جدل في بريطانيا حول عتاد الجنود في أفغانستان.. وازدياد الدعم الشعبي للعمليات العسكرية

مسؤول بريطاني لـ«الشرق الأوسط» : الهدف ليس محو طالبان من على وجه الأرض ولكن تهميشها

أفغانيتان تمران بين جنود أمام مقر انتخابي لوزير الخارجية الأسبق عبد الله عبد الله المرشح للانتخابات الرئاسية (أ.ف.ب)
TT

أكد رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، أمس، أن العتاد الذي تؤمنه الحكومة البريطانية لجنودها في أفغانستان كاف، وأن الجنود لديهم الموارد الضرورية للقتال ضد طالبان، وذلك ردا على انتقادات وجهها دايفيد كاميرون، زعيم حزب المحافظين المعارض، حول إرسال الجنود إلى القتال من دون عتاد كاف. وقال براون، في جلسة الاستجواب الأسبوعية في مجلس العموم البريطاني أمس، إن الحكومة زادت من عدد طائرات الهليكوبتر، التي تزود بها الجنود في أفغانستان، مشددا على أن القوات البريطانية مزودة بأفضل عتاد من 40 عاما. وأكد باري مارستن، مسؤول في وزارة الخارجية البريطانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن بريطانيا أنفقت أكثر من مليار جنيه إسترليني على آليات جديدة وعتاد، وأن هناك تحسنا كبيرا في العتاد العسكري في عدد من المناطق في أفغانستان.

وجاء دفاع براون عن خطة حكومته تجاه القوات البريطانية، التي تقاتل في هلمند، ردا على كاميرون، الذي عقد مؤتمرا صحافيا أمس انتقد فيه «فضيحة» نقص طائرات الهليكوبتر لدى الجنود البريطانيين، وقال إن هذا يحد من تحركهم داخل البلاد. وتعرضت القوات البريطانية لأقسى خسائر بشرية منذ بدء الحرب ضد طالبان في عام 2001، إذ قتل 8 جنود بريطانيين يوم الجمعة الماضي خلال 24 ساعة فقط. واعتبر مارستن، أن ارتفاع عدد القتلى في أفغانستان خلال الأيام الماضية، هو «نتيجة تحركات مكثفة للقوات البريطانية، لدفع طالبان إلى خارج المناطق التي تتركز فيها في هلمند». وشرح أن «أحد الأسباب التي أدت إلى عدد كبير من القتلى المدنيين والجنود، هي ابتعاد طالبان عن وسائل المواجهة التقليدية، إلى ممارسة الأنشطة غير التقليدية، التي نصفها بالإرهابية، مثل زرع قنابل على أطراف الطرق، وتنفيذ علميات انتحارية». ولكنه أضاف أن هذه الأساليب، هي «دليل ضعف داخل طالبان».

وتعليقا على انتقاد كاميرون حول نقص العتاد لدى الجنود البريطانيين، ذكر مارستن، أن زيادة العتاد ليست دائما «الحل السحري»، وقال: «بالطبع يجب أن تكون هناك موازنة بين الأمرين، لكي نضمن سلامتهم بقدر الإمكان، ولكن في الكثير من الأوقات الأمر لا يقتصر على أن نزود جنودنا بسلاح ثقيل، بل أن نضمن أنهم على تواصل مع الشعب الأفغاني مباشرة، ويشاركون في عمليات الإنماء».

وتعتمد قوات التحالف في أفغانستان على إستراتيجية قتال طالبان، إلى جانب تحقيق إنماء في المناطق الأفغانية الفقيرة، وتعترف بأن الطريقة للانتصار على طالبان ليست فقط عبر القوة العسكرية. وكانت بريطانيا قد أعلنت في عام 2007 أن إستراتيجيتها للحرب في أفغانستان، هي أن تتأكد من أن ليست لطالبان مناطق آمنة تدير منها عملياتها، وفي المقابل، تقوية الحكومة الأفغانية المركزية وتشجيعها على توسيع نفوذها في البلاد، إضافة إلى تدريب القوات الأفغانية. وقد أكد مارتسن، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الإستراتيجية مرتبطة بأمن بريطانيا والمنطقة، وقال: «نحن هناك للمدى الطويل، وملتزمون تجاه الحكومة الأفغانية، ولكن مهمتنا ليست محو طالبان عن وجه الأرض بل تهميشها، مقابل التشجيع على المصالحات وتهيئة المناخ للإنماء الاقتصادي». وأضاف: «إذا اختفت طالبان غدا، نحن واضحون أنه سيكون لدينا سنوات لنستمر بالعمل هناك، لكي نتمكن من النهوض بأفغانستان». وقال إن ما تأمل قوات التحالف تحقيقه في أفغانستان على المدى الطويل، «ليس تحقيق نصر عسكري كبير، بل تقوية القوة الأفغانية لكي تتحمل المسؤولية، وتتراجع قوات التحالف لصالحها»، مشيرا إلى أن الأمر نفسه حصل في العراق، وقد حقق «نجاحا كبيرا».

وردا على سؤال حول مدى تأثير ضعف المشاركة الأوروبية بالجنود في القتال ضد طالبان، على القوات البريطانية، قال مارستن: «بريطانيا لديها ثاني أكبر قوات في أفغانستان بعد الولايات المتحدة، وجنودنا منتشرون في أصعب مناطق البلاد، وهم يشاركون بأصعب المعارك، بينما ليس الأمر نفسه للقوات الأوروبية الأخرى». وأضاف: «في السنوات الأخيرة، كانت هناك مساهمات مهمة من شركائنا في الناتو، ولكن من المهم بالنسبة للجميع، أن يعترفوا أن الصراع في أفغانستان مهم بالنسبة إلينا جميعا، وليس فقط لبريطانيا».

ونشرت صحيفة «الغارديان» والـ«بي بي سي» أمس، استطلاعا للرأي، أظهر ارتفاع التأييد الشعبي للعمليات العسكرية في أفغانستان، رغم ارتفاع الخسائر البشرية خلال الأيام الماضية لدى القوات البريطانية. وأفاد الاستطلاع الذي أجراه «آي سي ام»، أن 46 في المائة من البريطانيين ما زالوا موافقين على الحرب في أفغانستان، بزيادة 15 نقطة في نسبتهم منذ 2006 عندما أجرى المعهد آخر استطلاع. وفسر مارستن، ازدياد الدعم للمهمة العسكرية في أفغانستان بالقول: «البريطانيون يتابعون ما يحصل منذ فترة طويلة، اعتقد أن هناك فهما عاما لأهمية ما يحصل في أفغانستان». وأضاف: «ما دام هناك أماكن كبيرة في أفغانستان خارج سيطرة أي أحد، يمكن لـ«القاعدة» ولفرق أخرى أن تستعملها لشن اعتداءات على الخارج، وهذا ما حصل في 11 سبتمبر، وأعتقد أن الكثير يعرفون أن الجلوس والتفرج على ما يحصل هو أكبر خطأ».

وتبقى العقبة الكبرى التي تواجهها القوات البريطانية في هلمند، التكتيك الجديد الذي تتبعه طالبان عبر زرع قنابل على الطرقات وفي الأبنية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أعداد الضحايا بين الجنود والمدنيين. إلا أن مارستن، يؤكد أن الأهم، التأكيد للأفغان أن طالبان لن تعود، وأن الناتو ملتزمة بأن الأيام السوداء لن تعود».