أزمة في الجيش الإسرائيلي سببها تعيين نائب جديد لرئيس الأركان

باراك اختلف مع اشكنازي فاختارا جنرالا لا يناسب هذا المنصب العسكري الرفيع

TT

تشهد القيادة العليا للجيش الإسرائيلي أزمة كبيرة بسبب قرار وزير الدفاع، إيهود باراك، ورئيس أركان الجيش، غابي اشكنازي، تعيين الجنرال بيني جينيتس، نائبا جديدا لرئيس الأركان. فقد اعتبر الجنرالات هذا التعيين قرارا مفتعلا يدل على عجز لدى الرجلين. وقالوا إنه ينشئ عادات جديدة من شأنها أن تزعزع الجيش وقدراته.

وكان باراك واشكنازي قد اختلفا حول هذه المسألة لدرجة أن العلاقات الشخصية بينهما قد تصدعت. فمنصب نائب رئيس الأركان يعتبر الرافعة لمنصب رئيس الأركان. ومن يريد أن يكون مرشحا لمنصب رئيس الأركان، لا بد له من العبور في هذا المنصب. وجرت العادة في إسرائيل أن يعين نائب لرئيس الأركان مرة كل سنتين، وذلك حتى يتاح اختيار رئيس للأركان من بين مرشحين اثنين على الأقل. ويتم تعيين نائب رئيس الأركان بالتوافق ما بين وزير الدفاع ورئيس الأركان.

ورغب باراك في تعيين الجنرال يوآف غالانت، لمنصب نائب رئيس الأركان، ولكن اشكنازي وضع خطا أحمر على غالانت لأن العلاقات الشخصية بينهما سيئة. وقال إنه لا يحتمله نائبا له. وأصر باراك على غالانت طيلة أشهر، وذلك ليس لأنه يحبه أو يقدره، بل ـ كما يقول المراقبون ـ يريد أن يسلم من شره. فقد هدد غالانت بترك الجيش في حال عدم اختياره نائبا لرئيس الأركان. ويخشى باراك من أن يؤدي خروجه إلى فضائح للجيش ولوزارة الدفاع. حيث أن غالانت إنسان فظ لا يتردد في مهاجمة أحد. وهو الذي كان قائدا للواء الجنوب خلال الحرب العدوانية على غزة، وفي هذه الحرب عزز مكانته جيدا لأنها اعتبرت في إسرائيل انتصارا للجيش. وفي الوقت ذاته، هناك انتقادات كبيرة لقرارات القيادة السياسية خلال الحرب، بمن فيها قرارات باراك، علما بأن غالانت لم يكن معنيا بوقف إطلاق النار وطلب من حكومة إيهود أولمرت في حينه الاستمرار في القتال.

وأراد اشكنازي تعيين قائد اللواء الشمالي، جادي آيزنقوط، في منصب نائب رئيس الأركان. فهو أيضا من أصحاب الرصيد العسكري القوي. ولكن تعيينه كان سيفسر على أنه تفضيل واضح له على غالانت. وخشي باراك من رد فعل عصبي من غالانت. وعندما تسرب أمر الخلاف بين باراك واشكنازي إلى وسائل الإعلام، بدأت حملة إعلامية ضدهما. فاضطرا إلى الاجتماع نهاية الأسبوع واتخاذ القرار بتسوية حل وسط. والحل هو تعيين بيني جينيتس، الملحق العسكري في السفارة الإسرائيلية في واشنطن. فهو شخصية باهتة من دون كاريزما. وتعيينه لا يهدد مكانة أي من المرشحين الثلاثة لمنصب رئيس الأركان، وهم: غالانت وآيزنقوط إضافة إلى عاموس يدلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية. واتفق باراك واشكنازي على العمل حاليا على إقناع الثلاثة بالبقاء في الجيش والتنافس في السنة المقبلة على منصب رئيس الأركان من نقطة انطلاق ذات مستوى واحد. ووافق يدلين وآيزنقوط على البقاء في الجيش، كل في منصبه، ولكن غالانت لم يعط جوابا بعد. وبدا هذا الحل مثاليا لباراك واشكنازي، وحصلا على مباركة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي لم يتدخل في الصراع. ولكن قيادة الجيش رأت فيه حلا سيئا للغاية. وقال جنرال كبير طلب عدم الكشف عن اسمه إن هذا الحل خطير بالنسبة لتقاليد الجيش، حيث إنه يضع الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب. ويؤدي إلى تأجيل تعيينات جديدة في قيادة اللواء الشمالي وقيادة اللواء الجنوبي ورئاسة شعبة الاستخبارات العسكرية. وتأجيل تعيينات أخرى تنبع من هذه التعيينات. ويمنع تقدم كثير من العمداء إلى درجة لواء، مما يخلق مرارة لدى القادة في الدرجات العليا والوسطى بشكل عام.

كما أن تعيين جينيتس أثار حفيظة المستوطنين في الضفة الغربية، الذين يذكرون له تصريحات حادة ضد نشاطاتهم الاحتجاجية لمنع إخلاء البؤر الاستيطانية. ففي حينه هاجم المستوطنين وقال إنهم يسعون لبث روح التمرد داخل الجيش عندما دعوا الجنود إلى التمرد على أوامر الإخلاء. يذكر أن جينيتس في الخمسين من عمره. وانضم إلى الجيش سنة 1977 وكانت أول خدمة له في سلاح المظليين. ثم انتقل إلى سلاح الجو. وعمل فترة طويلة في لبنان، إبان احتلال جنوبه، ثم انتقل إلى الضفة الغربية. وخلال حرب لبنان الأخيرة وكذلك حرب غزة كان يمثل الجيش في الولايات المتحدة.