الحريري عن زيارته لدمشق: كل شيء بوقته حلو.. وحكومتنا تشكل في لبنان

نائب عن حزب الله لـ «الشرق الأوسط» : المحادثات مع سورية أمر طبيعي *رئيس الحكومة المكلف غير ملتزم بسقف زمني

TT

وسط تضارب المعلومات في لبنان حول زيارة رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري لسورية قبل تشكيل حكومته، قال الحريري، أمس، تعليقا على الأمر «نريد أفضل علاقات مع سورية، ولكن كل شيء بوقته حلو». وأكد الحريري بعد زيارته رئيس الجمهورية اللبنانية، ميشال سليمان، في القصر الجمهوري في بعبدا، مساء أمس، أن «موضوع تشكيل الحكومة يسير بشكل طبيعي ومن دون ضجيج»، مشددا على أن «حكومة لبنان تشكل في لبنان، والمراسيم تصدر من بعبدا، وأي كلام آخر غير صحيح». وأضاف «الأمور سائرة في النحو الصحيح».

وبدأت التسريبات التي تم تداولها في لبنان، حول زيارة وشيكة للحريري إلى دمشق، بالانحسار، ليبقى السؤال عن مدى تأثير الزيارة أو عدمها على التسريع في تأليف الحريري حكومة ترضي جميع الأطراف اللبنانية، وعن رسائل تسعى دمشق إلى تمريرها بهدف جس النبض، لاحتمال «المطالبة بالزيارة» قبل التأليف أو «غض النظر» ليتم التأليف، فتصبح الزيارة في إطار العلاقات الرسمية بين الدولتين. وتفيد مصادر قريبة من الحريري، أنه «يتابع العمل بتكتم وهدوء»، مع الإشارة إلى «أنه ليس ملتزما بسقف زمني محدد لتشكيل الحكومة». وكان الحريري قد استقبل أمس، السفير الإيراني لدى لبنان محمد رضا شيباني، الذي قال عقب اللقاء، إنه عقد «لقاء مفيدا ومؤثرا مع الرئيس الحريري»، وأشار إلى أن الحديث تناول مختلف المستجدات السياسية على الساحة اللبنانية وكذلك الإقليمية والدولية. وأضاف: «أكدنا مواقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية تجاه كل هذه الموضوعات، أو أن لديها موقفا مبدئيا وثابتا في مجال تقوية الصف اللبناني، والعمل على ترسيخ الوحدة الوطنية اللبنانية بين كل الأطياف والفئات والتيارات السياسية الموجودة في المجتمع اللبناني، كما أكدنا له أن إيران لن تألو جهدا في مجال دعم كل التحركات السياسية، التي من شأنها أن تخدم هذا الهدف النبيل». وفي حين تحمل هذه الزيارة دلالات إيجابية، يبقى تداول مسألة زيارة الرئيس المكلف إلى دمشق مطروحا، لكن بصيغة أخرى يعكسها التجاذب الذي يشهده لبنان بين قوى «14 آذار» من جهة و«حزب الله» وحركة «أمل» من جهة ثانية. وقال النائب في حزب الله علي فياض، لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك أصواتا «تشوش على الحل وتبطئ حركته، لكنها لا تستطيع أن تعطل مسار أحداث تسودها مناخات التهدئة والتوافق». وأشار إلى «ضرورة التعامل وفق أولوية المصلحة الوطنية»، وقال إن «المرحلة الحالية تحتاج إلى خطابات هادئة وتعاون لتذليل العقبات». وأكد أن حزب الله لم يضع شروطا مسبقة أمام الرئيس المكلف، ودعا إلى الالتزام «بمبادئ عامة تؤدي إلى المشاركة الحقيقية والفاعلة، وتدعو الجميع إلى إدراك أهمية المرحلة، وتجاوز مأزق الانقسام القائم»، مشيرا إلى أن «المرحلة تحتاج إلى الهدوء».

واعتبر النائب في تيار «المستقبل» محمد الحجار، أن سورية لن تستفيد إذا بدت وكأنها تتدخل في الشؤون اللبنانية، وقال: «إذا كان ما يتردد في وسائل الإعلام عن شروط سورية تفرض على الحريري زيارة دمشق قبل تسهيل تشكيل الحكومة، فإن الأمر ليس لمصلحة سورية، لا سيما أن الأوضاع في لبنان تتطلب مشاركة وليس تعطيلا للوصول إلى حكومة وحدة وطنية».

