وزير الخارجية الفرنسي في بيروت: ليس لسورية أن تسهل أو لا تسهل تشكيل الحكومة

قال إن تهديدات نتنياهو للبنان «ليست جدية».. وإن الحريري لن يزور دمشق قبل إعلان حكومته

كوشنير والحريري في قريطم أمس (رويترز)
TT

انشغل وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، في اليوم الثاني من زيارته إلى لبنان، بلقاءات ماراتونية يُفترض أن يستكملها اليوم قبل الانتقال إلى دمشق في زيارة تستمر يومين، جزء منها مخصص لاجتماع سفراء فرنسا في عدد من بلدان الشرق الأوسط والآخر للقاءات مع المسؤولين السوريين وعلى رأسهم الرئيس بشار الأسد.

ولقاءات بيروت والجبل، بمناسبة زيارة كوشنير الثامنة إلى لبنان منذ وصوله إلى الخارجية قبل عامين وشهرين، طغى عليها هم تبديد الانطباع بأن الوزير الفرنسي جاء إلى لبنان لمد يده إلى ملف تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة النائب سعد الحريري. وبدأ كوشنير نهاره بلقاء نظيره اللبناني فوزي الصلوخ في قصر بسترس أعقبه باجتماع مع الرئيس ميشال سليمان في القصر الرئاسي ومنه إلى السراي الحكومية حيث التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة.

ثم توجه إلى قصر قريطم للقاء مطول مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، تخلله غداء وأعقبه لقاء مع ممثل حزب الله نواف الموسوي، نائب رئيس كتلة حزب الله في البرلمان ثم اجتماع مع رئيس مجلس النواب في عين التينة فلقاء في قصر الصنوبر مقر إقامة السفير الفرنسي بقادة «14 آذار»، وتحديدا المسيحيين منهم. وينهي كوشنير اتصالاته اللبنانية صباح اليوم باجتماع مع العماد ميشال عون في الرابية قبل أن يطير إلى دمشق.

ومن القصر الجمهوري سعى كوشنير إلى تبديد الانطباع بأن فرنسا التي تدعو إلى احترام سيادة لبنان واستقلاله، تنتهك بنفسها هذا المبدأ من خلال التدخل في المناقشات الجارية لاستيلاء حكومة جديدة. وشدد على أنه لم يأتِ إلى بيروت «للمشاركة في تشكيل الحكومة»، إذ أن هذه المهمة «ليست من اختصاص فرنسا بل شـأن لبناني». ودعا اللبنانيين إلى «الهدوء وعدم الاستعجال إذ إن مهمة تشكيل الحكومة ليست شأنا سهلا»، معتبرا أنها سترى النور «بعد عدة أسابيع». كذلك حرص على أن ينأى بفرنسا عن الجدل الذي يرافق الحديث عن زيارة الحريري إلى دمشق ومعرفة ما إذا كان الأفضل أن تتم الزيارة قبل أو بعد الحكومة. وقال: «فهمت أنه لن يزور دمشق قبل الانتخابات، وهذا شأنه. وإذا غير رأيه فهذا شأنه أيضا». وفي أي حال، فُهم من أوساط متابعة في بيروت، أن الجانب الفرنسي «ليس متحمسا» لزيارة الحريري دمشق قبل الحكومة.

وأضاف كوشنير: «ليس لسورية أن تسهّل أو لا تسهّل موضوع الحكومة الذي هو شأن لبناني»، مشيرا في الوقت عينه إلى أنه «لا يجهل أهمية الدور السوري». ودافع الوزير عن اجتماعه بممثلي حزب الله معتبرا أنه أحد مكونات الحياة السياسية في لبنان. ونفى أن يكون في نيته لقاء أمين عام حزب الله حسن نصر الله.

ورأى كوشنير أن الأمور تتحرك بين بلدان المنطقة مسميا السعودية ومصر وسورية، إلا أنه أعرب عن قلقه من تقهقر عملية السلام ومن فشل منظمة التحرير الفلسطينية وحماس عن الاتفاق حتى الآن. وشكا من تعدد الأصوات في إسرائيل ما بين نتنياهو وليبرمان وإيهود باراك الذين لا يتشاركون في «حكومة وحدة وطنية بل يتعايشون داخل تحالف سياسي». وطمأن كوشنير اللبنانيين إلى أن تهديدات بنيامين نتنياهو للبنان «ليست جدية» وأنها «لا تقلقه» لأنها تأتي في سياق التصريحات المتبادَلة في المنطقة.

وكانت محادثات كوشنير فرصة لبحث معمق في تفاصيل الملف اللبناني وتشعباته العربية والإقليمية بما في ذلك موضوع الحدود ومراقبتها وتهريب السلاح عبرها وحول شبعا والغجر. ولا ترى باريس أن «تقدما كبيرا» قد تم في موضوع الحدود أو السلاح أو موضوع شبعا. وبعد أن كانت باريس تدعو إلى الأخذ باللعبة الديمقراطية كما هي، فإنها تدافع حاليا عن حكومة وحدة وطنية تضم الأطراف الموجودة سياسيا ولكن من غير ثلث معطل باعتبار أن تجربة الماضي أظهرت أن هذا الأمر «يشل عمل الحكومة».

وترى باريس أنه من المهم التفاهم مع النائب ميشال عون. وعلى المستوى الإقليمي، رأى كوشنير أن استئناف مفاوضات السلام بين سورية وإسرائيل حول الجولان «ليست موضوع الساعة» في إسرائيل اليوم حيث تبدو الأولوية للتفاوض مع الفلسطينيين. وبحسب مصادر فرنسية واسعة الاطلاع، فإن نتنياهو التزم موقفا متشددا إزاء سورية والجولان وكذلك إزاء الوساطة التركية في المفاوضات غير المباشرة.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر فرنسية رسمية أن كوشنير سيطلب مساعدة الرئيس السوري للإفراج عن الجامعية الفرنسية كلوتيلد رايس التي احتجزتها السلطات الإيرانية بتهمة التجسس. ووصف الوزير هذا الاتهام بأنه «سخيف». وكان يفترض أن يتصل كوشنير مساء بنظيره الإيراني متقي لطلب مساعدته. وقد تدخل متقي لتسهيل قيام السفير الفرنسي في طهران بزيارة للجامعية الفرنسية في سجنها بموجب ما تنص عليه المعاهدات القنصلية.