إيران: سنقدم للغرب «حزمة جديدة» لبدء محادثات أمنية وسياسية ودولية

واشنطن تحذر طهران: «ساعة الحقيقة» ستدق نهاية سبتمبر > ساركوزي: «لسنا نحن من سيتغير.. وعلى الإيرانيين أن يفكروا» مليا

TT

قال وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي أمس، إن إيران تعد حزمة جديدة بشأن القضايا «السياسية والأمنية والدولية» لطرحها على الغرب، موضحا، «الحزمة يمكن أن تكون أساسا جيدا للمحادثات الغربية مع طهران حول الملف النووي، والملفات الإقليمية والدولية». ستتضمن الحزمة «مواقف إيران فيما يتعلق بالقضايا السياسية والأمنية والدولية» بحسب ما قال متقي أمس. وجاء الإعلان الإيراني بعد نحو 24 ساعة من إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما، والقادة المجتمعين في قمة الثماني في إيطاليا، أن القوى الكبرى في مجموعة الثماني مجمعة على أنها «لن تنتظر إلى ما لا نهاية رد إيران بشأن ملفها النووي، ثم نستيقظ يوما لنجد أنفسنا في وضع أسوأ، من دون التمكن من التحرك، آمل أن يطلع القادة الإيرانيون على البيان النهائي لمجموعة الثماني، ويلاحظوا أن موقف العالم واضح». وقللت إيران من أهمية إعلان مجموعة الثماني بشأن برنامجها النووي المثير للجدل، وحول قمع تظاهرات الاحتجاج على إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد. وقال وزير الخارجية الإيراني تعليقا على قمة مجموعة الثماني في إيطاليا، «ليس هناك أي رسالة جديدة من جانب مجموعة الثماني، التي أنهت أعمال قمتها الليلة الماضية». وأضاف «لقد تم التعبير عن وجهات نظر مختلفة بشأن بعض المواضيع، غير أنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق شامل، سنقدم رزمة اقتراحاتنا التي ستكون قاعدة لمفاوضات حول كافة القضايا الإقليمية والدولية». وأضاف متقي، «إذا كانت هناك رسالة جديدة فإننا سنتصرف بناء عليها».

وكان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قال في 15 أبريل (نيسان) الماضي، «نحن نقوم بتحضير رزمة جديدة ستعرض على مجموعة 5+1» أي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا. وكانت مجموعة خمسة زائد واحد فوضت الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، إجراء مباحثات مع إيران بشأن برنامجها النووي. وقد قدمت إيران اقتراحا مماثلا في مايو (أيار) 2008 ضمن مجموعة اقتراحات تهدف، بحسب أحمدي نجاد، إلى «تسوية مشكلات العالم». وهذه المبادرات كانت بديلا لمقترحات الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، إلى جانب ألمانيا لإقناع إيران بتعليق برنامج تخصيب اليورانيوم. وعلقت المباحثات بين إيران ومجموعة القوى الست منذ سبتمبر (أيلول) 2008. وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قال يوم الأربعاء، إن القوى الكبرى في مجموعة الثماني ستمنح إيران مهلة حتى سبتمبر (أيلول) لقبول المفاوضات بشأن طموحاتها النووية أو مواجهة عقوبات أشد. وعلى الرغم من تحفظات روسيا والصين على فرض عقوبات جديدة الآن، إلا أنه يعتقد أنه بحلول سبتمبر (أيلول) إذا لم تكن المفاوضات النووية مع طهران قد بدأت فإن بكين وموسكو ستدعمان تشديد الضغوط على طهران. وقادت قوى الاتحاد الأوروبي بريطانيا وفرنسا وألمانيا المفاوضات مع إيران بشأن نشاطها النووي الذي يشتبه الغرب في أنه يهدف إلى صنع قنابل. وتقول طهران إن عملها النووي سلمي بالكامل، وتواصل تحديها في الخلاف النووي مع الغرب قائلة، إن الجمهورية الإسلامية لن تتراجع «ولو خطوة واحدة» بخصوص برنامجها المتنازع عليه. وعرضت روسيا والصين ودول الاتحاد الأوروبي إلى جانب الولايات المتحدة حزمة حوافز اقتصادية وحوافز أخرى على إيران، إذا أوقفت تخصيب اليورانيوم وهو عملية يمكن أن تؤدي إلى إنتاج وقود يستخدم في محطات الطاقة أو في صنع قنابل نووية. ورفضت إيران هذا الطلب قائلة، إن من حقها مواصلة نشاطها النووي باعتبارها عضوا في معاهدة حظر الانتشار النووي.

