«البدون» يعودون إلى مطالبة الحكومة الكويتية بحقوقهم

أحدهم: ولدت هناك ولا ناقة لي ولا جمل بغزوها

TT

جدد «البدون» في محافظات جنوب العراق مطالبتهم الحكومة الكويتية بحقوقهم جراء خدماتهم سنوات طويلة في الأجهزة الحكومية قبيل إبعادهم بعد تحرير الكويت من غزو العراق عام 1992.

وأكد عدد منهم من سكان مناطق الزبير وصفوان في البصرة والبطحاء في الناصرية لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة الكويتية لم تشملهم بالتعويضات كالمقيمين الآخرين من الدول الأخرى الذين تعرضوا إلى أضرار نتيجة الغزو، مؤكدين أنهم قضوا سنوات طويلة في الخدمة بالدوائر المدنية والأجهزة العسكرية، ولم يحصلوا على تعويضات بادعاء أن فئة «البدون» ينحدرون من أصول عراقية، و«باركوا الغزو في الوقت الذي لا علاقة لهم بكل ما جرى من أحداث سبقت أو رافقت غزو الكويت».

ظهرت أصوات فئة «البدون» في العراق عام 1992، وكونوا لهم رابطة بدعم من النظام السابق أطلق عليها «رابطة أصحاب الحق»، وأنشئت لها مكاتب في المحافظات وبعض الدول الغربية، وأقاموا مخيمات اعتصموا فيها قرب الحدود، ودعوا لها وسائل إعلام عربية وأجنبية، لتشكيل وسيلة ضغط على الحكومة الكويتية للمطالبة بعودتهم أو تعويضهم، على اعتبار أنهم مواطنون كويتيون، ولد أكثرهم هناك إلا أنهم لم يحصلوا على الجنسية الكويتية، وجرى التعامل معهم على أنهم من فئة «البدون»، أي من دون أوراق ثبوتية تؤيد مواطنتهم، وقد اختفت تلك الرابطة بعد 2003، وبات المنتمون إليها بلا مرجعية على حد قول بعضهم.

رفض عدد منهم ذكر اسمه الصريح ومكان عمله قبل الغزو، كي لا يتعرض أهله وأقاربه الذين ما زالوا مقيمين في الكويت بعد حصولهم على الجنسية إلى المساءلة، حسب ادعائه، وهم يتلقون منهم المساعدات والمعونات المالية، فيما احتفظ آخرون بقوائم بأسماء «البدون» وعناوينهم وأرقام هواتفهم.. قال عبد الجليل الضامن (صحافي مخضرم) إن مسألة «البدون» «ليست حديثة في الكويت وبعض دول الخليج العربي، فهم فئة معروفة بالمجتمع الكويتي منذ ستينات القرن الماضي اضطروا للهجرة إلى الكويت لتوفر فرص العمل، وتناسلوا وكثرت أعدادهم، منهم من استطاع الحصول على الجنسية الكويتية عن طريق المصاهرة أو طرق أخرى، خصوصا الشباب، ومنهم من ولد في الكويت ومنهم من بقي على حاله، وقد اشتغل الكثير منهم في الوظائف العامة وأجهزة الشرطة والجيش، ولديهم منها وثائق رسمية. عادت أعداد منهم إلى العراق، فيما أبعدت الحكومة الكويتية من لم يغادر الكويت بعد تحريرها من دون صرف مستحقاتهم المالية». وأضاف: «إن معظم أفراد هذه الفئة هم من سكان صفوان والزبير القريبتين من الحدود الكويتية ـ العراقية ومن عشائر البدو في ناحية البطحاء بمحافظة الناصرية الذين التحقوا بأفراد عشيرتهم التي قطنت الكويت منذ سنوات طويلة».

وما زال معظم أفراد «البدون» يرتدون الزي الكويتي ويتحدثون بلهجة أهلها، اشتغل بعضهم بأعمال حرة، فيما يعيش آخرون على مساعدات أقاربهم هناك على الرغم من مرور أكثر من 17 عاما على مغادرتهم الكويت.. وأوضح شاكر سلمان، وهو واحد منهم، أنه قضى 14 عاما في سلك الشرطة حتى وصل إلى رتبة رقيب، وعند غزو العراق الكويت «أصبح لا حول لنا ولا قوة كغيرنا من أفراد المجتمع بمن فيهم الأسرة الحاكمة التي غادرت البلاد، وبعد التحرير تم إبعادنا من دون ذنب سوى الادعاء بأننا من أصول عراقية، في الوقت الذي تضم معظم دول العالم مواطنين من أصول دول أخرى».

فهد المطيري أكد أنه من مواليد الكويت، نشأ وتعلم فيها ثم خدم في إحدى الدوائر الخدمية ما يقارب سبعة أعوام، وتم إبعاده وهو ـ كما يقول ـ لا ناقة له ولا جمل بالغزو. وزعم بأن الحكومة الكويتية صادرت حقوقهم، حيث تم تعويض كل المقيمين من مصريين وأردنيين وفلسطينيين وهنود وإيرانيين وباكستانيين، إلا العراقيين. وحول أسباب إثارة تجديد مطالبهم بعد صمت عدة أعوام أجاب: «كنا بانتظار متغيرات محلية ومنها الانتخابات الجديدة لمجلس الأمة الكويتي الذي من المنتظر أن يطرح الموضوع على طاولة النقاش، وإلا ستضطر جماعات منا لعرضها على منظمات ومحاكم دولية، بعد أن أصبح صوت العراقيين مسموعا فيها بعد تغيير النظام»، مشيرا إلى أن الحكومة الحالية منشغلة بأمورها المحلية «ولم نجد آذانا صاغية لمطالبنا المشروعة».