منتظري: قادة إيران الحاليون غير شرعيين.. والإصلاحيون يتجهون لمقاطعة برلمانية

خليفة الخميني المعزول قال: من يطلق النار على المتظاهرين ليس جديرا بالحكم.. ومستشار للمرشد يدعو للعفو

TT

شن أحد أبرز رجال الدين في إيران، آية الله حسين منتظري، هجوما عنيفا على حكام البلاد الحاليين، قائلا إنهم ليسوا جديرين بالحكم بسبب بطشهم بالمتظاهرين المعارضين، وإطلاق الرصاص عليهم، ودعا إلى إسقاطهم وعزلهم، في أقوى انتقادات توجه إلى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. وهددت كتلة الإصلاحيين في البرلمان الإيراني أمس بمقاطعة جلسة المصادقة على وزراء حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد ما لم يتم حل «الأزمة الرئاسية» سياسيا، في وقت دعا فيه أحد مستشاري خامنئي الكبار الحكومة إلى أن تكون أكثر تسامحا مع المعارضين، رغم تصعيد مسؤولي الجيش للهجتهم في آخر إشارات الانقسام الذي تسببت فيه إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد منذ شهر.

ووصف منتظري، في بيان أصدره، حكام البلاد بأنهم مغتصبون للقانون ومخالفون للدستور، بسبب معاملتهم القاسية للمتظاهرين من المعارضة في الأسابيع الأخيرة، وأفتى منتظري، خليفة الخميني المعزول، أبرز رجال الدين المعارضين في إيران، ملمحا إلى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، أن «الحاكم إذا فقد العدالة والأمانة وقام بقمع الأكثرية، فإنه يجب أن يُعزل تلقائيا ولا تجب حينها طاعة أوامره»، وألمح أيضا إلى أن الحكومة الحالية غير شرعية، وقال إن «على الشعب إسقاطها». وقال منتظري في فتواه التي نشرت في موقع للإصلاحيين على الإنترنت: «الظلم ومخالفة أحكام الدين لا يمكنهما حفظ النظام».

ومنتظري هو مهندس الثورة الإسلامية الذي اختلف مع القيادة الحالية ووضع رهن الإقامة الجبرية في منزله منذ سنوات، وهو كثيرا ما يوجه انتقادات إلى الحكام، وقال في فتواه: «من يقوم باعتقال المتظاهرين وإطلاق النار عليهم.. يكون غير مؤهل لحكم مجتمع المسلمين». وقال رسول نفيسي، الأكاديمي الإيراني المقيم في الولايات المتحدة، لصحيفة «نيويورك تايمز»: «في تقديري أن هذه الانتقادات هي الأقوى التي توجه ضد المرشد الأعلى». وأضاف: «على الرغم من أنه لم يذكر اسم آية الله خامنئي، فمن الواضح أنه يشير إليه».

ومن غير المرجح أن يكون لهذه الفتوى أثر فوري في إيران، في وقت قامت فيه شخصيات بارزة من المعارضة بتقديم مواقف واضحة ومؤثرة بالفعل. بعض رجال الدين البارزين، بمن فيهم آية الله منتظري، انضموا إلى شخصيات سياسية كبيرة في انتقاد الحكومة، بشأن حملة الاحتجاجات في الشوارع خلال الأسابيع الأخيرة، وقالوا إنهم يعتقدون أن الانتخابات كانت مزورة، لكن معظمهم كانوا قد فعلوا ذلك في حذر.

وقال محلل سياسي: «لم يجرؤ أحد من السياسيين ورجال الدين على شن هجوم كاسح على الحكومة مثلما فعل منتظري أمس». وأضاف قائلا لـ«نيويورك تايمز»، رافضا الكشف عن اسمه خوفا من الانتقام: «سيكون لهذه الفتوى تأثير أقوى بكثير في حال قام عدد آخر من كبار رجال الدين بالانضمام إلى منتظري في مثل هذا النوع من البيانات». وتابع: «لكن ذلك لن يصبح تيارا طالما هناك فرد واحد فقط يستخدم مثل هذه العبارات».

ويعرف آية الله منتظري منذ وقت طويل بأنه أحد منتقدي الحكومة، وآراؤه لها وزن بسبب وضع الأقدمية في المؤسسة الدينية في إيران، وأنه كان من الدعاة الرئيسيين لولاية الفقيه، أو حكم رجال الدين في إيران. وكان منتظري، 87 عاما، أحد قادة ثورة 1979 الإسلامية في إيران، وعُين خليفة لآية الله الخميني، لكنه اختلف مع الخميني عام 1989 بسبب وجود مجموعة كبيرة من السجناء، بالإضافة إلى مسائل سياسية أخرى يراها غير عادلة.