وفي حين يشير الحجار، إلى عدم امتلاكه معلومات بشأن ما يتردد عن زيارة سيقوم بها الحريري إلى دمشق قبل تأليف الحكومة، يقول: «إذا كان صحيحا ما يتردد، فهذا الأمر غير سليم، مع أن ذهاب الحريري في وقت لاحق والزيارات المتبادلة بين مسؤولين لبنانيين وسوريين إلى دمشق أمر يخدم لبنان، ولكن بعد تشكيله حكومة تنال الثقة في المجلس النيابي، على أساس بيانها الوزاري، الذي يؤكد ثوابت قوى الغالبية النيابية في إطارها الوطني والسياسي». ويرى النائب عن حزب الله، فياض، أنه يفترض «أن تكون العلاقة جيدة بين الرئيس المكلف، أو أي رئيس حكومة آخر، مع سورية». ويقول إن الأسباب لذلك كثيرة، «منها ما ينص عليه اتفاق الطائف، وأيضا الخصوصية التي تميز علاقة البلدين، وحاجة لبنان إلى التعاون لمواجهة التحديات المشتركة، وقدرة سورية على مساعدة لبنان في إرساء أسس الاستقرار، وما يطرح عكس ذلك يناقض الجغرافية السياسية». ولا يعتقد فياض أن هناك شروطا سورية على الرئيس المكلف لتسهيل مهمته، ويقول: «هناك مناخات على المستوى الإقليمي تطال ملفات مشتركة، وهذا أمر طبيعي. سورية في الملفات المشتركة لا تحدد موقفا من طرف واحد، وأمر طبيعي أن تكون هناك محادثات مع سورية، لأنها قادرة على مساعدة لبنان ليتجاوز أزماته».

ورأى أن «هناك مناخا إقليميا يقوم على التهدئة والتوافق، وإذا تمكن هذا المناخ من تجاوز سياسة المرحلة الماضية، وإعادة التفاهم على قضايا المنطقة، بما فيها لبنان، من الطبيعي أن يشكل هذا الأمر بيئة مشجعة للأطراف المحليين». ونفى أن يكون الدور الذي يلعبه العرب في تشكيل الحكومة يشكل «ضغطا»، وقال: «لبنان يتأثر كثيرا بالعوامل الإقليمية التي تدور حوله، وهذا المناخ يؤثر لكنه لا يصادر القرار اللبناني». وأضاف: «اللبنانيون يستطيعون اتخاذ قراراتهم وإدارة شؤونهم والاستفادة من المناخ الإقليمي السائد». وشدد فياض، على أنه «من الخطأ الاعتقاد أن الأمور اللبنانية تقرر في الخارج»، ليضيف: «من جهتنا كمعارضة نحن على تحالف مع سورية، وهذا الأمر له تأثيره، لكننا كقيادات نقرر أمورنا بإرادتنا». وكان رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في تصريح له لوكالة «رويترز»، قد استبعد أن يزور الحريري دمشق قبل تشكيل الحكومة. واعتبر أن الزيارة هي «خطوة لن يكون لها أي نتائج ولن تؤدي إلى أي مكان، لا بل يمكن أن تؤدي إلى نتائج سلبية، وإلى إحباط إضافي وسوء أضافي في العلاقة بين البلدين، لأن خطوة كهذه غير ناضجة».

وأعرب عن تصوره أن «الحريري إذا أراد الذهاب لن يذهب ليحل مشكلاته، بل سيذهب ليحل مشكلات اللبنانيين مع سورية، وحتى يحل مشكلات اللبنانيين يجب أن تكون الحكومة قد تشكلت، ووضع جدول أعمال للزيارة». ورأى أن «الأولوية الآن لتشكيل الحكومة التي لا نقبل إلا أن تكون عملية لبنانية داخلية كليا، في إطار المؤسسات الدستورية». وقال: «حصل نوع من التريث في الانطلاق مباشرة بتشكيل الحكومة، وذلك في انتظار ما ستسفر عنه الحركة العربية المكثفة، ربما لأن هذه الحركة تضفي أجواء إيجابية أكثر على تشكيل الحكومة».