اختتام قمة عدم الانحياز بشرم الشيخ: 6 وثائق وتشديد على إقامة دولة فلسطين ورفض العقوبات الأحادية

دعوات لاستكشاف آليات جديدة للعمل مستقبلا.. وتشديد على تعزيز التعاون بين دول الجنوب

TT

اختتم قادة دول حركة عدم الانحياز قمتهم الخامسة عشرة التي استضافها منتجع شرم الشيخ على مدى يومين، أمس، بالتأكيد على رفضهم توقيع عقوبات أحادية الجانب على دول الحركة، مشددين على دعمهم للحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وفي إنشاء دولة فلسطينية مستقلة متصلة وقابلة للبقاء، عاصمتها القدس الشرقية.

وألقى الرئيس المصري حسني مبارك رئيس القمة الخامسة عشرة بيانا أكد فيه أن القمة جاءت لتضيف برهانا جديدا على حيوية حركة عدم الانحياز، ولتؤكد أهمية هذا التجمع الضخم لأكثر من نصف دول العالم. واعتبر مبارك أن الوثيقة الختامية للقمة جاءت لتعكس المواقف المشتركة لدول الحركة، من معطيات الوضع الدولي الراهن بأزماته وتحدياته، وخاصة الأزمة المالية العالمية، مطالبا الدول الأعضاء بالعمل يدا بيد لمتابعة ما أسفرت عنه من مقررات ونتائج.

واختتمت القمة بإصدار ست وثائق هي «الوثيقة الختامية» و«إعلان شرم الشيخ» و«خطة عمل شرم الشيخ» و«إعلان حول الحصار الأميركي على كوبا» و«إعلان حول الاحتفال باليوم العالمي للزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا» و«إعلان حول فلسطين».

وشهدت القمة عقد عدة لقاءات ثنائية على هامشها، من أبرزها لقاء رئيسي الوزراء الباكستاني رضا جيلاني والهندي مانموهان سينج لبحث المشكلات العالقة بين البلدين وسبل حلها. واختتمت القمة بكلمة لوزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي، الذي رأس وفد بلاده إلى القمة، وأبدى فيها ترحيب بلاده باستضافة القمة السادسة عشرة للحركة في عام 2012، مؤكدا أن بلاده ستبذل كل الجهود لإنجاح القمة القادمة. ووصف متقي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، نتائج القمة بـ«الإيجابية والمهمة». ولدى سؤاله عما إذا كان الرئيس مبارك سيشارك في القمة القادمة قال متقي: «مازال أمامنا ثلاث سنوات».

وفي ختام القمة، جدد إعلان شرم الشيخ الالتزام القوي بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي والإنساني وحقوق الإنسان. وطالب الإعلان بتنشيط وتقوية دور ونفوذ الحركة باعتبارها المنبر السياسي الرئيسي الذي يمثل العالم النامي في المنتديات المتعددة الأطراف وبصفة خاصة الأمم المتحدة. وأكد الإعلان استمرار سعي الحركة للتوصل لسلام عادل وشامل للوضع في الشرق الأوسط، ومحوره قضية فلسطين على أساس قرارات مجلس الأمن ومرجعيات مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام ومبادرة السلام العربية.

ودعا الإعلان إلى دعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة متصلة وقابلة للبقاء وعاصمتها القدس الشرقية، مشددا على ضرورة التوصل إلى حل عادل ومتفق عليه لمسألة لاجئي فلسطين على أساس القرار الدولي 194 من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967. وطالبت الحركة إسرائيل بالامتثال لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والانسحاب الكامل من الجولان السوري المحتل إلى خطوط 4 يونيو (حزيران) 1967 والانسحاب الكامل من باقي الأراضي اللبنانية المحتلة.

وفي مجال نزع السلاح والأمن الدولي، أكد الإعلان الاستمرار في تعزيز نزع السلاح والأمن الدولي والاستقرار على أساس تكافؤ الأمن المطلق للجميع مع الأخذ في الحسبان نزع السلاح النووي الشامل والكامل لإقامة عالم خال من الأسلحة النووية والتأكيد على حق الدول في امتلاك الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، والعمل على إقامة عالم خال من الأسلحة النووية وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.

وأعربت دول الحركة عن رفضها العقوبات الأحادية الجانب على بعض دول الحركة والتي تؤثر بشكل سلبي على اقتصاد وشعوب هذه الدول والتي تتعارض مع القانون الدولي وأهداف ومبادئ الأمم المتحدة.

واعتبر الإعلان أن الأزمات المالية والاقتصادية العالمية تشكل ضررا متزايدا على جميع الدول، وأقر بالعمل والتنسيق لتحقيق الإصلاح الجوهري مع تعزيز دور الدول النامية في عملية صناعة القرارات ووضع المعايير على المستوى الدولي بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية مع دور مركزي للأمم المتحدة ودورها في تخفيف آثار الأزمة على الدول النامية.

وأعربت دول الحركة عن تضامنها ومساندتها مع شعوب وحكومات الدول التي تأثرت بتفشي وباء إنفلونزا الخنازير والأوبئة الأخرى لتعظيم الاستفادة من الدعم المقدم من منظمة الصحة العالمية والمؤسسات الدولية والجهات الأخرى ذات الصلة لمساعدة الدول النامية في بناء قدراتها على التصدي للأوبئة وعلى مكافحة الأمراض في أوقات الأزمات وتقديم دعم لوجيستي ومالي كامل لتلك الحكومات.

