نايلة تويني: من جدي المر تعلمت المفاوضات.. ومن جدي تويني الصلابة والفلسفة

أصغر نائب في البرلمان قالت لـ «الشرق الأوسط» إنها ستعلن قريبا خطوبتها من مالك مكتبي وستكون صوت الشباب

TT

تجلس نايلة تويني (26 عاما)، أصغر نائبة في البرلمان اللبناني، في مكتب جريدة «النهار» المطل على ساحة الشهداء في وسط بيروت، تستقبل المهنئين وتوزع عليهم حلوى الفوز في الانتخابات النيابية، مرفقة بمجسم ديك «النهار» الأزرق. كل أفراد العائلة يحيطون بها ويرافقون خطواتها من خلال صورهم الموزعة في كل زوايا الغرفة، ولوالدها جبران تويني، النائب والصحافي الذي اغتيل، الحصة الكبرى. لا يزال شال «ثورة الأرز» بلونيه الأحمر والأبيض، على الرغم من افتقاده بريقه، يتدلى على الكرسي منذ ثلاث سنوات و7 أشهر، يوم استشهاد جبران الذي لا تزال صورته تزين صدرها وشاشة هاتفها. تجتمع مكونات هذا المكتب، حيث كان ينشط جبران الثائر والنائب والصحافي، لتمنح وريثته في السياسة والصحافة دفعا وحماسة لتحقيق أحلامه وطموحاته الوطنية على الرغم من قولها: «التحدي هو أن أصنع شخصيتي وأن أثبت أنني نايلة المستقلة ولست فقط ابنة جبران». لم يخل حديثها لـ«الشرق الأوسط» الذي قالت خلاله إنها ستعلن خطوبتها قريبا من الإعلامي مالك مكتبي، من استذكار والدها، فيما عكست ملامح وجه نايلة تويني وكلامها هدوءا ممزوجا بتوتر وحماسة شديدة. وفي ما يلي نص الحوار:

* كيف تعرف نايلة تويني عن نفسها اليوم بعد كل المعاناة التي مرت بها خلال 4 سنوات منذ استشهاد والدها، إلى أن أصبحت أصغر نائبة في البرلمان اللبناني؟

ـ نايلة هي الإنسانة التي تقع على عاتقها مسؤوليات كثيرة تجاه وطنها والمؤسسة الإعلامية التي تنتمي إليها وتجاه والدها وأحلامه وطموحاته الوطنية.

* كيف بدأت خطواتك البرلمانية الأولى وكيف ستعملين على إرضاء طموح جبران تويني؟

ـ كي أرضي والدي يجب أن أبقى على خطه الذي اقتنع به وليس فقط لأنني ورثته. لم أرث خط جبران ونهجه وأفكاره وطروحاته للبنان فقط، بل أنا مقتنعة ومؤمنة بها. بالنسبة إلي يجب أن أكون على قدر المسؤولية التي أعطاني إياها الناس في الانتخابات النيابية، التي ينتظرها مني الشباب من مشاريع وبرامج وخطاب سياسي.

* هل كل هذه الأمور التي تتكلمين عنها تتوافق مع حلم الشابة نايلة تويني والأحلام التي كانت تراودها في طفولتها، أم أنها حمل ثقيل تجدين نفسك مرغمة على القيام به؟ ـ ولدت في هذا الجو وفي هذه العائلة وفي هذه البيئة. ترعرعت على حب الوطن والتضحية من أجله. لكن بالتأكيد لم يكن حلمي يوما أن يستشهد والدي وأجد نفسي في الموقع الذي أنا فيه. لكن جبران استشهد، وأنا إنسانة مؤمنة بالقدر وبلبنان، وعلينا أن نضحي بدمنا من أجله. اليوم أنا متصالحة مع نفسي، وسأكون على قدر المسؤولية، وإن كان الحزن لا يزال يغمر قلبي.

* لطالما نسمع في لبنان انتقادات تتعلق بالوراثة السياسية، فما رأيك، لا سيما أنك ورثت السياسة والصحافة في الوقت عينه؟

ـ ورثت السياسة والصحافة «فيها وما فيها»، لكنني من عائلة سياسية صحافية، لذا أقول إذا لم أحب الصحافة فلا أستطيع أن أمارسها أو أبرع فيها، لا سيما أن هذه المهنة حياة يومية وشغف على كل صحافي أن يعيشه. هي ليست وراثية بقدر ما هي تأثر بالجو العائلي الذي عشت فيه. أما في السياسة، فإذا لم ينتخبني اللبنانيون فلم أكن أستطع الوصول إلى البرلمان، وهنا التحدي والشطارة في أن أصنع شخصيتي وكياني وأن أثبت أنني نايلة المستقلة القادرة وليست فقط ابنة جبران، لأنني إذا كنت كذلك فهذا يعني أنني فاشلة. وهذا هو سر جبران تويني الذي أنا أتمثل به، ولم يكن يعرف بجبران بن غسان تويني بل «جبران» بشخصيته المتميزة.

