أوباما يبدأ غدا زيارته لروسيا.. على أمل «إعادة ضبط» العلاقات

موسكو تدعو مواطنيها لتفهم مضايقات زيارة الرئيس الأميركي

TT

استبق الكرملين موعد الزيارة بسلسلة من التصريحات التي أدلى بها الرئيس ديمتري ميدفيديف ومعاونوه حول العلاقات الروسية الأميركية، يعربون فيها عن أملهم في تحقيق نتائج إيجابية تسهم فيما يصفه الكثيرون بـ«عملية إعادة الإطلاق» وتحقيق انفراجة على صعيد مباحثات الحد من التسلح النووي.

ويتوجه أوباما غدا إلى روسيا سعيا لـ«إعادة ضبط» العلاقات بين البلدين من خلال إيجاد وسائل للتعاون لمواجهة مجموعة من التحديات، من بينها الطموحات النووية لإيران وكوريا الشمالية. ومن المقرر أن يصل أوباما إلى موسكو ويلتقي الرئيس ديمتري ميدفيديف قبل توجهه لحضور قمة دول مجموعة الثماني في إيطاليا، ثم يتوقف في غانا.

وقال مايك ماكفول كبير مستشاري أوباما للشؤون الروسية والأوروآسيوية للصحافيين: «لقد أوضح الرئيس تماما أنه يرغب في إقامة نوع مختلف من العلاقات مع روسيا». وأضاف: «إننا نريد بالفعل القيام بعمل حقيقي مع الروس في القضايا التي تهم أمننا القومي ورفاهيتنا».

ووصف المسؤولون الأميركيون هذا الاتجاه بأنه محاولة لـ«إعادة ضبط» العلاقات بعد أن ساءت خلال فترة رئاسة جورج بوش في الأساس، بشأن الخطط الأميركية لنشر نظام دفاع صاروخي في شرق أوروبا والتدخل العسكري لموسكو الصيف الماضي في جورجيا.

وفي الوقت الذي يعرب فيه الكثيرون من ممثلي الدوائر الرسمية والأوساط السياسية الروسية عن آمالهم في أن تسفر المباحثات الروسية الأميركية عن إعادة إطلاق آلية العلاقات الثنائية بما يسمح بتجاوز المشكلات القائمة، نقلت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» ما قاله عدد من الخبراء الأميركيين حول احتمالات انزلاق البلدين إلى حرب باردة جديدة.

وأوردت ما قاله الخبير السياسي الأميركي ستانلي كوبر عن استمرار الخلاف بين روسيا والولايات المتحدة، حول المسائل المتعلقة بكوسوفو وأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وإشارته إلى أن المشاعر العدائية تجاه روسيا تظل قائمة في الولايات المتحدة. ونقلت الوكالة أيضا مقتطفات من أقوال الصحف الأميركية حول صعوبة عملية «إعادة الإطلاق» التي تعلق عليها روسيا الكثير من آمالها.

كما نقلت عن السفير الروسي في واشنطن سيرغي كيسلياك تصريحاته حول أنه لا يتوقع اختراقا في العلاقات الروسية الأميركية نتيجة المباحثات المرتقبة في موسكو. وكان كيسلياك أشار أيضا إلى ضرورة التطور الهادئ للعلاقات الروسية الأميركية تحسبا لحدوث أية مفاجآت غير متوقعة و«اختراقات غير مرجوة».

وتبدو هذه التصريحات الأقرب إلى الواقع الراهن الذي يقول بضرورة عدم الإفراط في الأمل على ضوء أن الجانبين يواجهان الكثير من الصعوبات كلما خاضوا أكثر في التفاصيل، وهو ما يبدو واضحا في عدم توصل وفدي الجانبين في مباحثات إعداد صيغة اتفاق تقليص القوات الاستراتيجية إلى النتائج المرجوة، التي كان من المقرر أن يناقشها الرئيسان ميدفيديف وأوباما في قمة موسكو، حسب ما أعلن رسميا من قبل.

وهكذا تبدو توقعات الجانبين خليطا من مشاعر التفاؤل المشوب بكثير من التحفظات نظرا لاتساع مساحات الخلافات حول القضايا الرئيسية، وفي مقدمتها الخطة الأميركية حول نشر عناصر الدرع الصاروخي في شرق أوروبا، والأوضاع في القوقاز، ومسألة استقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. وينذر هذا الأمر بنتائج متواضعة تبدو أدنى كثيرا من سقف الآمال التي طالما أعرب عنها الجانبان منذ تولي الرئيس أوباما مهام منصبه في البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) الماضي.

من جهة أخرى، ناشدت السلطات الرسمية للعاصمة الروسية مواطنيها تفهم ما يمكن أن يتعرضوا له من مضايقات خلال الزيارة التي سيبدؤها أوباما غدا، وقالت بتقييد حركة المرور عبر الكثير من طرق العاصمة، وتشديد الحراسة في المطارات التي تربض بها عشرات المقاتلات التابعة لمنطقة موسكو العسكرية، إلى جانب إغلاق المجال الجوي للعاصمة وإعلانه منطقة خاصة تخضع لتغطية قوات الدفاع الجوي التي صدرت لها الأوامر بتدمير أي هدف غريب ينتهك النظام المعلن خلال فترة الزيارة.

وأشارت المصادر الرسمية إلى مشاركة عشرات الألوف من قوات وزارتي الدفاع والداخلية وأجهزة الأمن والمخابرات، ومنهم الكثيرون الذين سيؤدون مهمتهم في ملابس مدنية، إلى جانب وحدات الانتشار السريع وقوات الأمن المركزي، في عملية تامين الأجواء المناسبة خلال إقامة الرئيس الأميركي في موسكو. وترجح المصادر احتمالات إقامة الرئيس الأميركي وعائلته في فندق «ريتز كارلتون» الجديد الكائن على مقربة أمتار معدودات من الكرملين. وكان سلفه جورج بوش اختار لإقامته خلال زيارته لموسكو فندق «غراند ماريوت»، بينما اتخذ الرئيس الأسبق بيل كلينتون فندق «راديسون ـ سلافيانسكايا» مقرا لإقامته بسبب موقعه على ضفاف نهر موسكو، مما يتواءم مع رياضته الصباحية في الجري على شاطئ النهر.