الصومال: اختطاف خبيري أمن فرنسيين كانا في مهمة رسمية لتقديم المساعدة لمقديشو

دخلا البلاد على أنهما صحافيان.. العملية دامت 5 دقائق فقط

TT

في سابقة هي الأولى من نوعها منذ تولى الشيخ شريف شيخ أحمد السلطة الانتقالية في الصومال، تمكنت عناصر يعتقد أنها من المتمردين الإسلاميين المناوئين له، من خطف خبيرين أمنيين فرنسيين كانا في مهمة رسمية لتقديم خدماتهما الأمنية إلى الحكومة الصومالية.

ووقع الاختطاف في فندق «صحافي إنترناشيونال» بجنوب العاصمة مقديشو في منطقة تسيطر عليها قوات الحكومة الصومالية وتتمركز فيها وحدة من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي على بعد أمتار قليلة منها. وأفاد شهود عيان أن الخاطفين استغلوا الساعة الأولى من الصباح، حيث كان معظم النزلاء نائمين في غرفهم، واستولى الخاطفون الذين كانوا يستقلون سيارتين على أحد مداخل الفندق وأجبروا الحراس الموجودين على إحدى البوابات على إلقاء سلاحهم ثم صعد ثلاثة مسلحين إلى الطابق الثاني من الفندق حيث الغرفة رقم 212 التي كان ينام فيها الفرنسيان، حيث أجبروهما على النزول إلى الطابق الأرضي ثم ركوب سيارة الخاطفين، حيث اقتادوا الرهينتين إلى وجهة مجهولة. ولم تعرف دوافع عملية الاختطاف هذه، إلا أن مصادر حكومية صومالية قالت إنه ربما تكون هناك علاقة بين حادث اختطاف الفرنسيين وعناصر القراصنة الصوماليين المعتقلين في فرنسا، حيث كانت البحرية الفرنسية الموجودة في خليج عدن والمياه الصومالية قد نفذت عدة عمليات لتعقب القراصنة بعد اختطافهم لسفن فرنسية وعلى متنها رعايا فرنسيون، ونجحت في تحرير الرهائن الفرنسيين واعتقال عدد من أفراد القراصنة الذين تم نقلهم إلى فرنسا حيث ينتظرون محاكمتهم هناك. ووردت معلومات بأن الخاطفين الذين تربطهم علاقات قبلية مع القراصنة المعتقلين يريدون مساومة الحكومة الفرنسية بمقايضة الخبيرين المختطفين بهم، لكن لم يعلن الخاطفون عن مطالبهم حتى الآن بشكل علني، كما أن أي جهة لم تعلن حتى الآن مسؤوليتها عن حادث الاختطاف. وتطابقت المصادر الأمنية في الحكومة الصومالية وكذلك الخارجية الفرنسية حول هوية الرجلين المخطوفين، حيث تم وصفهما بأنهما فرنسيان كانا يعملان كمستشارين أمنيين يقدمان خدمات تدريبية لعناصر الأمن الصومالية. وقد دخل الرجلان الفرنسيان إلي العاصمة مقديشو في التاسع من الشهر الحالي قادمين من كينيا وسجلا نفسيهما على أنهما صحافيان فرنسيان حسب سجلات الفندق الذي نزلا فيه، وهذا الفندق يخضع لحراسة أمنية مشددة، حيث يقيم فيه مسؤولون حكوميون، من بينهم وزراء في الحكومة ونواب في البرلمان الصومالي، كما أنه يقع على بعد أمتار قليلة من موقع لقوات حفظ السلام الأفريقية العاملة في العاصمة مقديشو.

وقال مصدر أمني صومالي إنه من الواضح أن الخاطفين كانت لديهم معلومات مؤكدة عن مكان وهوية الرجلين المخطوفين، حيث إن العملية لم تستغرق أكثر من خمس دقائق وحتى من دون علم حرس الفندق الموجودين على البوابات الأخرى، كما أن مصادر غير رسمية أفادت بأن بعض أفراد الخاطفين كانوا من عناصر الأمن الصومالي.

