعاء في سرت بليبيا.

وعقد سامبي اجتماعا داخل مطار موروني حيث تم إبلاغه بآخر تطورات عمليات النجدة من قبل رئيس أركان الجيش بالوكالة.

وبعيد ذلك، حطت طائرة تابعة للخطوط اليمنية قادمة من باريس عبر صنعاء، في موروني وعلى متنها أقارب ركاب الطائرة المنكوبة الغاضبون على الشركة أو المتأثرون بسبب فقدان أقاربهم.

وثار جدل أيضا حول حادث طائرة الخطوط اليمنية بين فرنسا وجزر القمر، حيث انتقد نائب رئيس جزر القمر فرنسا لعدم إبلاغها موروني بحالة طائرة الـ«إيرباص ايه ـ 310» المنكوبة.

ورد وزير الخارجية الفرنسي بيرنار كوشنير من دكار على هذه الانتقادات وقال إن «الطائرة منعت من الطيران في بلادنا، والجميع، للأسف، كان على علم بذلك». وبعيد الحادث سارعت فرنسا إلى الإشارة إلى «عيوب» الطائرة التابعة للخطوط اليمنية التي كانت ممنوعة من الطيران في فرنسا منذ 2007.

وأضاف كوشنير أنها «ليست مسألة انتقام، إنها ليست مسألة مسؤولية. 66 فرنسيا قتلوا بالإضافة إلى كثيرين من جزر القمر وآخرين أيضا، وأنا أعرب عن حزني العميق لجميع العائلات».