كما اعتمد قادة دول وحكومات حركة عدم الانحياز خطة عمل شرم الشيخ التي تتناول أسلوب عمل الحركة في الفترة المقبلة، والذي يتضمن توسيع وجود الحركة داخل منظمات ووكالات الأمم المتحدة أو الهيئات الدولية ذات الصلة كلما كان ذلك يحقق المصلحة، مؤكدة أهمية تحسين آليات التنسيق الحالية للحركة في مقار الأمم المتحدة بكل من نيويورك وجنيف ونيروبي وفيينا وباريس ولاهاي.

وشددت خطة العمل على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة للحصول على دعم دولي لتعزيز التعاون بين دول الجنوب وبعضها البعض الذي بدوره يعد مكملا للتعاون بين الشمال والجنوب، بالإضافة إلى استمرار التنسيق والتعاون بين مجموعة الـ«77 والصين» وحركة عدم الانحياز فضلا عن دعم قدرة الدول النامية على تقييم القضايا الاقتصادية الدولية.

كما أكدت الخطة أهمية الانتهاء من المعاهدة الشاملة لمكافحة الإرهاب الدولي والدعوة إلى تنفيذ يتسم بالشمولية والشفافية لإستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.

كما أقر قادة دول حركة عدم الانحياز الوثيقة الختامية للقمة الخامسة عشرة لحركة عدم الانحياز والتي أكدت أن السلم والأمن العالميين لا يزالان بعيدين عن متناول البشرية بسبب نزعة بعض الدول إلى اللجوء لإجراءات أحادية وعدم الوفاء بالالتزامات والتعهدات التي تحملها هذه الدول بموجب الاتفاقيات الدولية ذات الصلة وبخاصة المعاهدات والاتفاقيات المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل والتقليدية والإرهاب، والنزاعات وانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

وشددت الوثيقة على ضرورة عدم اتباع المعايير المزدوجة في العلاقات الدولية، مشيرة إلى إخفاق معظم الدول المتقدمة في الوفاء بتعهداتها في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.

وأشارت الوثيقة إلى أن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية تقتضي أن يجدد المجتمع الدولي التزامه بالدفاع عن أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ القانون الدولي والتعاون المكثف بين كافة الدول المتقدمة والنامية لتجاوز هذه الأزمة التي تشكل أحد العوائق أمام تحقيق مزيد من التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي والسلم والأمن والتمتع بحقوق الإنسان.

وأبدت الوثيقة تخوفها من مخاطر العولمة وتحدياتها بالنسبة للدول النامية رغم ما تتيحه من فرص مهمة وجيدة، مطالبة بأن تتحول العولمة إلى قوة إيجابية من أجل التغيير لصالح جميع الشعوب والدول مع ضرورة بذل مزيد من الجهود لوضع إستراتيجية عالمية تعطي أولوية للبعد التنموي على المسارات الدولية وفي مؤسسات متعددة الأطراف ذات الصلة.

وأكد الزعماء أن تداعيات الأزمة المالية تؤثر بشدة على النمو الاقتصادي والتنمية في الدول النامية بشكل عام على نحو يمكن أن يؤدي إلى زيادة الفقر والحرمان في هذه الدول، لافتين إلى التأثير السلبي للإجراءات الأحادية التي تفرضها بعض الدول المتقدمة في ما يتعلق بالإصلاحات المنشودة عالميا وعدم تعاونها بشكل كاف مع الدول النامية، خاصة في ما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية والتجارية الدولية والقواعد التي تحكمها والتي كثيرا ما تكون على حساب الدول النامية. ودعا الزعماء إلى ضرورة مراجعة الآليات الحالية للحركة واستكشاف آليات جديدة تمكن دول الحركة من تقديم المساعدة لأي دولة عضو في حالة تعرضها للضرر سواء كان هذا الضرر ذا طبيعة سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو متعلق بأمنه وإذا تعرض لعقوبات أو حصار أحادى الجانب.

وأكد زعماء دول حركة عدم الانحياز في الوثيقة الختامية للقمة التزامهم بتعزيز التنسيق والتعاون فيما بين دول الحركة التي تعتبر أكبر تجمع سياسي للدول النامية ومجموعة 77 + الصين باعتبارها أكبر تجمع اقتصادي للدول النامية، رافضين الممارسات أحادية الجانب للاختصاص القضائي للمحاكم الجنائية والمدنية خارج حدودها الوطنية من دون أن يكون ذلك نابعا من التزامات أو معاهدات دولية.

من ناحية أخرى، جدد زعماء الحركة دعوتهم لضرورة احترام الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية بخصوص عدم شرعية الجدار العازل من جانب إسرائيل باعتبارها سلطة الاحتلال، مؤكدين ضرورة تدعيم تعددية الأطراف من خلال الأمم المتحدة والمسارات الأخرى التي لا غنى عنها من أجل تعزيز مصالح الدول غير المنحازة والعمل للتوصل إلى نظام تجاري عالمي يستند إلى قواعد تتسم بالإنصاف وعدم التمييز للوصول إلى نتيجة موفقة لمفاوضات جولة الدوحة التي تتسم بالتوازن.