كرزاي يواجه عثرات على طريق الفوز بفترة رئاسة ثانية

الرئيس الغائب عن المناظرات والتجمعات الانتخابية

TT

تحمل لوحات الإعلانات في كل زاوية من العاصمة صور كرزاي وهو يعانق طفلا أو يلقي خطابا أو مبتسما، مواجها الانتقادات بشأن التقدم الذي شهدته البلاد، والسلام.

لكن حميد كرزاي الحقيقي رئيس جمهورية أفغانستان الإسلامية والمرشح لإعادة انتخابه في 20 أغسطس (آب) لا يُرى في أي مكان. وقد أوضح معاونوه أنه منذ بداية الحملة الانتخابية الشهر الماضي نظم مؤيدوه أكثر من 50 تجمعا انتخابيا عبر البلاد لكنه لم يحضر أيا منها. كما اقترحت محطات التلفزيون عقد مناظرات بين كرزاي وخصومه الرئيسيين لكنه اعترض على ذلك متعللا بأن هناك شروطا معينة لا بد من توافرها أولا. وقال أحمد عمر، الناطق باسم حملة كرزاي، في المؤتمر الصحافي الأسبوع الماضي «إن الرئيس لا يخشى المواجهة، لكن القلق يعترينا من عدم إلمام المرشحين الآخرين بقواعد المناقشة». وأضاف أن «كرزاي سيظهر في التجمعات الانتخابية في القريب». ويعتمد الرئيس كرزاي في حملته الانتخابية على وجهاء القبائل ورجال الأعمال ومجموعة من قادة رجال الميليشيا السابقين لتحقيق هدفه. وفي غضون ذلك اتهم مسؤولو الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان، المسؤولين الحكوميين في أفغانستان باستغلال مناصبهم ونفوذهم بصورة غير لائقة لتعزيز حملة كرزاي الانتخابية. حتى وقت قريب جدا كان الاعتقاد السائد في استطلاعات الرأي وأوساط المفكرين والعامة أن كرزاي سيتمكن بسهولة من الحصول على نسبة 50.01% من الأصوات التي يحتاجها للفوز بالجولة الأولى من الانتخابات، على الرغم من تراجع شعبيته في الداخل وعلاقاته المثيرة للغضب مع حلفاء خارجيين. لكن الأسابيع الأخيرة تشير إلى أن تلك الفرضية على وشك التغير. وعلى الرغم من التوقعات بعدم قدرة أي من منافسي كرزاي على هزيمته بصورة مباشرة في 20 أغسطس (آب)، فإن الكثير من مراقبي الانتخابات قالوا إنهم قد يحققون بعض النجاح عبر الدخول في جولة ثانية من التصويت نتيجة للأخطاء الكبيرة التي ارتكبها كرزاي وتطلع الأفغان إلى قيادة بديلة في وقت يزداد فيه عنف التمرد والتدهور الاقتصادي والشقاق السياسي.

وأشار أحد رجال الأعمال المتابعين للشأن السياسي عن قرب «إذا ما خسر كرزاي الجولة الأولى من الانتخابات فسوف يخسر الجولة الثانية». حتى إن مستشاري كرزاي يبدون قلقهم أيضا من أن الحملة لا تسير بشكل جيد، وأن كبار منافسيه يكتسبون زخما كبيرا. أبرز منافسي كرزاي كانا اثنين من كبار مساعديه هم عبد الله عبد الله، وزير الخارجية الأسبق، وأشرف غاني، وزير المالية الأسبق.

