نتنياهو يعطي الضوء الأخضر لسن قانون استفتاء في إسرائيل حول الانسحاب من الجولان

يلمس البعض فيه تراجعا عن موقف الليكود السابق

TT

أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الضوء الأخضر لكتلته البرلمانية الاستمرار في الإجراءات القديمة لسن قانون يقضي بإجراء استفتاء شعبي حول الانسحاب الإسرائيلي من هضبة الجولان السورية المحتلة. ومع أن القانون المقترح يكبل أيدي الحكومة ويفرض تأييد 61 نائبا في البرلمان وأكثر من 50% من الجمهور حتى يصبح شرعيا، والمبادرون إليه يؤكدون أنه جاء لكي يمنع عمليا الانسحاب من الجولان، إلا أن مراقبين سياسيين يعتبرون ذلك إشارة إيجابية من نتنياهو إلى واشنطن ودمشق تقول إنه مستعد للتفاوض حول السلام الإسرائيلي السوري.

يذكر أن الكنيست الإسرائيلي كان قد أقر بالقراءة الأولى، قبل نحو السنة، أي في 17 يوليو (تموز) 2008، قانونا يقضي بأن لا يتم الانسحاب من أية منطقة في الجولان إلا إذا أيد ذلك 61 نائبا أي «النصف زائد واحد»، وتلا ذلك استفتاء شعبي يحصل فيه الاقتراح على أكثر من 50% من أصوات الجمهور.

واعتبر مراقبون هذه الخطوة تراجعا عن موقف الليكود السابق. ففي حينه اعترض الليكود على نص القانون وطرح تعديلا يقضي برفع نسبة التأييد للانسحاب من الجولان في الكنيست إلى 80 نائبا (بدلا من 61). وحين فشل اقتراحه، أيد المشروع المذكور، ليحظى بتأييد 65 نائبا مقابل معارضة 18 نائبا.

وتباهى نتنياهو خلال معركة الانتخابات الأخيرة بأن القانون سن بفضل دعم الليكود له. واختار اختتام معركته الانتخابية في فبراير (شباط) الماضي، بجولة في الجولان أعلن فيها أن حكومة بقيادته لن تنسحب من الجولان بأي شكل من الأشكال.

وقبل شهر، طرح موضوع هذا القانون من جديد على جدول أعمال اللجنة الوزارية الخاصة بتشريع القوانين، وتقرر تأجيل البحث فيه. فطرح في الأسبوع التالي ثم في الأسبوع الثالث والرابع، وكان يؤجل في كل مرة بحجة جديدة، إلى أن أقرته اللجنة في اجتماعها أمس. وتقرر تبني القانون بصياغته الأولى من دون تغيير، وإحالته على لجنة بقيادة رئيس كتل الائتلاف البرلمانية، زئيف ألكين، حتى تبت في الجدول الزمني لسن القانون في القراءتين الثانية والثالثة. وخوفا من أن يعود نواب الليكود إلى اقتراحهم السابق بجعل الأكثرية البرلمانية المطلوبة 80، أرسل نتنياهو أحد كبار مساعديه ليجتمع بالنائب كرمل شاما، صاحب الاقتراح الليكودي السابق، ليطلب منه أن يتنازل عن اقتراحه المتطرف ويكتفي بأكثرية 61 نائبا.

على أثر ذلك، ساد نقاش حاد في إسرائيل حول نوايا نتنياهو الحقيقية من هذا التحرك. فقد رأى البعض أنه خطوة لعرقلة الجهود الأميركية لتحسين العلاقات بين واشنطن ودمشق ولضرب المشروع الأميركي لتسوية الصراع الإسرائيلي السوري، الذي طرحه مساعد ميتشل، فريد هوب، الذي زار إسرائيل لثلاثة أيام وغادرها أمس إلى دمشق. وقال هؤلاء إن نتنياهو يحاول توصيل رسالة إلى كل من دمشق وواشنطن أنه لا يوافق على الانسحاب من الجولان وليس معنيا بأن يستأنف المفاوضات مع سورية تحت ظل أية إشارة تدل على أنه موافق على الانسحاب. لكن مراقبين آخرين، رأوا في هذه الخطوة أمرا معاكسا. وقالوا إن نتنياهو يحاول طمأنة اليمين المتطرف بأنه لا ينوي الانسحاب من الجولان، ولكنه في الحقيقة يمهد الطريق أمام الانسحاب المستقبلي. فهو يحاول سن قانون كانت الحكومة السابقة برئاسة إيهود أولمرت قد سنته لشروط الانسحاب من الجولان، وهو واثق من أنه في حالة التوصل إلى اتفاق سلام مع سورية يتضمن انسحابا من الجولان، فسيحظى الاتفاق بتأييد أكثرية تزيد على 61 نائبا (في الائتلاف الحاكم اليوم يوجد 74 نائبا، فإذا تمرد نصفهم على الحكومة، سيستعيض نتنياهو عنهم بأصوات نواب المعارضة، حيث إن الأحزاب العربية ممثلة بـ11 نائبا، وميرتس ثلاثة نواب و«كديما» 29 نائبا). هذا، مع العلم أن نتنياهو نفسه كان قد وافق خلال فترة حكمه الأولى على الانسحاب شبه الكامل من الجولان وتراجع عن ذلك في آخر لحظة. الجدير بالذكر، أن هوب كان قد طرح مشروعا أميركيا على كل من إسرائيل وسورية يقضي بتسوية قضية الجولان على مرحلتين: الأولى تقام فيها إدارة مشتركة سورية إسرائيلية للجولان، يتاح فيها التعاون الاقتصادي والتجاري والسياحي بين الطرفين ويزرعان الثقة المتبادلة، والمرحلة الثانية تتسلم سورية كل أراضيها وتبرم اتفاقات تعاون مع إسرائيل.