وتزامن هذا الحادث مع الاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي الذي شهد الاستعراض السنوي التقليدي لوحدات النخبة في الجيش الفرنسي في باريس.

وقالت مصادر صومالية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن الفرنسيين اللذين دخلا الصومال على أنهما صحافيين كانا قد وصلا إلى مقديشو قبل أكثر من أسبوع، حيث التقيا الرئيس الصومالي الشيخ شريف وعددا من مسؤولي حكومة رئيس وزرائه عمر عبد الرشيد شارماركي لمناقشة إمكانية قيام فرنسا بتدريب القوات العسكرية الموالية للشيخ شريف.

وطبقا لما رواه أكثر من مسؤول صومالي وشهود العيان لـ«الشرق الأوسط»، فإن عملية اختطاف الفرنسيين لم تستغرق أكثر من خمس دقائق فقط، بعدما اقتحمت مجموعة من عشرة مسلحين يرتدون زيا شبيها بالزى الرسمي للقوات الحكومية الفندق وتوجهت مباشرة إلى غرفة الفرنسيين حيث اقتادوهما عنوة وتحت تهديد السلاح إلى مكان ما داخل مقديشو.

وفي باريس، لم تفصح السلطات الفرنسية عن هوية الرجلين اللذين خطفا صباح أمس في مقديشو ولا اسم الجهاز الأمني الذي يعملان لمصلحته. وبعد أن سعت باريس في مرحلة أولى إلى الترويج إلى أن الرجلين صحافيان، عمدت الخارجية الفرنسية في مرحلة لاحقة إلى إصدار بيان أكدت فيه أن الرجلين كانا «في مهمة رسمية لتقديم المساعدة في المجال الأمني للحكومة الفيدرالية المؤقتة التي يديرها الرئيس الشيخ شريف». ولم يذهب وزير الخارجية برنار كوشنير أبعد من ذلك، إذ قال للصحافيين قبل وصوله إلى قصر الإليزيه أمس إن الرجلين «كانا في مهمة» رسمية.

وتأتي قضية خطف الموظفين الأمنيين المرجح أن يكونا من جهاز المخابرات الخارجية الفرنسية لتضاف إلى ملف احتجاز السلطات الإيرانية الجامعية الفرنسية كلوتيلد رايس البالغة من العمر 23 عاما بتهمة التجسس. وحتى الإعلان عن خطف الموظفين، كانت المساعدة الأمنية التي تقدمها فرنسا إلى الحكومة الفيدرالية بعيدة عن الأضواء. وكل ما كان يعرف منها هو أن فرنسا تخطط للمساهمة في تدريب قوات أمنية صومالية شرعية على الأرجح في جيبوتي.

وأوردت الوكالات الدولية نقلا عن مسؤولين صوماليين وشهود عيان، تفاصيل عن عملية الخطف التي قام بها عشرات من الأفراد بعضهم يرتدي بزات عسكرية شبيهة بالتي يرتديها أفراد الجيش الرسمي الصومالي. وتمت عملية الخطف في فندق «صحافي» في مقديشو، وهو فندق ينزل فيه أفراد من الحكومة الصومالية المؤقتة. وأفاد مدير الفندق أن الفرنسيين سجلا كصحافيين للتمويه على مهمتهما الحقيقية. ولم يعرف ما إذا كان مستشارون فرنسيون أمنيون آخرون موجودين في مقديشو، وما مدة المهمة التي يقومون بتنفيذها هناك.

ونقلت وكالات الأنباء عن مسؤول أمني صومالي قوله إن الخبيرين الأمنيين الفرنسيين كانا يدربان الأجهزة الأمنية التابعة للرئاسة الصومالية، فيما أكد مسؤول آخر لوكالة الصحافة الفرنسية أن الخبيرين ينتميان إلى جهاز المخابرات الفرنسية.