اشتباك بين «سي إن إن» والجيش الباكستاني حول توسط إسلام آباد بين واشنطن وطالبان

مقتل 5 متشددين في هجوم بطائرة بلا طيار استهدف مركزا يديره بيت الله محسود

TT

رفضت إدارة العلاقات العامة في الجيش الباكستاني الإشارات التي تنسب إلى المتحدث الرسمي باسم الجيش الباكستاني الميجور جنرال أثار عباس، التي وردت على قناة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية، حيث نسب إليه القول بأن الجيش الباكستاني لم يكن على اتصال بزعيم طالبان الملا عمر فقط، ولكنه كان بمقدوره كذلك إقناعه ببدء المباحثات مع إدارة الولايات المتحدة. وقال متحدث باسم الجيش الباكستاني في بيان أصدرته إدارة العلاقات العامة في الجيش الباكستاني: «إن الإشارات المنسوبة إلى الميجور جنرال أثار عباس لا أساس لها على الإطلاق وهي إشارات مزيفة وغير صحيحة وخارجة عن سياقها».

وقال المتحدث باسم الجيش الباكستاني في البيان القصير الحازم الذي تم إلقاؤه صباح أمس «إننا نعارض ما جاء في هذا التقرير بصورة كلية». وكانت (سي إن إن) قد نشرت حوارا أجرته مع الناطق باسم الجيش الذي قال إنه على اتصال بقيادة حركة طالبان الأفغانية، التي يتزعمها الملا عمر، معربا عن استعداده للتوسط بينه وبين الولايات المتحدة، عبر طاولة مفاوضات بهدف حل النزاع في أفغانستان.

وقال العميد أثير عباس، الناطق الرسمي باسم الجيش الباكستاني، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، إن إسلام أباد على استعداد للعب هذا الدور، مقابل قيام واشنطن بتقديم ضمانات تتعلق بالدور الهندي المستقبلي في أفغانستان، وهو ما تنظر نحوه باكستان بحذر شديد.

وقال عباس، إن بلاده قلقة من توسع دور الهند في أفغانستان، وذلك على المستوى الأمني، إلى جانب عدم رغبتها في تعرض قبائل الباشتون الأفغانية (التي تمتلك امتدادات واسعة في باكستان) إلى ما يمكن أن ينتقص من دورها في السلطة.

ولم يخف عباس وجود محاذير تترقبها بلاده لاحتمال تزايد نفوذ الهند في كابل، إذا جرى الاستعاضة عن الوجود الأميركي هناك بوجود عسكري هندي على شكل وحدات متخصصة بالتدريب.

مضيفا أن بلاده على اتصال بقوات التحالف لمعالجة هذه الأمور، ومحذرا بأن عدم الالتزام بالخطوط التي حددتها إسلام أباد، قد يدفع الأمور نحو «منعطفات بشعة».

ولفت عباس، إلى أن بلاده تمتلك «خيارات أخرى» إذا وجدت أن مطالبها عرضة للتجاهل في أفغانستان، ملوحا في هذا الإطار بتغيير أسلوب التعاون مع قوات التحالف أو مع الجانب الهندي.

ووصف عباس ما يحدث في أفغانستان في القتال بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، وسائر القوى التي كانت تنشط ضد الوجود السوفياتي السابق بدعم من واشنطن، بأنه «تحول حلفاء الماضي إلى أعداء،» مشيرا إلى أن إسلام آباد تواجه بدورها مصاعب في مواجهة هذه التنظيمات.

واستبعد الناطق باسم الجيش الباكستاني، أن تتمكن أي قوة في العالم من الانتصار على حركات التمرد المسلحة وحرب العصابات باعتماد القوة حصرا، معلقا بذلك على المعارك الدائرة في أفغانستان بين القوات الدولية وحركة طالبان.