* لماذا لمس القراء تراجعا في جريدة «النهار» بعد استشهاد جبران تويني؟

ـ من الطبيعي أن تهتز «النهار» بعد غياب جبران، ولكنها لم تتراجع، وذلك نظرا إلى أننا مررنا في تلك الفترة بمرحلة حداد على رجل كان يختصر بشخصه كل هذه المؤسسة بما تمثل من مشاريع وأحلام، إضافة إلى كونه المناضل و«الثورجي» والسياسي والنائب والصحافي. لكننا اليوم نبدأ مرحلة جديدة، نعمل على إعادة تأهيل «النهار» والانطلاق بخطة جديدة تبدأ بوادرها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. ستظهر «النهار» بحلة جديدة من كل النواحي، من طريقة الكتابة إلى تقديم الموضوعات والإخراج.

* تدربت في جريدة «لو فيغارو» LE FIGARO الفرنسية، بماذا تختلف الصحافة الفرنسية عن اللبنانية؟

ـ أستطيع أن أتكلم عن الأمور التي اطلعت عليها في «le figaro»، إذ يبرز الاختلاف بينها وبين الصحافة اللبنانية في كونها لا تعتمد على النصوص الكبيرة التي نقرأها في إعلامنا، كما أنهم يولون اهتماما للصورة وما يعرف بالـ«اللقطات»، إضافة إلى الفن والثقافة والرياضة، في حين أن السياسة تأخذ الحيز الأكبر من مساحات الصحف العربية. وهذا ما سنحاول الاعتماد عليه في حلة «النهار» الجديدة، سنقدم ما وراء الخبر وسنخرج عن صيغة أخبار الوكالات وقاعدة «استقبل وودع» التي لن ينتظر القارئ اليوم التالي ليحصل عليها بعدما صار بإمكانه استقصاؤها من المواقع الإلكترونية.

* تنتمين إلى عائلتين مختلفتين في التوجه السياسي، آل المرّ (عائلة والدتك) وآل تويني، ماذا تعلمت من كل منهما في السياسة؟

ـ تعلمت من كل شخص في هاتين العائلتين أمورا مهمة في السياسة وفي الحياة. من جدي ميشال المر، تعلمت كيفية التعامل مع الناس وسماعهم والتواصل الدائم معهم، وكيفية العمل على إدارة الأمور السياسية والمفاوضات.

من جدي غسان تويني الذي أعتبره مرجعا في التاريخ والسياسة، تعلمت النضج والهدوء والصلابة والفلسفة في الآراء السياسية والرؤية المستقبلية. من والدي جبران، استلهمت الثورة والصراحة في السياسة، وأن لا أفكر إلا في مصلحة وطني واللبنانيين وأن أبتعد عن الأنانية والمصلحة الشخصية في السياسة.

من خالي النائب والوزير مروان حمادة، عرفت الدبلوماسية في طرح الأمور السياسية. أما من خالي، وزير الدفاع إلياس المرّ فعايشت هدوءه وكيفية إتمام عمله بالكتمان بعيدا عن الظهور الدائم على الإعلام. في وسط كل هذا التنوع الذي أبصرت فيه النور، تأثرت بكل من هم حولي واستطعت أن أكون شخصية نايلة تويني التي هي عليها اليوم.

* متى تجدين نفسك ضعيفة، ومتى تتمتعين بالقوة؟

ـ أشعر بالضعف عندما أفكر بجبران وأشتاق إليه وأحتاج لوجوده بجانبي كوالد. وأتمتع بالقوة والتحدي عندما أقوم بعملي في جمعية «نهار الشباب» ومؤسسة «النهار» وفي المجلس النيابي.

* ما الصعاب التي واجهتها أو تواجهينها وتشعرين أنك عاجزة عن القيام بها؟

ـ أحيانا كثيرة أواجه أمورا معينة قد تكون صعبة وألمس عندها الفراغ الذي تركه جبران، وأسأل: «لو كان جبران هنا، ماذا كان سيفعل وماذا كان سيقول؟». لكننا في المؤسسة نعمل كفريق متماسك مؤمن بخطه وطموحه. والأهم من ذلك أننا نتخطى هذا الفراغ من خلال مشاريعه التي تملأ أوقاتنا منذ استشهاده، بدءا من جمعية «نهار الشباب» مرورا بحكومة الظل الشبابية ووصولا اليوم إلى إعادة تأهيل جريدة «النهار».

