سارة بالين تفاجئ الجميع وتقدم استقالتها من منصبها كحاكم ألاسكا

مساعدوها ألمحوا إلى سعيها لمستقبل سياسي أوسع.. وتوقعات بالتحضير لانتخابات الرئاسة المقبلة

TT

أعلنت سارة بالين، حكمة ولاية ألاسكا، التي ترشحت لمنصب نائب الرئيس مع المرشح الجمهوري جون ماكين العام الماضي، استقالتها من منصبها، وقالت إنها لن تترشح مرة أخرى للمنصب، في إعلان أثار زوبعة من الانتقادات ضدها في الولايات المتحدة. وقال آندرو هالكرو، الديمقراطي الذي نافسها في عام 2006 على منصب حاكم الولاية، إنها «ارتكبت خطأ كبيرا بمثل هذه الاستقالة المفاجئة». واعتبر مراقبون وصحافيون أن إعلان بالين استقالتها جاء مفاجئا، لأن ولايتها لا تنتهي قبل عام ونصف العام. وكانت هناك تخمينات أن بالين ستعلن في مؤتمرها الصحافي الذي دعت إليه، أنها لن تعيد ترشيح نفسها في الانتخابات المقبلة، لكنها فاجأت الجميع وأعلنت استقالتها.

ورد دايفيد مارو، المتحدت باسم بالين، على الهجوم الذي بدأ على الحاكمة المستقيلة، وقال «لم تقل الحاكمة إن هذه نهاية حياتها السياسية. على العكس، أعتقد أنها تريد مستقبلا سياسيا أوسع وأكبر من حاكم ولاية».

وفسر صحافيون ومراقبون هذا التصريح بأنه تأكيد لتفسير الذين قالوا إن بالين تريد أن تستعد من الآن لمواجهة الرئيس أوباما في الانتخابات الرئاسية المقبلة في العام 2012. وأكدت هذا التفسير بام برايور، المتحدثة باسم لجنة بالين السياسية، وهي اللجنة التي أشرفت في الماضي على حملاتها الانتخابية، وقالت «تريد بالين منزلا غير منزل حاكمة ولاية ألاسكا» (تقصد البيت الأبيض في واشنطن العاصمة). وفاجأت بالين، بإعلان استقالتها، حتى السيناتور جون ماكين، الذي كان اختارها نائبة له في انتخابات الرئاسة في العام الماضي. وقال ماكين إنه لم يسمع بالخبر عندما سأله صحافي عنه، ثم امتنع عن التعليق. وبعد ذلك قال المتحدث الصحافي باسمه إنه سيصدر بيانا عن الموضوع.

إلا أن معلقين آخرين فسروا استقالة بالين بطريقة أخرى، غير إرادتها الترشح ضد أوباما، منها أنها تعاني من مشاكل نفسية بسبب الحملة الشخصية ضدها وضد عائلتها منذ العام الماضي. وكانت بالين اشتكت مرات عديدة من أن الحملة السياسية تحولت إلى حملة شخصية. وكانت المرة الأخيرة التي اشتكت فيها من الأمر قبل أسبوعين، عندما أساء لها دايفيد لترمان، مقدم برنامج مقابلات تلفزيونية ليلية مشهور. ووصف لترمان واحدة من بناتها بأنها «مثل عاهرة» وأن لها علاقة جنسية مع لاعب كرة بيسبول مشهور في نيويورك. وبينما توقعت بالين، وغيرها حتى وسط المحايدين، أن يعتذر الرجل لها ولابنتها، تردد هو كثيرا، ولم يعتذر إلا بعد أن سمع القاصي والداني بما قال، وجذب مزيدا من الناس نحو برنامجه التلفزيوني اليومي.

وقال هوارد كيرتز، معلق إعلامي في صحيفة «واشنطن بوست»، إن بالين منذ العام الماضي، عندما اختارها ماكين لتترشح معه على التذكرة الرئاسية، تعمدت أن تكون لها «شخصية مثيرة». وقال «يجب ألا يلوم سياسي صحافيين بعد أن يقول لهم إنه مثير. لا يهتم بالإثارة ناس أكثر من الصحافيين. لا لأنهم يريدون التشهير بأي شخص، ولكن لأن الشخص المثير يخلق أخبارا مثيرة».

وبالين، التي لها علاقة متوترة مع الصحافيين، تعمدت خلال المؤتمر الصحافي الذي أعلنت فيه استقالتها، ألا تقبل أي سؤال من أي صحافي. فقد قرأت بيانها وخرجت. وعندما ألح عليها صحافيون، قالت: «لن يصدقك عدوك مهما قلت».

وقبل أسبوعين، نشرت مجلة «فانيتي فير» الشهرية موضوعا تحدثت فيه عن توتر العلاقة بين ماكين وبالين خلال الحملة الانتخابية العام الماضي، وأيضا بين مساعدي ومستشاري الجانبين. وقال أحد مستشاري ماكين إن بالين «امرأة يصعب التعاون معها». وقال ما معناه أن بالين مصابة بمرض نفسي. وقال مستشار آخر إنها كانت مصابة بمرض «بي.بي.دي» (مرض نفسي يصيب النساء الكبيرات في السن بعد أن ينجبن، علما بأنها كانت أنجبت طفلة قبيل انضمامها لحملة ماكين). وبدت بالين خلال المؤتمر الصحافي الذي أعلنت فيه استقالتها، متوترة بعض الشيء، وربطت مواقع معادية لها في الإنترنت بين توترها وبين مرض آخر «بي.إم.إس» (مرض نفسي يصيب النساء الكبيرات في السن عندما لا يقدرن على الإنجاب). لكنها حرصت على أن يقف معها زوجها وأولادهما وبناتهما، وذلك ردا على شائعات بوجود خلافات بينها وبين زوجها.

وربط مراقبون ذلك بما حدث في الأسبوع الماضي، عندما عقد مارك سانفورد، حاكم ولاية ساوث كارولينا، مؤتمرا صحافيا، ولم تكن زوجته تقف إلى جانبه، وأعلن أنه خانها مع صحافية في الأرجنتين. وكذلك في الشهر الماضي، عندما عقد السناتور جون إنساين، من ولاية نيفادا، مؤتمرا صحافيا، وأيضا لم تكن زوجته تقف إلى جانبه، وأعلن أنه خانها مع موظفة في مكتبه.

وأهمية هذه الشخصيات الثلاثة، بالين وسانفورد وإنساين، أنهم من قادة الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري. وقد استغل الديمقراطيون استغلالا قويا وفعالا هذه الفضائح الجنسية والعائلية التي تورطوا فيها. لهذا قال مراقبون فوجئوا بإعلان استقالة بالين إنهم يعتقدون أن هناك سببا آخر غير رغبتها في البقاء في المنزل مع أولادها وبناتها وأحفادها، وهو أن هناك مشكلة عائلية لا تريد الحديث عنها. وطبعا بدأ صحافيون حملات تحقيق وتنقيب بحثا عن «إثارة» أخرى لها صلة ببالين. لكن في الجانب الآخر، قال مراقبون إن الناس يجب ألا يقللوا من أهمية بالين، ومن أهمية الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري. وقال هنري هابريوي، أستاذ علوم سياسية في جامعة كاليفورنيا: «من يدري، إذا فاز أوباما، وهو من الجناح المتطرف في الحزب الديمقراطي، ربما ستفوز بالين، وهي من الجناح المتطرف في الحزب الجمهوري». وأضاف «بعد أن انتخب الأميركيون رئيسا أسود ليبراليا، ربما يريدون انتخاب امرأة بيضاء محافظة».