باكستان تبدأ إعادة مليونَي نازح إلى سوات.. بعد «تطهيرها» من طالبان

الجيش الباكستاني لـ«الشرق الأوسط»: سنبقى في المنطقة حتى الانتهاء من العملية

طفلان من النازحين يحملان أمتعة مع بدء برنامج العودة الطوعية إلى وادي سوات أمس (أ.ف.ب)
TT

بدأت الحكومة الباكستانية أمس تطبيق برنامج العودة الطوعية لنحو مليونَي شخص كانوا قد تركوا منازلهم في وادي سوات منذ أن أطلق الجيش قبل شهرين هجومه على متشددي حركة طالبان في المنطقة. ويقول الجيش إنه طرد طالبان من معقلها السابق في شمال غربي العاصمة إسلام آباد وإن الحكومة حريصة على إعادة النازحين إلى ديارهم. وكان الفرار الجماعي من سوات، من أكبر عمليات النزوح البشري الذي شهدته باكستان مما استنزف موارد البلاد وأدى إلى مناشدة عالمية بتقديم مساعدات إنسانية.

ويقوم الجيش الباكستاني بالإشراف على تطبيق برنامج إعادة النازحين. وقال الكولونيل محمد وسيم، المتحدث باسم الفريق المشرف على تطبيق البرنامج، لـ«الشرق الأوسط»: «سنوفر النقل وإجراءات الأمن للنازحين، وسنبقى هناك حتى الانتهاء الكامل من العملية». ورحب بشير بلور، المسؤول البارز في الحكومة المحلية بشمال غرب باكستان بأول دفعة عادت أمس عبر بوابات وادي سوات. ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة إن عملية إعادة النازحين إلى مناطقهم قد تستمر أكثر من سنة.

واصطفت أمس حافلات وشاحنات في مخيم جالوزاي تحت الشمس الحارقة لإعادة المجموعة الأولى من النازحين إلى ديارهم. وانتقل معظم النازحين للعيش مع عائلاتهم أو أصدقائهم، لكن قرابة 300 ألف نازح يعيشون في مخيمات أقيمت على مساحات واسعة. وتمثل محنة هؤلاء المواطنين قضية حساسة بالنسبة إلى الحكومة الباكستانية لأنها قد تُحدِث تراجعا في التأييد الشعبي للهجوم الذي بدأته ضد طالبان الباكستانية قبل أكثر من شهرين إذا عانى أهالي المنطقة كثيرا دون مبرر.

ونقل فؤاد علي (حلاق، 30 عاما) مقتنياته ومنها أجولة مساعدات من الدقيق والعدس، إلى شاحنة، بينما انتظرت أسرته في مكان قريب. وقال علي إنه يتمنى أن تكون طالبان قد ذهبت إلى الأبد. وأضاف في إشارة إلى تضرر مهنته من حظر فرضته طالبان على حلق شعر الرجال: «آمالنا منعقدة على جهود الحكومة لأننا عاطلون عن العمل وممنوعون من ممارسة أعمالنا. آمل أن تصبح الأمور مختلفة وأستطيع أن أطعم أسرتي».

لكن المؤشرات على الأرض تقدم صورة غير واضحة لمدى نجاح عودة النازحين إلى ديارهم. ويقول إعلاميون زاروا البلدة الرئيسية في سوات إن القتال ألحق بعض الأضرار بالمنازل. ويقول عاملون في مجال الإغاثة إن العديد من النازحين فقدوا محاصيلهم وإنهم سيكونون بحاجة إلى مساعدات لعدة شهور قادمة. وقال عبد الخالق خان وهو في طريقه إلى قريته عائدا من جالوزاي: «لست متأكدا من أن منزلي لا يزال قائما أو أنه دُمّر، لكنني ما زلت أريد أن أعود لأنه منزلي». وكان الجيش قد بدأ هجومه في أبريل (نيسان) الماضي بعدما سيطر المتشددون على منطقة لا تبعد سوى مائة كيلومتر عن إسلام آباد مما أثار مخاوف بشأن استقرار باكستان وسلامة أسلحتها النووية. ويقول الجيش إن أكثر من 1700 متشدد قُتلوا في الهجمات لكن لا توجد تقديرات من جهة مستقلة لعدد الضحايا. كما لم يُقتل أي من القادة المتشددين البارزين في المنطقة مما أثار مخاوف من إمكانية عودة نشاط المقاتلين.

كذلك، قال طاهر أوراكزاي المسؤول عن مخيم جالوزاي المعين من قبل الحكومة إن السلطات لم تجبر أي شخص على العودة وإن 108 أسرى سيغادرون المخيم اليوم طواعية وهو أمر تهتم به الأمم المتحدة. أضاف في إشارة إلى درجات الحرارة المرتفعة في المخيم بالمقارنة مع الطقس الأكثر اعتدالا في وادي سوات: «يعيشون هنا في جحيم. لم يعتادوا على مثل هذا الطقس. يتوقون إلى العودة». واشتكى البعض في مخيم جالوزاي من أنهم لم يحصلوا على 25 ألف روبية (نحو 300 دولار) وعدت الحكومة الباكستانية بإعطائها لكل أسرة.

وبدأت عملية إعادة النازحين إلى سوات في وقت وقع انفجار ضخم في قرية في منطقة أخرى بجنوب البنجاب وأدى إلى مصرع 15 شخصا وتدمير أكثر من عشرين منزلا في القرية. وقد وقع الانفجار في منزل الأستاذ رياض، أحد رجال الدين المحليين. وقال كمران خان، مسؤول الشرطة المحلية، لـ«الشرق الأوسط» إن «المنزل استُعمل كمخزن للمتطرفين والإرهابيين المحليين. الأستاذ رياض عمل معلما دينيا لأطفال القرية ونتيجة للانفجار قُتل 7 من تلاميذه». وقال مدير الشرطة إن قواته عثرت في الموقع على معدات إطلاق صواريخ وسترات انتحارية ومواد متفجرة أخرى. وقال مسؤول الشرطة المحلية إن الأستاذ منزل رياض كان مكان التقاء للمتطرفين الدينيين المحليين وإن الشرطة كانت تراقب المكان منذ فترة وإن الانفجار كان قويا إلى حد التدمير الكامل لأكثر من عشرين منزلا في القرية، وقد عُلق القتلى والجرحى تحت الأنقاض في أعقاب الانفجار.