مقتل 8 جنود بريطانيين خلال 24 ساعة وقائد الجيش يقول طالبان تخسر المعارك

إدارة بوش أوقفت تحقيقات حول زعيم حرب أفغاني كانت تدعمه

TT

أعلن رئيس هيئة أركان الجيش البريطاني المارشال جوك ستيروب، أن حركة طالبان تخسر المعارك في أفغانستان، فيما أعلنت لندن عن أسوأ حصيلة قتلى لقواتها خلال عقود، يفوق الآن عدد الذين قضوا في العراق.

وأقر ستيروب، بصعوبة الوضع في أفغانستان بعدما قتل 8 جنود خلال 24 ساعة، مما جعل عدد القتلى البريطانيين في أفغانستان يفوق عدد الذين قضوا في العراق.

وأوضحت وزارة الدفاع البريطانية، أن 184 جنديا بريطانيا قتلوا في أفغانستان منذ نهاية 2001، تاريخ تدخل القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة ضد حركة طالبان، فيما قتل في العراق 179 منذ اجتياحه في 2003.

ووقع أسوأ حادث تعرض له الجيش البريطاني منذ تدخله في أفغانستان، الجمعة في 10 يوليو (تموز) عندما قتل 5 جنود في انفجارين منفصلين، حسب وكالة «الصحافة الفرنسية».

وقالت صحيفة «ذي صن» البريطانية إن الساعات الماضية كانت أسوأ 24 ساعة للقوات البريطانية في ميدان معركة منذ حرب المالوين عام 1982.

وقال ستيروب، في بيان متلفز: «الأمر صعب لأن حركة طالبان حددت هلمند على أنها ميدان تحركها الحيوي» مشيرا إلى هذه الولاية في جنوب أفغانستان التي تشهد أعمال عنف.

وأضاف، «إذا خسروا هناك، يخسرون في كل مكان، وبالتالي فإنهم يضعون كل قوتهم هناك. لكنهم يخسرون معارك، وقادتنا على الأرض متأكدون جدا من ذلك». وتابع «لكن الأمر سيستغرق وقتا، وللأسف يوقع ضحايا».

وقد ارتفعت حصيلة الضحايا البريطانيين بشكل كبير منذ أن أطلقت القوات البريطانية عملية واسعة النطاق قبل ثلاثة أسابيع ضد متمردي طالبان في هلمند.

ومع حصيلة قتلى الجمعة الماضية، تصل الحصيلة الإجمالية للقتلى خلال عشرة أيام إلى 15 قتيلا. وتنشر بريطانيا حوالي ثمانية آلاف عنصر في أفغانستان غالبيتهم في هلمند.

وقال ستيروب، إن «المهمة في أفغانستان تتعلق بدعم إقامة إدارة حاكمة من أجل خفض فرص تحرك مجموعات إرهابية متطرفة، تشكل تهديدا مباشرا للمملكة المتحدة ولرعاياها ومصالحها».

وكان رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، حذر من «صيف صعب جدا» في أفغانستان، لكنه قال، إن إبقاء التزام المجموعة الدولية في إرساء الاستقرار في هذا البلد يعتبر أمرا حيويا.

ومن جهة أخرى، أعرب القائد الجديد للقوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) في أفغانستان، الجنرال ستانلي ماكريستال، عن اعتقاده بضرورة تعزيز حجم قوات الأمن الأفغانية بشكل كبير من أجل تحقيق الانتصار في تلك الدولة التي تقع في آسيا الوسطى.

وجاء في تقرير لصحيفة «واشنطن بوست»، استنادا لشخصيات عسكرية أميركية رفيعة المستوى، أن نجاح إستراتيجية الرئيس باراك أوباما، الرامية إلى تحقيق النصر في أفغانستان يتوقف على مدى دعم الجيش الأفغاني وتطور قدراته العسكرية.

وحسب التقرير، يعمل الجنرال ماكريستال، حاليا على تقييم مهمة القوات الأميركية والقوات الدولية في أفغانستان، ومن المقرر أن تنتهي عملية التقييم الشهر المقبل. وأضافت المصادر العسكرية للصحيفة، أن دعم الجيش الأفغاني يحتاج إلى عمليات تمويل إضافية تقدر بمليارات الدولارات، بشكل يزيد من أعباء الميزانية الأميركية، التي خصصت في المتوسط نحو 7.5 مليار دولار سنويا لدعم الجيش والشرطة والأفغانية خلال الأعوام المقبلة.

وأشارت المصادر العسكرية إلى أهمية تخصيص آلاف الضباط والجنود الأميركيين لتدريب عناصر الجيش الأفغاني، وتقديم الاستشارات العسكرية مع مضاعفة عدد أفراد الجيش الأفغاني إلى أكثر من 260 ألف جندي بحلول عام 2011.

