المالكي: دول إقليمية تنفق أموالا للتشويش على الانتخابات العراقية المقبلة

سياسيون لـ «الشرق الأوسط»: أحزاب في السلطة لها أجندات طائفية تتلقى التمويل

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يلقي كلمة في مؤتمر قبيلة البوسلطان في بغداد أمس («الشرق الأوسط»)
TT

رفض رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أمس، الدعوات إلى التصالح مع حزب البعث المنحل، واصفا عناصره، من دون ذكره بالاسم، بـ«القتلة والمجرمين»، كما ندد أيضا بـ«الفساد السياسي» وبـ«الأموال الطائلة» التي قال إن دولا إقليمية تنفقها بهدف «التشويش» على الناخبين قبل ستة أشهر من الانتخابات البرلمانية المقبلة.

وقال المالكي أمام المشاركين في مؤتمر عشيرة البوسلطان، المنتشرة خصوصا في الفرات الأوسط «إن المصالحة الوطنية التي يفهمون أنها تكون مع القتلة والمجرمين لم ولن تتحقق».

وتابع «ليس من العدل والإنصاف أن نتصالح مع الذين كانوا السبب في ترمل النساء ويُتم الأطفال، ودمروا البلد واستهلكوه في الحروب والمغامرات، ولم يعتذروا عن ذلك حتى الآن لأن عقولهم ملوثة». كما دعا إلى «معاقبة المجرمين بدلا من المطالبة بالإفراج عنهم والتصالح معهم»، في إشارة إلى مطالبة جهات ودول عربية بإدماج البعثيين في عملية المصالحة.

وحذر المالكي مما وصفه بـ«الفتنة» التي «يريدها أزلام النظام السابق على أساس قومي هذه المرة، كما يجب الانتباه إلى المؤامرات التي تحاك قبل الانتخابات» المقررة أواخر يناير (كانون الثاني) المقبل. وفي هذا السياق، حذر من قنوات فضائية قال إنها «رصدت أموالا طائلة للتشويش على عقلية الناخب العراقي»، كما حذر رئيس الوزراء من «الفساد السياسي» معتبرا أنه «أخطر من الفساد المالي والإداري، وأقصد هنا المشاريع التي تحابي للدول، مما سيعيدنا إلى الخلافات» مجددا. ورفض «استلام الأوامر من خارج الحدود»، وقال إن «الفساد السياسي يحاول زرع الفتنة الطائفية في العراق، وإعادة البلاد إلى المربع الأول».

أيضا جدد المالكي المطالبة بـ«تعديل الدستور ومراجعته من أجل أن يكون صالحا لبناء الدولة»، مضيفا «لا نقول إنه كامل أو إنه الصيغة التي تؤسس لبناء الدولة الحديثة. ربما أدى دورا في مراحل صعبة في تاريخ العراق لكنه يحتاج قطعا إلى تعديلات». وقال «حين أتحدث عن التعديل فيجب أن يكون دستوريا، أي من خلال القواعد التي نعمل بها، وليس من خلال الترهيب أو التخويف». يذكر أن المالكي بدأ المطالبة بتعديل الدستور الخريف الماضي قبل انتخابات مجالس المحافظات، الأمر الذي أثار اعتراضات الأكراد الذين اعتبروا أن التعديلات تستهدف الفيدرالية التي يتمسكون بها بشدة.

إلى ذلك، اتهمت جهات سياسية عراقية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أمس، دولا إقليمية ـ لم تسمها ـ بالسعي لدعم القوى السياسية «التي تدور في فلكها لضمان الجولة الانتخابية المقبلة».

وقال عبد الرسول الساعدي، القيادي في التيار الوطني المستقل، الذي يرأسه رئيس البرلمان السابق محمود المشهداني، «إن العراق أصبح ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية على حساب مصلحة الشعب العراقي». ولفت الانتباه إلى موضوع الدعم الذي ستقدمه تلك الدول إلى القوى السياسية المرتبطة بها، مشيرا إلى أن «هناك دولا إقليمية تسعى لدعم القوى الماسكة بالسلطة من أجل دعم القوى التي تدور في فلكها على حساب الرؤى الوطنية كي تبقى ورقة العراق ضاغطة على الدول التي تتصارع، سواء الولايات المتحدة أو دول الجوار».

من جهته، أعرب نديم الجابري، عضو البرلمان العراقي، عن اعتقاده بأن «القوى السياسية الوافدة من الخارج آمنت بالطائفية». وقال الجابري، أحد أبرز المنشقين عن الائتلاف الموحد، وعن حزب الفضيلة الذي يتزعمه المرجع الديني محمد اليعقوبي «إن القوى السياسية الوافدة من الخارج آمنت بالمشروع الطائفي وركنت إليه لكي تكسب الجولة الانتخابية». وأوضح أن تلك القوى تعزز مواقفها مع الدول الراعية لها من أجل أن تحقق شيئا في الانتخابات المقبلة، مشيرا إلى أن أغلب الدول الإقليمية تعد العدة من أجل التأثير على الانتخابات المقبلة من خلال دعم بعض القوى السياسية المؤيدة لتوجهاتها الطائفية.

عدنان الدنبوس، النائب عن القائمة العراقية التي يتزعمها إياد علاوي، بين أن «عملية تمويل بعض الأحزاب من دول أخرى ليست بالشيء الجديد، فالكل على علم بهذا، نعم هناك تمويل خارجي لأحزاب عراقية كان وما زال يحدث حتى الساعة». وأضاف أن «أغلب الأحزاب والجهات السياسية تمويلها خارجي، وعملية التشويش على الانتخابات، كما ورد على لسان المالكي، المعني بها أن أموالا دخلت العراق فعلا من خلال شراء محطات إعلامية فضائية وصحف، وغيرها من وسائل الإعلام أو شراء الذمم لشخصيات سياسية وناخبين».

وبشأن قانون الأحزاب الجديد، وكيفية علاج مسألة التمويل الخارجي، قال الدنبوس إنه، وفي حال إقرار هذا القانون، «سيكون هناك منع دستوري وقانوني لموضوع التمويل الخارجي، وحينها لن يستطيع أي حزب المخاطرة بتمويله خارجيا، وأغلب الكتل السياسية المستقلة والبعيدة عن الأحزاب الكبيرة لا ترغب في التمويل الخارجي، والاعتماد على القانون في تمويل الأحزاب، كما أن مسودة هذا القانون تضمنت بنودا لتوقيع العقوبات بالأحزاب مثل غلق المكاتب، وإجراءات أخرى أشد صرامة، منها الحرمان من الانتخابات، لكن هذا الكلام سابق لأوانه، فقد تعدل هذه الفقرة قبل إقرارها، أما إذا تم الإقرار بالصيغة الحالية، فنقول: نعم توجد هكذا عقوبات».