الصين: إغلاق أكبر مساجد الإيغور في أورومتشي يوم صلاة الجمعة.. وآلاف المسلمين يهربون من المدينة

مسؤول أكد أن قرار إقفالها جاء بناء على اقتراح من رجال الدين فيها.. وخوفا من أعمال عنف إضافية

TT

أقفلت السلطات الصينية خمسة مساجد رئيسية أمس في أورومتشي حيث اندلعت أعمال عنف منذ نحو أسبوع بين المسلمين الإيغور والصينيين من إثنية الهان، ومنعت المصلين من أداء صلاة الجمعة في هذه الجوامع، بحسب ما قالت وكالة الأنباء الرسمية في الصين. إلا أن مساجد أخرى صغيرة في عاصمة إقليم شينغيانغ، بقيت مفتوحة. ونقلت وكالة «جينهاو» الرسمية عن مسؤول قوله إن «المساجد في بعض المناطق الحساسة تم إغلاقها بناء على اقتراح من رجال الدين فيها».

وكانت قوات الأمن قد سيطرت على أورومتشي بعدما هاجم صينيون ينتمون لعرق الهان، وهي الجماعة العرقية التي تمثل غالبية سكان الصين، أحياء يسكنها الإيغور المسلمون يوم الثلاثاء الماضي، ردا على مظاهرات كان بدأها الإيغور يوم الأحد احتجاجا على التمييز ضدهم. وسقط في المواجهات بين الإيغور والشرطة 159 قتيلا، بحسب الشرطة، وأكثر من 400 بحسب الإيغور في المنفى.

واحتشد أمس نحو 500 من الإيغور أمام المسجد الأبيض في أحد أحياء أورومتشي، في محاولة للانضمام إلى نحو ألف شخص اجتمعوا داخل المسجد للصلاة. وقال مصلون لدى خروجهم من المسجد إن الوقت المخصص لصلاة الجمعة اختصر. وقال واحد من الإيغور يدعى أحمد ادجي لمراسل وكالة «رويترز»: «أنا سعيد بالسماح لنا بالدخول اليوم. كان سيكون هناك كثير من الحزن إذا لم يحدث هذا».

وكانت المساجد الكبيرة حيث تسكن غالبية من الإيغور قد علقت لافتات تفيد بإلغاء الصلاة. وقالت مجموعة من الإيغور أمام مسجد «جسر دونغ كوروك» الكبير إنهم غاضبون ومحبطون لأن المسجد لم يفتح أبوابه. وقال شاب مشيرا إلى أن قوات الأمن الصينية تمركزت داخل المسجد وحتى في المئذنة المطلة على طريق مجاور: «نشعر بالإهانة. هذا مسجدنا لكن لا يسمح لنا بالدخول، بينما يسمح بذلك لغير المؤمنين». وكتب على لافتة علقت على باب مسجد جويوان القريب «تنفيذا لتعليمات جهات عليا ستعلق الصلاة اعتبارا من اليوم. وأي شخص يرغب في الصلاة فليتفضل بالصلاة في منزله». وقال مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في أورومتشي، إن آلاف السكان الخائفين تهافتوا أمس على محطات القطارات والحافلات هربا من الاضطرابات. وقالت السلطات إنها زادت من خدمات الحافلات المتوجهة إلى خارج أورومتشي عاصمة ولاية شينغيانغ، إلا أن الطلب فاق كثيرا عدد المقاعد. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن بائعي التذاكر في السوق السوداء يتقاضون خمسة أضعاف سعر البطاقة العادي.

ويشكل الإيغور وعددهم ثمانية ملايين، نصف سكان شينغيانغ. وهم يتحدثون التركية وتربطهم صلات مع جيرانهم في آسيا الوسطى أقوى من تلك التي تربطهم بالهان الصينيين. وقال مسؤول محطة «بايي»، محطة الحافلات الرئيسية في أورومتشي، إن نحو عشرة آلاف شخص غادروا المدينة يوميا من المحطة منذ المواجهات الإثنية، أي ما يوازي ضعف العدد في الأيام الاعتيادية.

وقال المسؤول الذي عرف عن نفسه باسم اديلي إن هذه الفترة تشهد حركة تنقل كثيفة لأن الطلاب يعودون إلى مناطقهم لقضاء العطلة الصيفية، ولكن كثيرين يفرون بسبب الاضطرابات.

ويؤكد الإيغوريون أن أعمال العنف اندلعت بعد القمع العنيف الذي تعرضت له مظاهرة سلمية نظمها الإيغوريون، وهو ما يعتبرونه دليلا إضافيا على الاضطهاد الذي يتعرضون له، وتحديدا في ما يتعلق بشؤونهم الدينية من قبل السلطات الصينية الشيوعية العلمانية. ويشيرون إلى الصعوبات التي يواجهونها في أداء شعائرهم التي يؤديها المسلمون في كل العالم، مثل صعوبة الحج إلى مكة، وإلقاء خطب الجمعة بحرية، وحيازة القرآن أحيانا.

ويقول رجل أعمال إيغوري ثلاثيني يقطن في أورومتشي لوكالة الصحافة الفرنسية، رفض الإفصاح عن اسمه «إنهم يقمعوننا لأنهم يعرفون أنهم لا يستطيعون السيطرة علينا نحن المسلمين (...) يعرفون أننا لا نخاف الموت». ويشرح رجل الأعمال أن الحج واجب على كل مسلم قادر على أدائه بمعزل عن جنسيته، إلا أن السلطات الصينية ترفض منح الإيغوريين جوازات سفر، ربما تخوفا من اختلاطهم مع مجموعات متطرفة.

وبحسب شهود إيغوريين، فإن الذين يتاح لهم الحصول على جوازات سفر ينبغي عليهم دفع تأمين إلى الشرطة قيمته 4000 دولار أميركي، علما أن معدل الراتب السنوي في المنطقة يتراوح بين 1500 دولار في المدن و470 دولارا في الأرياف. ويجب أن تخضع نسخ القرآن لرقابة مسبقة، حيث إن بعض الآيات لا تتوافق ووجهة النظر الرسمية، فيما تعتبر حيازة نسخة غير مرخصة بمثابة التهريب، وتعرض صاحبها للتوقيف. ويؤكد أن خطب الجمعة يجب أن تخضع أيضا للرقابة تحت طائلة منع الإمام من الخطابة. ويقول إيغوري آخر: «نسمع الأشياء نفسها تتكرر في خطب الجمعة (...) لذلك فأنا لا أصغي إليها»، ويضم يده إلى قلبه قائلا «الإيمان يأتي من هنا».

ويشير الإيغوريون إلى أن ارتياد المساجد ممنوع على من هم دون الثامنة عشرة، وأن الشرطة تقوم بالتفتيش أحيانا للتأكد من تطبيق الأمر. وتقول السلطات الصينية إن كل المواطنين ينعمون بالحرية الدينية. كما أكدت وكالة الصين الجديدة الرسمية أن هذه «الحرية محترمة ومحفوظة» مستندة إلى تصريحات مسؤولين دينيين معينين من قبل السلطات الصينية.