ومن جهة أخرى، قال مسؤولون بالمخابرات الباكستانية، إن طائرة أميركية بلا طيار قتلت 5 متشددين، عندما أطلقت صاروخين على مركز اتصالات تابع لحركة طالبان، في منطقة قبلية مضطربة على الحدود الأفغانية.

وقع الهجوم على المركز الذي يديره بيت الله محسود، زعيم حركة طالبان الباكستانية، والحليف لتنظيم القاعدة، في وقت متأخر من مساء الجمعة، في إقليم وزيرستان الجنوبية. وأبلغ مسؤول استخبارات «رويترز» بالهاتف من المنطقة «مركز الاتصالات دمر بالكامل، ولدينا تقارير عن مقتل 5 متشددين».

وبدأت الولايات المتحدة، التي تجاهد للتغلب على تمرد يزداد شدة في أفغانستان، تصعيد الهجمات بطائرات بلا طيار على جيوب المتشددين بشمال غربي باكستان قبل عام. وأصابت معظم الهجمات الأخيرة أهدافا لمحسود في وزيرستان بشمال غربي باكستان. وقتل أكثر من 40 مقاتلا في المنطقة في هجمات مماثلة.

ويتهم المسؤولون العسكريون الأميركيون محسود بإطلاق مفجرين انتحاريين لشن هجمات على أهداف أميركية وأفغانية، تابعة لحلف شمال الأطلسي في أفغانستان.

وأعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار لمن يقدم معلومات تؤدي إلى القبض على محسود أو تحديد موقعه.

واتهم الزعيم المتشدد أيضا بالضلوع في اغتيال رئيسة وزراء باكستان السابقة، بي نظير بوتو، عام 2007، وبالوقوف وراء حملة من الهجمات الانتحارية وتفجيرات القنابل في أنحاء البلاد في الأعوام الأخيرة.

كما شن الجيش الباكستاني هجمات جوية على أهداف لمحسود في الأسابيع الأخيرة، ويستعد لشن هجوم شامل ضده، فيما يقترب من نهاية هجوم على وادي سوات في شمال غربي البلاد، بدأه في أواخر أبريل (نيسان).

وقال مسؤولون أميركيون أمس، إن طائرات الاستطلاع العسكرية الأميركية، التي تعمل دون طيار، استأنفت رصد المتشددين في باكستان دعما لعمليات الجيش الباكستاني ضد متمردي طالبان في منطقة وزيرستان الجنوبية.

وبدأ الجيش الأميركي رحلات الاستطلاع الجوي فوق الأراضي الباكستانية، في منتصف مارس (آذار)، لكنه توقف بعد شهر بعد أن كفت باكستان على نحو مفاجئ عن طلب المعلومات. وقال مسؤولون، إن مهام الاستطلاع استؤنفت ببداية الشهر الماضي.

وقال المسؤولون الذين تحدثوا شريطة عدم نشر أسمائهم، إن الطائرات تزود باكستان بصور فيديو ومعلومات أخرى من المناطق الحدودية، التي يسيطر عليها زعيم حركة طالبان الباكستانية، وحليف تنظيم القاعدة بيت الله محسود.

ولا ترتبط هذه الطلعات الجوية بالهجمات الصاروخية الأميركية، التي تشنها طائرات بلا طيار تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأميركية، التي أدانتها الحكومة الباكستانية.

في إطار منفصل، قتل 10 من مقاتلي طالبان، وجندي أفغاني في معركة بالأسلحة، بعدما هاجم متشددون نقطة تفتيش في منطقة زهوب في إقليم بلوخستان بجنوب غربي باكستان.

ويقع إقليم بلوخستان على الحدود مع جنوب أفغانستان، حيث أطلقت مشاة البحرية الأميركية هجوما كبيرا جديدا قبل أسبوع. وأبدت باكستان، التي تقاتل بالفعل متشددين في الشمال الغربي، قلقا من تدفق المتمردين على أراضيها إذا اشتد القتال في جنوب أفغانستان.