سياسي عراقي بارز حول إفادات صدام: ما تنشره المخابرات الأميركية ليس كل الحقيقة

البياتي لـ«الشرق الأوسط»: ما قاله صدام سيزود جهات ببعض الأسلحة في صراعها السياسي مع جهات أخرى

TT

تثير نشر حلقات استجواب الرئيس السابق صدام حسين التي أدلى بها إلى محققين أميركيين من «إف بي آي»، وتنشر نصها «الشرق الأوسط»، جدلا واسعا بين الساسة العراقيين، ذلك بطرح العديد من التحليلات لأقوال صدام، وأسباب طرح هذا الملف في هذا الوقت تحديدا، كما بيّن النائب وعضو الائتلاف العراقي الموحد عباس البياتي.

وأكد البياتي في حديث أجرته معه «الشرق الأوسط»: «نحن نستغرب من توقيت نشر هذه التحقيقات مع صدام حسين، خصوصا ونحن في عشية الاستعدادات للانتخابات البرلمانية وبعد انسحاب القوات المقاتلة الأميركية من المدن العراقية».

وأضاف أن ما قاله صدام وما نُشر ليس إلا جزءا من الحقيقة، وأن المخابرات الأميركية أخفت الكثير. وقال: «تثير عملية نشر هذه التحقيقات أكثر من علامة استفهام واستغراب وتعجب، رغم أن طبيعة المعلومات التي قالها صدام ليس فيها جديد، فكان صدام يتحدث عنها علنا خلال ظهوره في التلفزيون، وهي قضايا كان يعبر عن سياسات النظام السابق في خطاباته، وموقفه من إيران والقضية الفلسطينية وتحركاته ومبيته في كل يوم في مكان العراقيون يعرفونه، وربما كان الطرفان صدام والمحقق الأميركي يعرفان مسبقا أن هذه المعلومات غير استخبارية، وتكشف التوجهات النفسية لصدام، بقدر ما كانا يعرفان أن هذه المعلومات ستكون مصدرا للنشر ويبيتان النية لنشر هذه المعلومات، لكن توقيت نشره يشير إلى أنه يراد توظيفه في الجدل السياسي الجاري في العراق».

واستبعد البياتي وجود علاقة وربط بين تولي بايدن ملف المصالحة ونشر هذه الاستجوابات، ولكن له علاقة مع الاستعداد للانتخابات القادمة وتمهيد الأرضية لمعركة سياسية قادمة، وكلام صدام سيزود بعض الجهات ببعض الأسلحة في صراعها السياسي مع جهات أخرى، نافيا إن تكون هذه الجهات بينها حزب «البعث» لأن هذا الحزب لا يمكن إن يكون جزء من العملية السياسية لموانع دستورية، ولكن هذه التحقيقات هي محاولة تغيير لصفحات حزب البعث على أنه حزب وطني لكن هذا لا يخدع الشعب العراقي الذي يعرف أن ما قام به النظام السابق، ويعلم أيضا أن «آيديولوجيات وأفكار وأهداف وسياسات النظام قسم منها غير واقعي، لكن البعض يريد تأهيل البعث بطريقة أخرى ونحن رافضون لهذه العملية».

وفسر البياتي كلام صدام حول المؤامرات على أنها ضد العراق لا صدام، وقال إنها محاولة جعل صدام يدافع عن العراق بينما نظامه هو المستهدف وحزبه هو المستهدف، وصدام نفسه يقول: «إننا لم نثر ضد شخص بل ثرنا ضد إيران في عام 1968»، وكذلك «نقول إن جميع الخطط استهدفت رأس نظام البعث، حتى حرب 2003 كانت ضد صدام لا ضد العراق وهذا هو جزء من العقلية الدكتاتورية والذي جعله يفكر بطريقة خاطئة دمرت العراق وسارت به نحو الويلات».

وانتقد البياتي حديث صدام المتعلق بأن «العراقيين كانوا متخلفين حتى عام 1968، كأنه يريد القول إن البعث هو من حقق التطور في العراق بينما كان يعد العراق من البلدان المتقدمة على مستوى المنطقة، وكرر صدام هذا القول عدة مرات خلال أحاديثه وهو في السلطة، وأذكر من أقواله (أي قول صدام): (كان الشعب العراقي قبل 68 شعب حفاة ولم يشبع من الخبز)، كأنه يريد ربط تطور العراق به، ولو ترك العراق يتطور ذاتيا منذ عام 1952 لكان العراق من البلدان المتقدمة حاليا لكن الانقلابات والمشكلات السياسية والحروب جعلته على هذه الحالة»، وأكد البياتي في ختام حديثه أن «جميع أقول صدام مشكك بها عدا جملة واحدة كان صادقا بها عندما قال للأميركان قبل الحرب سأسلم العراق لكم ترابا وخرابا، وفعلا صدق بقوله هذا».

نديم الجابري البرلماني العراقي وأمين عام التيار الوطني المستقل الذي يتزعمه محمود المشهداني الرئيس السابق للبرلمان، أكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه لكونه مطلعا على القانون الأميركي المتعلق بنشر الملفات السرية، وأن هناك ضوابط قانونية وزمنية تحدد نشرها، يتساءل هنا هل أميركا بينت أنها نشرت هذه الملفات فعلا بشكل قانوني ومطابقتها للقوانين الأميركية، فإذا كان الجواب كلا نقول حينها إن هناك أغراضا وأهدافا سياسية من وراء نشرها.

وأضاف أن ما طُرح حاليا ربما كانت تعلمه المخابرات العراقية، وحتى موضوع أسلحة الدمار الشامل دُمر خلال التسعينات وأصبح خاليا منها بشهادة الأمم المتحدة، فكيف يريد صدام القول إنه كان يحاول إيهام إيران كي لا تجتاح العراق؟ وكيف تقوم إيران بالاجتياح بوجود قوى كبرى في المنطقة؟ ولذلك نقول إن بقية المعلومات غير مخابراتية، وشكك الجابري عن إن أميركا نشرت هذا الملف بعد إن حجبت أسرارا من كلامه.

وقال إنه «من غير الممكن استجواب شخصية سياسية حكمت العراق ثلاثة عقود من الزمن مقابل الحصول على معلومات غير سرية، ودليل ذلك أنه أجاب على أسئلتهم بسهولة وتهرب من أخرى، ولهذا فليست هذه كل المعلومات، وأنا أتوقع وجود معلومات مهمة أزيلت لأنها لا تصب في مصلحة الولايات المتحدة الأميركية»، متوقعا أن تستمر الاستجوابات السياسية وقد تظهر أسرار لصدام ضمن مذكراته.