وعلى الرغم من أن حزمة الحوافز الغربية تضمنت مغريات لإيران من بينها ضمها لمنظمة التجارة العالمية وإنهاء الحظر الاقتصادي عليها، وتبادل التكنولوجيا النووية السلمية معها، إلا أن طهران تريد أن يكون الحوار مفتوحا ولا يقتصر على القضايا النووية فقط. وكانت إيران في ردها على عرض الحوافز الغربي قد قدمت وثيقة طويلة تتضمن مبادئ عامة، هي رؤيتها للعلاقات الدولية على أساس عادل، ورفضها لمبدأ القوى في العلاقات الدولية، ثم عالجت بعد ذلك عددا من القضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية في العالم ومنطقة الشرق الأوسط، إلا أن الدول الغربية قالت إن الورقة الإيرانية لا تصلح أساسا للتفاوض لأنها لم تتضمن أفكارا محددة يمكن العمل عليها. ومنذ ذلك الحين لم تجرى مباحثات نووية بين طهران والغرب. وشددت الولايات المتحدة وفرنسا هذا الأسبوع لهجتيهما في مطالبة إيران بالرد على عرض التفاوض حول برنامجها النووي. وحذر كل من الرئيسين الأميركي والفرنسي ليل أول من أمس، من أنه في حال لم تقدم طهران ردها فإن «ساعة الحقيقة» ستدق نهاية سبتمبر (أيلول) على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وفي حال لم تتحرك إيران فإن الرئيسين يفكران في فرض عقوبات جديدة عليها وذلك رغم غياب كلمة «عقوبات» من الإعلان الخاص الصادر عن قمة مجموعة الثماني في لاكويلا (إيطاليا)، الذي أعرب عن قلق المجموعة إزاء جمود الملف النووي الإيراني.

وقال أوباما: «لن ننتظر إلى ما لا نهاية ونسمح بتطوير أسلحة نووية وانتهاك المعاهدات الدولية، ثم نستيقظ يوما لنجد أنفسنا في وضع أسوأ، من دون التمكن من التحرك». من جهته قال ساركوزي: «منذ ست سنوات ونحن نمد لهم اليد ونقول لهم: أوقفوا برنامجكم النووي» مضيفا «لسنا نحن من سيتغير بحلول 25 سبتمبر. على الإيرانيين أن يفكروا» مليا.

وأشار البيان المشترك لمجموعة الثماني (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا وألمانيا وإيطاليا وكندا واليابان) إلى أن الاجتماع الجديد لمجموعة الثماني «على هامش افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر سيشكل مناسبة لتقويم الوضع». ولم تسهم الأحداث التي تلت الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو، التي وصفها أوباما بـ«الفظيعة» في إحراز تقدم في الملف. ولا يزال الغموض يلف الوضع الداخلي الإيراني وسيظل كذلك على الأقل لحين تنصيب الرئيس محمود أحمدي نجاد. وقال ساركوزي مهددا «في أغسطس (آب) سيؤدي الرئيس الإيراني اليمين، وستعرض حكومة جديدة. هل تريد النقاش أم أنها لا ترغب فيه؟ إذا كانت لا ترغب فيه، فستكون هناك عقوبات». غير أنه لا يوجد إجماع بشأن العقوبات بين القوى الست التي تتعامل مع الملف الإيراني وهي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وفرنسا والصين) وألمانيا. وقالت روسيا إن القمع الدامي لتظاهرات المعارضة الإيرانية احتجاجا على نتائج الانتخابات الرئاسية في 12 يونيو تشكل «شأنا داخليا» ويبدو أن الولايات المتحدة فشلت في حشد التأييد لتشديد العقوبات على إيران خلال قمة لاكويلا.

بيد أن أوباما أعرب عن الأمل في أن يدرك الإيرانيون بعد اجتماع مجموعة الثماني أن المجتمع الدولي موحد في تقديره للتحدي الذي يمثله امتلاك إيران لسلاح نووي. وتنفي طهران سعيها إلى حيازة سلاح نووي مؤكدة أن برنامجها لتخصيب اليوانيوم اقتصر على أهداف مدنية. غير أن الغربيين مقتنعون بعكس ذلك. وأعلن باراك أوباما قطيعة مع سياسة سلفه جورج بوش، وعرض على طهران إجراء حوار مباشر بالتوازي مع عرض التعاون متعدد الأطراف القائم أصلا. وقال الرئيس الأميركي «المجتمع الدولي قال إن ثمة بابا» يتيح إجراء حوار، وأن إيران «تستطيع عبوره بهدف خفض التوتر والانضمام في شكل كامل» إلى المجتمع الدولي. وتخيم على هذا الحرص من أوباما وساركوزي على الحصول على رد سريع من إيران، أجواء من التهديد بتدخل عسكري من قبل إسرائيل الدولة التي كان أحمدي نجاد قال إنه يرغب في «شطبها» عن الخارطة.

بيد أن ساركوزي أكد في لاكويلا، أن قيام إسرائيل بشن «هجوم من جانب واحد» على إيران «سيكون كارثة كبيرة». وقال «على إسرائيل أن تعرف أنها ليست وحدها وأن تنظر إلى كل هذه الأمور بهدوء».