الصين تطالب أردوغان بسحب اتهامه لها بممارسة «الإبادة الجماعية» ضد الإيغور

«القاعدة في بلاد المغرب» تهدد بمهاجمة العمال الصينيين في شمال أفريقيا.. انتقاما

TT

نفت الصين أمس اتهامات تركيا بارتكاب إبادة جماعية في منطقة شينغيانغ في شمال غرب البلاد التي تسكنها أغلبية مسلمة من الإيغور، وطالبت رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بسحب اتهامه لها بأنها تمارسه «إبادة جماعية» ضد المسلمين الصينيين الناطقين باللغة التركية.

وجاء ذلك في وقت هدد فيه تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي بالتعرض للعمال الصينيين في شمال إفريقيا انتقاما للإيغور الذين قتلوا، على ما ذكرت صحيفة في هونغ كونغ أمس. وكتبت صحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست» نقلا عن تقرير صادر عن مكتب ستيرلينغ أسينت لتحليل المخاطر ومقره في لندن، أن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي دعا إلى أعمال انتقامية ضد الصين.

ولفت التقرير إلى أنها أول مرة يهدد فيها تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي مباشرة المصالح الصينية، محذرا من أن هذا التهديد ينتشر إلى كامل شبكة القاعدة. وكتب واضعو التقرير بحسب الصحيفة الصادرة في هونغ كونغ أنه «إن كانت القاعدة في المغرب الإسلامي أول تنظيمات القاعدة التي تؤكد علنا أنها ستستهدف مصالح صينية، فمن المتوقع أن تتبعها تنظيمات أخرى تابعة للقاعدة».

وإثر إطلاق التهديد أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية أن الصين ستتخذ كافة التدابير اللازمة لحماية رعاياها في الخارج. وقال كين غانغ في مؤتمر صحافي عادي إن «الحكومة الصينية ترفض الإرهاب بشتى أشكاله»، وأضاف: «سنتابع الوضع عن كثب وسنبذل جهودا مشتركة مع الدول المعنية لاتخاذ كافة التدابير اللازمة بغية توفير أمن المؤسسات والرعايا الصينيين في الخارج».

ويعمل مئات آلاف الصينيين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بينهم خمسون ألفا في الجزائر، بحسب أرقام أوردها التقرير. ولفت التقرير إلى «تزايد الحديث بين الجهاديين عن العزم على التعرض للصين». وتابع أن «بعض الأفراد بدأوا ينشطون لجمع معلومات حول المصالح الصينية في العالم الإسلامي التي يمكن اعتبارها أهدافا». وبحسب الصحيفة، فإن تحليل ستيرلينغ أسينت مبني على معلومات كشفها أشخاص حضروا جلسات تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي.

وفي أسوأ أعمال عنف عرقية في شينغيانغ منذ عشرات السنين، هاجم الإيغور صينيين من الهان في أورومتشي عاصمة الإقليم في الخامس من يوليو (تموز) بعد أن حاولت الشرطة فض احتجاجات ضد هجمات مميتة على عاملين من الإيغور في مصنع بجنوب الصين، وبعد يومين شن الصينيون من الهان هجمات انتقامية. وأسفرت أعمال الشغب عن سقوط 184 قتيلا أغلبهم من الصينيين الهان الذين يمثلون العرق الرئيسي في البلاد. إلا أن الإيغور في المنفى يقولون إن عدد القتلى من المسلمين بلغ 600 قتيل تقريبا.

