الصومال: القوات الأفريقية تشارك في القتال لمنع المتمردين من الوصول إلى القصر الرئاسي

الشيخ شريف وبعض وزرائه يرتدون الزى العسكري لرفع معنويات جنودهم

عناصر من قوات تابعة للحكومة الصومالية يقفون قرب سيارتهم العسكرية أثناء المعارك ضد قوات ميليشيا حركة الشباب المتشددة في العاصمة مقديشو أمس (أ.ف.ب)
TT

للمرة الأولى منذ بدء نشرها في العاصمة الصومالية مقديشو، شاركت قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في القتال إلى جانب القوات الموالية للرئيس الصومالي الشيخ شريف، ضد المتمردين الإسلاميين الذين يسعون للإطاحة به، فيما لقي نحو 50 شخصا مصرعهم وأصيب عدد مماثل من جراء الاشتباكات التي استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة.

وقال مسؤول صومالي لـ«الشرق الأوسط» إن الشيخ شريف ارتدى للمرة الأولى أيضا منذ توليه السلطة مطلع العام الجاري زيا عسكريا إلى جانب جميع أعضاء حكومته، في إشارة إلى عزم السلطة الانتقالية على القضاء على المتمردين وطردهم مجددا إلى خارج تخوم العاصمة مقديشو.

ولفت المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، إلى أن الشيخ شريف ارتدى الزى العسكري برفقة بعض وزرائه وأعضاء من البرلمان، لرفع معنويات الجنود الحكوميين.

وطبقا لما رواه سكان محليون في مدينة مقديشو لـ«الشرق الأوسط»، فإن قوة لا يقل عددها عن 300 من القوات الأفريقية تحركت على متن دبابات وآليات عسكرية لتعزيز دفاعات القوات الحكومية في منطقة عبد العزيز شمال المدينة.

وقال السكان إن حركة نزوح جديدة من سكان المدينة بدأت على الفور تحسبا لاحتدام المعارك في الساعات والأيام المقبلة، بعدما انتشرت معلومات عن استدعاء ميليشيات الحزب الإسلامي وحركة الشباب المجاهدين تعزيزات من مقاتليهم في مناطق أخرى.

وأقر مسؤول في قوات حفظ السلام الأفريقية «أميصوم» بمشاركة هذه القوات في قتال أمس بشكل علني، وقال لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مقديشو «هذه هي فقط البداية، قررنا أنه لم يعد بمقدورنا أن نقف مكتوفي الأيدي، سنتدخل من الآن فصاعدا، ليس فقط لتنفيذ مهامنا المتمثلة في حماية الرئيس والحكومة والبرلمان، بل أيضا في الرد على المتطرفين».

ولفت المسؤول إلى أن الجنرال فرانسيس أوكيلو، وهو جنرال في الجيش الأوغندي وقائد القوات الأفريقية، قاد بنفسه أمس هذه القوات في معارك الأمس.

وقال متحدث باسم «أميصوم» «كانت قواتنا في خطر محدق، لذا اضطررنا إلى القيام بعمل محدود لأن المتمردين تجاوزوا الخط الأحمر، حيث كان من المفترض ألا يتجاوزوه لتجنب قيامنا بتحرك عسكري».

وخاضت القوات الحكومية الصومالية المدعومة بنحو أربعة آلاف مقاتل من أوغندا وبوروندي، يمثلون قوات حفظ السلام الأفريقية، قتالا شرسا شمال العاصمة مقديشو، لصد المتمردين الذين اقتربوا بشكل كبير من القصر الرئاسي المعروف باسم «فيلا الصومال».

وكانت مهمة القوات الأفريقية تنحصر فقط في حماية مطار وميناء مقديشو، بالإضافة إلى تأمين مسؤولي ومقرات ترويكا السلطة الانتقالية (الرئيس والحكومة والبرلمان)، لكن الحكومة الصومالية بتشجيع من منظمة دول الإيقاد والاتحاد الأفريقي نجحت في تغيير مهمة هذه القوات للرد على المناوئين لها عسكريا.

وانتشرت الجثث في الطرقات، حيث اندلعت المعارك لليوم الثالث على التوالي، بينما تبادلت الحكومة والمتمردون الإعلان عن تحقيق أحدهما انتصارات ضد الآخر، لكن مسؤولا في الحزب الإسلامي، الذي يقوده الشيخ حسن طاهر أويس، قال في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن المعارك التي دارت رحاها أمس لم تسفر عن أي تغيير في مواقف الطرفين.

وقال يوسف محمد سياد اندياهو، وزير الدفاع الصومالي، إن القوات الحكومية حققت ما وصفه بانتصارات كبيرة في المعارك، مشيرا إلى أن القوات الحكومية قامت بعملية استئصال لمن وصفهم بالخوارج بأمر من الشيخ شريف.

ومع ذلك فقد نفى المسؤول الحكومي ضمنيا مشاركة القوات الأفريقية في المعارك، حيث قال إن «القوات الحكومية لا تتعاون في قتالها ضد المعارضة مع أي قوات أجنبية». وقال صلاد علي جيلي، عضو البرلمان الذي شارك في قتال أمس «قتلنا 40 من مقاتلي جماعة الشباب، ونحن مستمرون في طردهم من ثلاث مناطق في شمال مقديشو. قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي تساعدنا».

وقال عبد الفتاح شاوي، نائب رئيس بلدية مقديشو، إن المسلحين استولوا على منطقة بالقرب من القصر الرئاسي في مطلع الأسبوع، مضيفا «(أميصوم) ساندتنا في هذه العملية الأخيرة لأن المتمردين كانوا على بعد كيلومتر واحد فقط من القصر الرئاسي.. فقدنا ثلاثة جنود في المعركة». وطبقا لرواية سائق عربة فإنه شاهد ثمانية جثث لمقاتلين ممددة في الشوارع وأنه نقل ما يصل إلى 16 مصابا. وأفاد شهود أن أربعة مدنيين ومقاتلا قضوا وأن دبابات قوة الاتحاد الأفريقي تدخلت في المواجهات، حيث قال الشاهد عبد والي حسن «تم انتشال جثث أربعة مدنيين ومقاتل من قرب منزلي، لقد قتلوا في المعارك في وقت مبكر صباحا».

إلى ذلك، أعلنت حركة الشباب المجاهدين مسؤوليتها عن اغتيال نور حسن علي، الشهير بـ«نور دقلي»، الذي وصفته بأنه عميل للمخابرات الإثيوبية والأميركية والمسؤول الأمني الخاص للرئيس الصومالي، إضافة إلى العقيد محمد نور وهو ضابط رفيع المستوى في المخابرات الحكومية.

وقالت الحركة في بيان لـ«الشرق الأوسط» إن هذه العملية التي قتل فيها سبعة جنود حكوميين، تأتى ضمن ما وصفته بـ«سلسلة عمليات قهر بقايا الجيش وفلوله في المناطق المحيطة بالقصر الرئاسي» ولفتت إلى أن مقاتليها تخندقوا في مواقع قتالية جديدة مطلة على ساحل لِيدُو بالمحيط الهندي بعد اجتياز خطوط عسكرية عريضة للجيش في حي «عبد العزيز» وخاصة في طريق ملعب «كُونِسْ» حيث شهد أعنف المواجهات أخيرا.

وأعلنت أن تقدم كتائبها أدى إلى هروب معظم مسؤولي إقليم بنادر متجهين نحو القصر الرئاسي الذي لا تحميه من قواتها سوى دفاعات قليلة على حد تعبيرها.