وكان كرزاي يعول إلى حد كبير على ضعف المعارضة والانقسام الذي تعانيه، وهو ما أثبت عدم قدرتها على تقديم مرشح قوي. لكن 40 شخصا الآن يتنافسون على إقصاء كرزاي الذي حكم أفغانستان ما يزيد على سبع سنوات، لكن أيا منهم لا يتمتع بشخصية كاريزمية خاصة. ويعد غاني، المرشح الحكومي الذي لا يملك صبرا طويلا على الدخول في مناقشات سياسية، المرشح الوحيد الذي تمكن من تقديم رؤية مفصلة للبلاد. وقد عزز الرئيس، الذي يتمتع بلباقة الحديث ويجيد المراوغات السياسية، علاقاته بمجموعة من الشخصيات الأفغانية القوية، وقدم لهم وعودا بمناصب وزارية، أو تولي مناصب حكام الأقاليم، أو حتى الأقاليم التي تم تشكيلها أخيرا في مقابل الحصول على دعمهم. ويشير رجال الأعمال إلى أن إدارة كرزاي «سهلت» من نجاحهم عبر خفض الضرائب وتقديم امتيازات أخرى. وقال شوغا دوالاه، خلال حضوره حفل استقبال حملة انتخابية في حوار أجري أخيرا نظمته غرفة التجارة الأفغانية «كل الأفراد الذين تراهم هنا ويملكون الكثير من المال لم يكونوا يملكون أيا منه منذ سبع أو ثماني سنوات. وقد قدم كرزاي الكثير لتطوير الاقتصاد، ويحظى بالكثير من المقومات أكثر من أي فرد آخر ليقود البلاد».

لكن كرزاي بدأ في الآونة الأخيرة في اتخاذ بعض الخطوات الخاطئة التي أضعفت من موقفه، فقد أثارت انتقاداته الحادة للقوات الأميركية الاندهاش، وكذلك منح العفو الرئاسي لبعض تجار المخدرات المدانين ممن ينتمون إلى قبائل كبيرة، على أساس ما أسماه المتحدث باسم كرزاي «احترام العائلات». وقد أثارت تحالفاته مع بعض قادة الميليشيات السابقين خيبة الأمل في نفوس جيل الشباب من المتعلمين ممن كانوا يطمحون للتغيير.

كانت هناك أيضا بعض الشكاوى من استخدام المسؤولين الحكوميين المحليين موارد إداراتهم لمساعدة حملة كرزاي، واستعراض قواتهم في إرهاب الخصوم، على الرغم من قرار الرئيس بمنع تلك الممارسات. وفي تقرير مشترك نشر الأسبوع الماضي، شاركت فيه البعثة الاستشارية التابعة للأمم المتحدة ومفوضية حقوق الإنسان الأفغانية المستقلة، أشارتا إلى أنهما تلقيتا تقارير كثيرة بسبب تدخل الدولة في العملية الانتخابية. وقال أحمد نادر نادري، المسؤول باللجنة «ربما لا يكون الرئيس على اطلاع مباشر بتلك الأحداث، لكن الكثير من السلطات المحلية متلهفون لكسب وده»، وأورد إحدى الوقائع التي حدثت الأسبوع الماضي، والتي شكا فيها المسؤولون في إقليم باغلان بأنهم وردت إليهم تعليمات من قبل حاكم الإقليم، المعين من قبل كرزاي، بإحضار 100 شخص إلى أحد التجمعات الانتخابية المؤيدة للرئيس، وإخبار كل من هؤلاء الـ100 بإحضار 15 فردا مع كل منهم. في الوقت ذاته قام كرزاي بعزل محمد عطا، أحد حكام الأقاليم البارزين وقائد الميليشيا السابق الذي قدم الكثير لتحديث إقليم البلخ الشمالي خلال السنوات السبع السابقة، والذي أعلن أنه تحول إلى دعم عبد الله عبد الله، مما شكل ضربة موجعة لحملة كرزاي في هذا الإقليم الحيوي.

إلى جانب تلك الخسارة في الشمال فإن الجنوب الأفغاني، مسقط رأس كرزاي ومعقل قبائل البشتون تسيطر عليه جماعة طالبان. وقد واجه الكثير من المرشحين للمناصب الإقليمية تهديدات، وعلى الرغم من الخطط الرامية إلى نشر عشرات الآلاف من الجنود والشرطة لتوفير الأمن خلال الانتخابات، فإن التكهنات بإمكانية بقاء الناخبين في منازلهم في المناطق الجنوبية تتزايد، خاصة قندهار، خشية تعرضهم لهجمات طالبان.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»