المعارضة تدعو إلى التعجيل بتأليف الحكومة.. والأكثرية تؤكد رفض النسبية والثلث المعطل

تشكيل الحكومة اللبنانية ما زال ينتظر التفاهم على طبيعة «المشاركة»

وزير الدفاع اللبناني، إلياس المر، يسير أمس برفقة قائد الجيش، العماد جان قهوجي، نحو النصب التذكاري في باحة وزارة الدفاع، حيث وضعا إكليلا من الزهور (دالاتي ونهرا)
TT

رغم كثرة السجالات السياسية في لبنان، بدا المشهد أمس خاليا من أي جديد. وكأن الحكومة التي تعيش مرحلة «تصريف أعمال» في انتظار تأليف الحكومة الجديدة، عكست طابعها على الخطابات التي بدت أيضا خطابات «تصريف وقت». ففي ظل غياب أي عنصر جديد، استمر نواب الأقلية، وتحديدا نواب «حزب الله» وحركة «أمل»، يطالبون بالتعجيل بتأليف الحكومة على قاعدتي «الشراكة» و«الثلث المعطل»، ليأتيهم الرد من نواب الأكثرية الذين أكدوا ترحيبهم بالمشاركة إنما «من دون أي تعطيل» أو «نسبية في التمثيل». عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسين الحاج حسن، أكد «التمسك بأجواء التهدئة والانفتاح والحوار والتعايش السياسي الهادئ لتأليف الحكومة، والتمسك بمبدأ حكومة الوحدة الوطنية، أي حكومة شراكة حقيقية تضمن للجميع حضورا ومشاركة لصياغة كل ما يتعلق بلبنان ومصلحته ومستقبله». وقال «تتردد في المجالس أسئلة عن توقيت تأليف الحكومة، فنقول: سيتم تأليفها لدى التوصل إلى فهم واحد لمعنى المشاركة الوطنية الفاعلة. حكومة تحل كل المشكلات. وآمل أن يكون الجميع قد استفاد من التجربة ليصار إلى تعطيل الإيحاءات والتدخلات الخارجية». بدوره، دعا عضو كتلة «التحرير والتنمية»، النائب علي حسن خليل، إلى تعزيز «ثقافة الديمقراطية، والتزام الحقوق والواجبات، وأن نولد الوعيين الدستوري والقانوني اللذين من خلالهما نستطيع أن ننظم اختلافاتنا وعناصر تلاقينا بما يخدم مصلحة الوطن بعيدا عن التعصب الذي يقتل روح المواطنة». وشدد، خلال تمثيله رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في افتتاح معرض للكتب في الجنوب، على أنه «في هذه اللحظة السياسية المهمة، نجدد موقفنا لأهمية الإسراع في تأليف الحكومة الجديدة، وتسهيل مهمة الرئيس المكلف، منفتحين على مناقشة الصيغ التي يقدمها في هذا الخصوص، والتي تضمن مشاركة حقيقية تتجاوز أهميتها الحضور السياسي أو الطائفي لمجموعات معينة إلى الدور الذي يجب أن تلعبه في رسم السياسات والخطط والقرارات التي تحمي لبنان». وأضاف «إننا على ثقة بأن فرصة العلاقات العربية ـ العربية متجهة نحو مزيد من التحسن والانفتاح والمناخ الإيجابي، والتطور الواضح في لهجة الخطاب السياسي عند أغلب الفرقاء اللبنانيين نحو منطق الوحدة والبناء على المشترك. والانفتاح في تناول القضايا التي شكلت أزمة العلاقات السياسية في المرحلة الماضية سيسهل الخروج من تعقيدات الحصص والحقائب، ويكسر حدة الاصطفاف، الذي فرز الناس بين معسكرات خدمت فقط من لا يجدون أدوارهم وحضورهم إلا في منطق الانقسام والاختلاف والابتعاد عن المشاركة، الذي يحاولون أن يستعيدوه اليوم من أجل حماية مواقعهم». كذلك، اعتبر عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض