دبلوماسيون أميركيون يتدربون في قاعدة عسكرية استعدادا لمهامهم في العراق

يتعلمون كيف يتعاملون مع سكان قرى عراقية والمسؤولين الفاسدين والخصومات الطائفية

الدبلوماسي جورج تيتجين يستقل مع جنود عربة في معسكر التدريب في تمرين يحاكي مهمة في العراق (»لوس أنجليس تايمز»)
TT

كان الدبلوماسي يجلس عاجزا في مؤخرة حاملة جنود مدرعة مفجرة، في الوقت الذي هرع فيه الجنود لمعالجة الجرحى، وكان عليه أن يسأل ذاته: هل كانت مقابلته مع المسؤولين العراقيين تستحق ذلك؟

إنه السؤال الذي يأمل المدربون في مركز التدريب الوطني العسكري في فورت إيروين، في صحراء موهافي، أن يسأله الدبلوماسيون لأنفسهم دائما قبل طلب الانتقال من الوحدات العسكرية التي يسكنون بها وتحميهم في العديد من مناطق العراق. وفي هذه المرة، كان فريق الألعاب النارية هو المسؤول عن الانفجار المفزع. ولكن سريعا ما قد تكون تلك الانفجارات التي تحرق وتمزق الأطراف، حقيقية.

وحتى تلك اللحظة، لم يكن قد طرأ على ذهن كريس ديلوورث أنه من الممكن لمدني أن يتسبب في إيذاء جندي. وقال الدبلوماسي ذو اللحية في اليوم التالي وهو يحتسي القهوة ويتناول البيض في الخيمة: «لقد كانت تلك فكرة غريبة».

وبالنسبة لأعضاء السلك الدبلوماسي، يعد العمل في العراق مهمة غير عادية. وبخلاف أفغانستان، لا توجد مهمة أخرى تتطلب الدرجة ذاتها من التعاون بين الدبلوماسيين وأفراد الجيش. ولأول مرة، يحصلون على فرصة للتدريب معا قبل الاجتماع في منطقة القتال.

وقد انخرط ديلوورث، الذي كان يتعامل مع التأشيرات في مصر، قبل أن يتطوع للعمل في موقع سياسي في بغداد، وثلاثة دبلوماسيون آخرون متجهون إلى أولى مهامهم في العراق، في التدريب، لمدة أسبوع في فورت إيروين. ونام الدبلوماسيون على أسّرة المخيمات، وعملوا في خيمة في القاعدة محاطة بقرى تحاكي القرى العراقية. وفي كل يوم، يرتدون سترات واقية فوق ملابس العمل، ويتسلقون حاملات الجنود المدرعة لمقابلة زعماء محليين، يلعب دورهم مهاجرون عراقيون. ويواجهون هجمات من المتمردين ومسؤولين فاسدين وخصومات طائفية.

ويقول ويسلي روبرتسون، وهو مسؤول دبلوماسي استبدل بموقعه في شيناي في الهند موقعا في محافظة ديالى العراقية العنيفة «يمكنك أن تنسى في بعض الأوقات أنك في كاليفورنيا».

وسينضم الدبلوماسيون الأربعة جميعا إلى فرق إعادة الإعمار المحلية. وتقدم وزارة الخارجية لأعضائها في فرق إعادة الإعمار ثلاثة أسابيع من الدورات التدريبية، التي تغطي الأمن الشخصي وأساسيات العمل. ولكن بمجرد وجودهم في العراق، وجد أعضاء الفرق أن الشهور الثمينة قد ضاعت، حيث تعلموا كيفية العمل في بيئة قتالية والعمل إلى جوار الجيش، الذي يختلف في بنيته وثقافته عنهم، كما يقول لي غاريسون، الخبير في فريق إعادة الإعمار، والذي يعمل مدربا في فورت إيروين.

وأحيانا ما ينفجر الغضب، عندما يطلب أعضاء فريق إعادة الإعمار في اللحظة الأخيرة وسيلة انتقال، وهم غير مدركين الإعدادات المطلوبة لضمان الأمن في كل جولة، أو عندما يلقي الجيش القبض على زعيم محلي يسعى إليه فريق إعادة الإعمار.

ويؤكد التدريب، الذي يعد اختياريا في الوقت الحالي بالنسبة لموظفي وزارة الخارجية، على حاجة الطرفين إلى الاتفاق على الأهداف السياسية والاقتصادية في المحافظات. وعلى الرغم من أن كلا من الجيش وفرق إعادة الإعمار لديهم صناديق تنمية ينفقون منها، فإن أولوياتهم كثيرا ما تكون مختلفة. ويتطلع الجيش إلى المشروعات التي يمكن أن يكون لها أثر سريع في انتشال المجتمعات من التمرد، كما يقول غاريسون، بينما تميل فرق إعادة الإعمار إلى انتهاج نظرة أبعد في المدى.

ويضيف غاريسون: «بعد قضاء ثلاثة أشهر في العراق، ستتغير أساليب الجميع. ولكننا بالفعل نزيد من فاعلية الفرقة العسكرية وفريق إعادة الإعمار في الأشهر الثلاثة الأولى».

واستفادت الفئة الأولى من الدبلوماسيين من الساعات الطويلة التي أمضوها في مؤخرة المركبة، في معرفة بعض الجنود الشباب، واندهشوا من كم الخبرة التي هم عليها. وعلى الرغم من أنهم ما زالوا في العشرينات من العمر، فإن كثيرا منهم يتجهون للمرة الثانية أو الثالثة إلى العراق في عمليات انتشار للقوات. وكان جورج تنتجين، الجندي السابق في المارينز، يعرف بالفعل الرتب العسكرية واللغة المتداولة في الجيش. ولكن قال آخرون إن الأمر استغرق منهم أسبوعا لاكتشاف من يفعل ماذا في الفرقة وكيف يمكنهم أن يساعدوا بعضهم البعض. ويقول تنتجين، الذي كان نائب مسؤول الأمن الإقليمي في مصر عندما تطوع لشغل منصب سياسي واقتصادي في مدينة الرمادي في وسط العراق «هناك أربعة منا وأربعة آلاف منهم، لذا أشبه ذلك ببرنامج انغماس لغوي».

وبالنسبة لكارول هانلون، التي انضمت إلى وزارة الخارجية بعد مشوار مهني طويل في عمليات الاندماج والاستحواذ الدولية، كان من المطمئن أنها تحاول العيش في القاعدة قبل أن تستقر في قاعدة أخرى لمدة عام. وتقول هانلون، المسؤولة السياسية في أستراليا التي تتوجه إلى مدينة كربلاء في جنوب العراق: «نحن ذاهبون إلى مكان خطير، وهذه مهمة كبيرة. واكتساب تلك الخبرة قبل المضي قدما لم يعد مصدرا للقلق».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»