تقرير للكونغرس: التنصت على المكالمات الهاتفية لم يكن ذا قيمة كبيرة لمحاربة الإرهاب

كشف عن التناقضات القانونية والضغوط السياسية لإدارة بوش في ما يسمى بـ«توقعات التهديد»

TT

على الرغم من دفاع إدارة بوش عن برنامجها الخاص بالتنصت على المكالمات الهاتفية من دون قيود، كأداة مهمة ساعدت في إنقاذ الأرواح، فإن تقريرا حكوميا جديدا صدر يوم الجمعة الماضي أفاد بأن فعالية هذا البرنامج في محاربة الإرهاب لم تكن واضحة. وقد أفاد التقرير الذي أمر الكونغرس بإعداده العام الماضي وتم تقديمه من خلال مفتشين عامين لخمس وكالات فيدرالية، بأن الأدوات الاستخباراتية الأخرى التي تم استخدامها في توقع التهديدات الأمنية من قبل الإرهابيين، قدمت معلومات أكثر تفصيلا وفي الوقت المناسب. وجاء في التقرير أن معظم مسؤولي المخابرات الذين تم إجراء مقابلات معهم، كانوا يعانون من «صعوبة في الكشف عن أمثلة معينة» عندما أسهم العمل ببرنامج التنصت التابع لوكالة الأمن القومي في تحقيق نجاحات ضد الإرهابيين. وعلى الرغم من تمكن البرنامج من الحصول على معلومات «كانت لها قيمة في بعض تحقيقات مكافحة الإرهاب، فإن البرنامج ـ بصورة عامة ـ كان يلعب دورا محدودا في الجهود العامة من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالية لمكافحة الإرهاب» حسبما جاء في التقرير. وقد نظرت وكالة المخابرات المركزية وغيرها من وكالات المخابرات إلى البرنامج الذي كان يسمح بالتنصت على المكالمات الهاتفية الدولية للأميركيين من دون قيود، كأداة مفيدة، ولكنها لم تستطع الربط المباشر بينه وبين النجاحات التي تحققت في مجال مكافحة الإرهاب مثل القبض على الإرهابيين أو إحباط مخططاتهم. كما أشار التقرير كذلك إلى ضغوط سياسية لإعداد ما يسمى «توقعات التهديد» التي ساعدت على تأسيس القواعد القانونية للاستمرار في سرية البرنامج الذي أثار الكشف عنه عام 2005 كثيرا من الجدل بشأن مدى قانونيته. وقد جاءت الموافقة المبدئية على برنامج التنصت بعد أن قام مسؤول كبير في وكالة المخابرات المركزية بأخذ تقييم للتهديدات، أعده محللون لا يعرفون شيئا عن البرنامج، وأدخل فقرة قدمها مسؤول كبير في البيت الأبيض كانت تتحدث عن إمكانية وقوع تهديدات مستقبلية ضد الولايات المتحدة. وهذه التوقعات بشأن التهديد، التي قدمت التبرير للرئيس جورج دبليو بوش لتجديد إعادة العمل ببرنامج التنصت كل 45 يوما، أصبحت معروفة بين مسؤولي المخابرات باسم «المذكرات المخيفة» حسبما أفاد التقرير. وقد أدرك محللو المخابرات المشتركون بهذه العملية في نهاية الأمر أنه «إذا كان التهديد المتوقع يمثل تهديدا للولايات المتحدة» فإن برنامج التنصت وغيره من البرامج المرتبطة به «يجب أن تجدد» حسبما أضاف التقرير. وقد وجد التقرير أن السرية التي تحيط بالبرنامج ربما تكون قد حدت من فعاليته. وفي وكالة المخابرات المركزية، حسبما أفاد التقرير، كان مسموحا لعدد قليل جدا من الضباط بمعرفة معلومات حول البرنامج لدرجة تجعل الوكالة لا تستفيد تماما من الخيوط التي يمكن أن يؤدي إليها التنصت، التي غالبا ما كانت تأتي «غامضة ومن دون سياق واضح».

وتثير هذه النتائج الشكوك حول تأكيد الرئيس السابق بوش ومعظم مساعديه على أن برنامج التنصت على المكالمات الهاتفية كان ضروريا لوقف الهجمات الإرهابية. وفي يناير (كانون الثاني) من عام 2006، على سبيل المثال، قال بوش إن برنامج التنصت على المكالمات الهاتفية «ساعد في منع الهجمات وفي إنقاذ أرواح الأميركيين». كما أشار نائب الرئيس السابق ديك تشيني إلى هذه النقطة نفسها، وكانت آخر إشاراته أثناء دفاعه أمام الجماهير عن حملة إدارة بوش على الإرهاب. وقد أشار التقرير إلى تفاصيل كشف عنها سابقا فيما يتعلق بالتناقضات القانونية والعملية التي لازمت البرنامج خلال فترة العمل به التي امتدت على مدار خمسة أعوام. ولم تكن النسخة التي أفرج عنها يوم الجمعة الماضي ـ وتتكون من 38 صفحة ـ مصنفة على أنها سرية. وتبقى معظم النتائج سرية في تقارير أخرى من قبل المفتشين العامين الخمسة، الذين يمثلون وزارة العدل ووكالة الأمن القومي ووكالة المخابرات المركزية ووزارة الدفاع ومكتب الأمن القومي. وقد تضمن الاستعلام حول هذه القضية مقابلات مع نحو 200 شخصية حكومية وخاصة، ولكن كان هناك عدد قليل من الشخصيات الكبيرة التي رفضت إجراء المقابلة، ومنها دافيد أدنغتون، وكان مساعدا كبيرا لتشيني، وجورج تينيت وهو المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية، وجورج أشكروفت وهو النائب العام السابق، وجون يو وهو محامي وزارة العدل الذي صادق على برنامج التنصت على المكالمات الهاتفية.

* خدمة «نيويورك تايمز»