أنه «فيما نشدد على الشراكة والوفاق والوحدة الوطنية، لا يزال في هذا الوطن من يجبر على الشراكة والوفاق، ولا يزال يتعامل مع هذين الأمرين بمنطق تكتيكي وليس بمنطق استراتيجي أو ميثاقي. لذلك فإن موقفنا من الشراكة والوفاق والوحدة الوطنية موقف تعاقدي ميثاقي قبل أن يكون موقفا سياسيا». وقال «لا نرى أي إيجابية تنتج من التلكؤ في تأليف الحكومة. فالتلكؤ لا يفيد أيا من اللبنانيين، في ظل الحاجة إلى أن نمضي قدما في بناء حكومة الشراكة الحقيقية للوصول بالبلد إلى بر الأمان، ولكي يشارك الجميع في معادلة تحمل المسؤولية في إدارة البلاد». في المقابل، رد عضو كتلة «المستقبل» النائب هادي حبيش، فقال إن «حكومات الوحدة الوطنية تتطلب وقتا في التأليف، لأنها تفتح باب المشاركة لجميع الفرقاء، والتشاور مع الجميع»، لافتا إلى أنه «إذا أرادت قوى 8 آذار أن تشارك في الحكومة فأهلا وسهلا، لكن من دون أن يكون لها الحق في التعطيل. ستكون حكومة وحدة وطنية بمشاركة الجميع وتحترم، في الوقت نفسه، إرادة الشعب اللبناني التي أفرزت أكثرية نيابية، يحق لها أن تحكم. وبعد أربع سنوات يحاسبها الشعب اللبناني». وعن التمثيل النسبي في الحكومة، قال «هناك دستور يحدد طريقة تأليف هذه الحكومة التي تتألف بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء. لست ضد أن تمثل كل الكتل النيابية السياسية، ولكن منطق النسبية لا يتطابق ونظامنا السياسي». وأشار إلى أن الرئيس المكلف بتأليف الحكومة سعد الحريري «بعد تكليفه، صار يتعامل بصفته رئيسا لحكومة لبنان، ولم يستطع أن يتعامل كرئيس لفريق سياسي ولكتلة سياسية. وبالتالي بعد أن يصبح رئيسا للحكومة، من الطبيعي أن يزور كل الدول العربية ومنها سورية. ومن غير الطبيعي أن يضع فيتو على دولة عربية معينة لأنه يتصرف كرئيس لحكومة كل لبنان». وختم «نحن نطمئن أكثر ونرتاح عندما يذهب الرئيس الحريري إلى سورية مع أجندة معينة تضمن حرية لبنان وسيادته واستقلاله». كذلك، أكد عضو كتلة «المستقبل» النائب زياد القادري أن «حكومة لبنان تصنع في لبنان. فالحراكان العربي والدولي عنصران مساعدان ويلاقيان الحراك الداخلي الناشط، بالتوازي مع الخطاب السياسي الهادئ، والتنسيق المستمر بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري والكتل النيابية، بما يشيع حالة من الاسترخاء والتفاؤل». وأمل في «ألا يطول أمد تأليف الحكومة، نتيجة مراوغات ومناورات لا تخدم مصلحة الوطن»، مؤكدا «ضرورة سحب بدعة الثلث الضامن وطرح التمثيل النسبي من البازار السياسي لأنهما وجهان لعملة التعطيل المقنعة». واعتبر أن كلام وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير عن أنه لا عودة بالزمن في ما يخص العلاقة مع سورية «كلام واقعي، يجسد حقيقة لا يمكن تجاهلها، وهي أن سورية أصبحت في سورية. وقد تم التبادل الدبلوماسي بين البلدين»، مشيرا إلى أن «كل المساعي يجب أن تتركز على تجاوز الماضي وإقامة أفضل العلاقات الطبيعية والندية بين لبنان وسورية، ودائما على قاعدة أن لبنان لا يحكم من سورية، ولا يحكم ضد سورية».