وهددت أمس كتلة الإصلاحيين في البرلمان الإيراني بمقاطعة جلسة المصادقة على وزراء حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد ما لم يتم حل «الأزمة الرئاسية» سياسيا. وأعلن داريوش قنبري، المتحدث باسم الإصلاحيين في البرلمان، أن الكتلة ستقاطع المصادقة على وزراء وحكومة نجاد إذا لم يتم حل الأزمة في إيران سياسيا.

إلى ذلك دعا أحد المستشارين الكبار لآية الله علي خامنئي أمس مؤسسة الدولة إلى أن تكون أكثر تسامحا مع المعارضين. واعترف محمد محمديان، وهو رجل دين متوسط الرتبة ويرأس مكتب آية الله علي خامنئي للشؤون الجامعية، بتفاقم الغضب بسبب الانتخابات، وهو الأمر الذي نجم عنه مظاهرات كبيرة وقمع خلال الشهر الماضي. ويقول محمديان، حسب وكالة أنباء «مهر»: «لا يمكننا أن نأمر الرأي العام بأن يقتنع، فهناك بعض الأشخاص الذين يشككون في نتائج الانتخابات، وعلينا أن نلقي الضوء على الحقائق وأن نجيب على أسئلتهم».

وقد أصدر الميجور جنرال حسان فيروزآبادي، وهو قائد أركان القوات المسلحة، تحذيرات للمتظاهرين. وقال حسبما أفادت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا): «لقد اختارنا الله لارتداء الزي العسكري لكي نضحي بحياتنا أمام الأعداء. وهناك بعض الأشخاص والمجموعات التي تتخيل أننا سوف نتراجع إذا رفعوا الشعارات ضدنا، لكننا جئنا من أجل الموت، وقد أثبتنا تصميمنا في أثناء الحرب مع العراق».

ومع استمرار المناوشات الكلامية، فقد رد وزير الخارجية منوشهر متقي أول من أمس على دعوة الولايات المتحدة وأوروبا لإجراء مباحثات مع إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي، وأعلن أن طهران كانت تعد مجموعة من المقترحات لتشكل أساسا لمثل هذه المباحثات. وقال الرئيس أوباما يوم الجمعة إن إيران سوف تكون لديها فرصة حتى شهر سبتمبر (أيلول) لتظهر جديتها في إجراء المباحثات حول برنامجها للبحث والتقنية النووية.

وقال متقي في مؤتمر صحافي حسبما أعلنت «إيسنا»: «إننا نعد مجموعة من المقترحات التي تعمل على معالجة مخاوفنا السياسية والأمنية والاقتصادية والدولية. ونحن نعتقد أن هذه المقترحات سوف تكون أساسا جيدا للحوار حول التحديات الإقليمية والدولية التي تواجهنا». وقد ظهرت يوم السبت بيانات استنكار وشجب وغضب بسبب انتخابات 12 يونيو (حزيران) وما تبعها من قمع لمعارضي الحكومة. وفي مدينة قم المقدسة أعلن آية الله رضا أستاذي، وهو عضو كبير في هيئة التعليم الديني المتشددة، أنه سوف يتوقف عن إلقاء خطبة الجمعة والتدريس بسبب غضبه «من الموقف الراهن». وقد أشار إلى «التناقضات المستمرة» التي «تعرقل تقدم البلاد»، واشتكى من أن رجل دين آخر قد استخدم موارد الدولة لمساعدة أحمدي نجاد من خلال تنظيم مسيرة مؤيدة له. وقال في بيان له نقلته «مهر»: «لماذا يلعب رجل الدين هذا بعاطفة الشعب الدينية الجياشة؟ أليس هناك من يواجهه؟ هؤلاء الذين شاركوا في هذه المسيرة يجب أن يطلبوا من الله المغفرة».

وقد أصدرت جبهة المشاركة الإيرانية الإسلامية، وهي أكبر جماعة إصلاحية في البلاد، بيانا كذلك نشر على موقعها على الإنترنت، جاء فيه: «أولئك الذين قاموا بانقلاب ضد جمهورية النظام يرغبون في إزاحة العناصر المؤمنة والمخلصة من المشهد السياسي، ويأملون في أنهم بهذه الطريقة يمكنهم اقتلاع الجذور القوية والعميقة لحركة الإصلاح من المشهد الاجتماعي في إيران».

وما زال المحللون يعتقدون أنه لا شكاوى الإصلاحيين ولا بيانات رجال الدين القلقين يمكن أن تغير نتائج الانتخابات. ويخشى الكثير من الأفراد داخل المؤسسة ممن يشكون في الانتخابات من أن استمرار الاحتجاجات يمكن أن يهدد الجمهورية الإسلامية. ويقول محمديان مساعد خامنئي: «حتى إذا كانت هناك بعض الحقوق التي حرم البعض منها خلال عملية الانتخابات، فإنه لا يجب على أحد أن يثير مثل هذه الاضطرابات. فإذا تغير النظام فإن كل شيء سوف ينهار».