يشار إلى أن عدد أفراد الجيش الأفغاني يبلغ في الوقت الحالي 85 ألف جندي، وهناك خطط حالية تهدف إلى الوصول بهذا العدد إلى 134 ألف جندي بحلول عام 2011.

ومن جهتها، أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» أن إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، حاولت عدة مرات وقف تحقيقات حول مجزرة وقعت في نهاية 2001، وأسفرت عن سقوط مئات من السجناء من حركة طالبان، بسبب ضلوع زعيم حرب أفغاني قوي كانت تدعمه واشنطن آنذاك.

وقال مسؤولون أميركيون كبار، تدخلوا لوقف تحقيقات كان يقوم بها مكتب التحقيقات الفيدرالي، (إف بي آي) ووزارة الخارجية الأميركية، ووزارة الدفاع، كل على حدة، حول هذه الأحداث، التي يتحمل مسؤولية فيها الجنرال عبد الرشيد دوستم، الذي كانت تدعمه في تلك الفترة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه).

والجنرال دوستم كان أحد أقرب حلفاء الأميركيين عام 2001، خلال الحملة التي أدت إلى الإطاحة بنظام طالبان. والمجزرة وقعت في السنة نفسها في نوفمبر (تشرين الثاني). واتهمت عدة تقارير ميليشيات الجنرال دوستم، بأنها قتلت مئات من سجناء طالبان الذين كانوا وضعوا في حاويات.

وقالت الصحيفة، إن إدارة بوش، كانت تخشى أن يسيء أي تحقيق حول زعيم الحرب هذا إلى حكومة الرئيس الأفغاني حميد كرزاي الجديدة، التي كان يعمل دوستم لديها.

وقال السفير المتنقل السابق للولايات المتحدة لجرائم الحرب، بيار ريتشارد بروسبر، للصحيفة: «في البيت الأبيض لم يرفض أحد التحقيق، لكن لم يوافق عليه أحد أيضا». وقد أعيد دوستم الشهر الماضي إلى مهامه كرئيس أركان للقيادة العليا للقوات المسلحة الأفغانية، بعدما علقت مهامه السنة الماضية إثر قيامه بتهديد أحد خصومه السياسيين بالسلاح.

وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية، إن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، والمبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك، قالا لكرزاي إنهما يعارضان هذا التعيين.

الى ذلك دافعت الحكومة البريطانية عن استراتيجيتها في أفغانستان، وقال وزير الخارجية البريطاني، ديفيد ميليباند إنه من المهم أن يفهم الشعب البريطاني أهمية المهمة المنفذة هناك.

وأضاف «كل تعازينا إلى الذين فقدوا أحباءهم هناك. لقد كانت الأيام القليلة الماضية عصيبة ومحزنة بالنسبة إليهم، وإلى الجيش البريطاني، وإلى البلد»، حسب ما ذكرته (بي بي سي).

وأضاف الوزير البريطاني قائلا «وبينما ندرك أن مهنية وشجاعة الجنود الذين أرسلناهم هناك لا يُعلى عليها، فإننا نعرف أنهم يقومون بمهمة صعبة للغاية، وعلينا الاضطلاع بمسؤولية إفهام الشعب البريطاني طبيعة المهمة الملقاة على عاتقهم ومنحها الدعم اللازم». وأضاف ميليباند أن المنطقة التي يعمل فيها الجنود البريطانيون تحتضن الإرهاب الدولي، متابعا أن المهمة تتطلب مساعدة أفغانستان على الدفاع عن نفسها في وجه هؤلاء المسلحين وتحسين أداء حكومتها.

وينتمي الجنود المقتولون إلى كتيبة البنادق الثانية، وقد قتلوا في تفجيرين منفصلين عندما كانوا في دورية راجلة في إقليم هلمند.

ومن جهته، قال زعيم المعارضة، ديفيد كاميرون، إن «مقتل هذا العدد الكبير من الجنود العاملين سيصيب البلد كله بصدمة». وأضاف كاميرون أن شجاعة هؤلاء الجنود «مميزة. لقد كانوا يحاربون من أجل منع الإرهاب من شوارع بريطانيا». لكن كاميرون تابع أنه يتعين على الحكومة «شرح استراتيجيتها في أفغانستان» وتزويد الجنود بالمعدات الرئيسية.

ومضى زعيم المعارضة قائلا إن «من العار أن قواتنا لا تزال في حاجة إلى طائرات الهليكوبتر التي يحتاجون إليها بشدة عند التنقل في هلمند».

وقال رئيس الأركان البريطاني، السير جوك ستيراب، إن بريطانيا «منيت بخسائر تبعث على الحزن الشديد في غضون الأيام القليلة الماضية».

وحذر ستيراب من أن الأيام المقبلة قد تشهد سقوط مزيد من الضحايا لكنه أصر على أن طالبان «يخسرون» الحرب في أفغانستان.