* لو لم تجد نايلة تويني نفسها في هذا المكان اليوم، أين كنا سنجدها؟

ـ كنت سأكون صحافية أعمل على صقل قلمي وشخصيتي الصحافية.

* هل ستكملين مسيرتك الصحافية أم ستتفرغين للسياسة؟

ـ بالتأكيد سأكمل ما بدأت به منذ استشهاد والدي، وسيبقى قلمي حاضرا في جريدة «النهار».

* ماذا ستقدمين للشباب اللبناني بشكل عام وللمرأة اللبنانية بشكل خاص من موقعك في البرلمان اللبناني؟

ـ سأكون دما جديدا وصوتا صارخا يطرح هموم الشباب والمرأة اللبنانية. سأعمل بمساعدة فريق عمل من الشباب يقدم المواضيع وأنا أطرحها. وبالتالي سأبذل جهدي لأترك بصمة كي يقال في ما بعد إن نايلة تويني استطاعت تحقيق شيء ما حيث كانت في البرلمان.

* كيف ستعملين من موقعك النيابي على إرضاء حكومة الظل التي ترعينها، لا سيما أنها العين التي تراقب عمل الحكومة والبرلمان الذي أصبحت عضوا فيه؟ ـ سأطلب من رئيس مجلس النواب نبيه بري، دعمنا لتأسيس «برلمان الشباب» على غرار «حكومة الظل»، لأكون صوتهم وهمزة الوصل بينهم وبين حكومة الظل والبرلمان اللبناني.

* هل أنت مرشحة لتولي منصب وزاري؟ وإذا طلب منك ذلك أي حقيبة تختارين؟

ـ لا أطمح إلى هذا المنصب ولا أفكر في الموضوع.

* الفتيات في سنك يحلمن بالزواج وتكوين أسرة، أين أنت من هذا الحلم؟ وهل سيؤثر وجودك في البرلمان على تحقيقه؟

ـ لا شيء يؤثر على تكوين أسرة. بالنسبة إلى العائلة فهي من الأولويات، وأنا أحب الأطفال وأطمح إلى الاستقرار العائلي، ومن يستطع إدارة وقته لن يجد عائقا أمام تحقيق هذا الحلم.

* تحبين الأطفال ولديك شقيقتان صغيرتان، كيف هي علاقتك بهما؟

ـ علاقتي بهما جيدة جدا. أعتبر أن الله عوض لي بناديا وغابرييلا عن غياب أبي، هما تعكسان البراءة في هذه الحياة وتمنحانني الفرح والبسمة وتنقلانني إلى عالم آخر.

* لماذا اخترت الانتقال والعيش في بيت مستقل بعد استشهاد والدك؟

ـ أنا فتاة تحب الاستقلالية والهدوء، لكن ما جعلني أتخذ هذا القرار هو أنه في ذلك الحين أحسست أنه من الصعب أن أعيش في بيت العائلة من دونه، ولم أحتمل فكرة غيابه عن البيت حيث كنا نقيم معا.

* ماذا ستعلمين أولادك في المستقبل؟

ـ سأعلمهم حب الوطن والإيمان به، وأن يتمتعوا بالصدق والصراحة والشفافية بعيدا عن الكذب، لا سيما حب الحياة وعيشها بفرح وأمل بعيدا عن اليأس.

* كيف تتعاملين مع الشائعات التي تطالك، بدءا من زواجك ثم تغيير دينك، وأخيرا خطوبتك من الإعلامي مالك مكتبي؟

ـ الشائعات التي طالتني كانت من ضمن الحملات الانتخابية، وبالنسبة لي لن أكون حقودة، وأقول «عفا الله عمّا مضى». وفي ما يتعلق بتغيير ديني أؤكد «أنني أورثوذكسية على رأس السطح» وسأبقى ابنة هذه الكنيسة إلى أن أفارق الحياة.

* وماذا عن خبر خطوبتك؟

ـ «عالطريق»..

* ستعلنين عنها قريبا؟

ـ يوم يفترض أن أعلن، سأعلن..

* ولكنك لم تنفِ خبر ارتباطك بالإعلامي مالك مكتبي؟

ـ تربطني علاقة حب بمالك مكتبي.