وكان رئيس الوزراء التركي قال الأسبوع الماضي إن ما يحدث في منطقة شينغيانغ إبادة جماعية، ودعا السلطات الصينية إلى التدخل. ورد تشين غانغ، المتحدث باسم وزارة الخارجية أمس، وقال إن اتهامات الإبادة الجماعية غير منطقية. وأضاف أن أغلب من لقوا حتفهم في أعمال الشغب كانوا من الهان وأن السكان من الإيغور خلال العقدين الماضيين هم الذين كانوا يطلقون النار. وصرح تشين قائلا في لقاء صحافي معتاد: «في أي بلد يمكن تسمية هذا إبادة جماعية». وأضاف: «نتمنى أن يدرك إخواننا المسلمون حقيقة ما حدث في الخامس من يوليو (تموز) في أورومتشي. بمجرد أن يعلموا الحقيقة سوف يؤيدون سياستنا العرقية والدينية والإجراءات التي اتخذتها الحكومة الصينية للتعامل مع الحادث».

وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» إن وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي أبلغ نظيره التركي أحمد داود أوغلو في مكالمة هاتفية يوم الأحد الماضي، بأن أعمال الشغب في أورومتشي جريمة خطيرة تسببت فيها «قوى الشر الثلاث»، مشيرا إلى «التطرف والنزعة الانفصالية والإرهاب».

وفي مقال افتتاحي بعنوان «لا تلووا الحقائق»، قالت صحيفة «تشاينا ديلي» التي تصدر باللغة الإنجليزية، إن حقيقة أن 137 من بين 184 هم القتلى من الهان «تدل بوضوح على طبيعة الحادث». ومن بين القتلى 46 من الإيغور، وهم من ذوي الأصول التركية وأغلبهم مسلمون، وهناك روابط لغوية وثقافية بينهم وبين دول آسيا الوسطى. وحثت الصحيفة أردوغان على «سحب تصريحاته التي تمثل تدخلا في الشؤون الداخلية للصين». وسعت تركيا إلى تحسين علاقاتها مع الصين ثالث أكبر اقتصاد في العالم، وفي الشهر الماضي صار الرئيس عبد الله غل أول رئيس تركي يزور الصين منذ 15 عاما. وتقول وسائل إعلام تركية إنه وقّع اتفاقات تجارية بقيمة 1.5 مليار دولار. كما زار غل شينغيانغ خلال رحلته. ويعتبر القوميون الأتراك أن شينغيانغ هي أقصى الطرف الشرقي لحدود المنطقة التي تمثل العرق التركي، علما أن آلافا من الإيغور يعيشون في تركيا. وظلت شينغيانغ تمثل مركزا للتوترات العرقية التي تزيد حدة مع الفجوة الاقتصادية بين الإيغور والهان والرقابة التي تفرضها الحكومة على الدين والثقافة وتدفق المهاجرين من الهان. ويمثل الإيغور تقريبا نصف سكان شينغيانغ البالغ عددهم 20 مليون نسمة ولكنهم أقلية في أورومتشي عاصمة الإقليم. وأصيب أكثر من 1600 شخص واحتُجز أكثر من ألف في حملة أمنية أعقبت هذه الأحداث. وقتلت الشرطة أول من أمس اثنين من الإيغور بالرصاص، كانا يحملان مديتين، وأصابت ثالثا لمنعه من مهاجمة فرد رابع من الإيغور، وهو حارس أمن، عند مسجد في أورومتشي. وقال موقع «تشاينا نيوز» شبه الرسمي على الإنترنت إن مسؤولين في مدينة يينينغ على بعد نحو 700 كيلومتر إلى الغرب من أورومتشي أعلنوا إلقاء القبض على أكثر من 70 من أفراد «عصابتين تتبنيان العنف».

ولا تريد بكين أن تفقد قبضتها على شينغيانغ التي تُحكِم عليها السيطرة، وهي أراضٍ صحراوية شاسعة متاخمة لروسيا ومنغوليا وقازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأفغانستان وباكستان والهند، وفيها مخزونات وفيرة من النفط، وهي أكبر منطقة في الصين منتجة للغاز. وألقت الصين باللوم في الاضطرابات العرقية على الانفصاليين الإيغور المقيمين في الخارج ولكنهم ينفون هذه الاتهامات.