دعوة جنبلاط لتحالف «رباعي» تفجر مواقف وصمت حزب الله عن التعليق الحاضر الأبرز

نائب عوني رأى فيها خروجا عن الطائف ومحاولة لضرب ورقة التفاهم

TT

فجرت الدعوة الأخيرة لرئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط إلى «إنشاء تجمع قوي يضمني وتيار المستقبل وحزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري لأن الأساس هو الساحة الإسلامية في بيروت والضواحي»، موجة ردود في الداخل اللبناني، لا سيما أنه طالب «الساحة المسيحية» بـ«عدم الانزعاج من ذلك، لأن عليها أن تفهم أن السياستين الأميركية المحافظة والإسرائيلية تعملان على فصل المسار الفلسطيني عن لب الصراع مع إسرائيل لتفتيت العالم العربي». وفيما بدا غياب حزب الله عن التعليق طاغيا، تباينت ردود بقية الأطراف لا سيما المسيحية بين محاولة «تلطيف» كلامه وتوضيحه، كما فعل رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع، وبين المهاجمة كما فعل عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان.

لكن مصادر في حزب الله أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «المعارضة موحدة وجبهة واحدة وأي تحالف جديد يعتبر خروجا عن هذا التحالف. لذلك نحن لسنا في وارد الدخول في تحالفات جديدة، لكننا نؤيد أي توافق يضمن مشاركة فاعلة وحقيقية خصوصا في الحكومة».

بالعودة إلى جعجع، فقد رأى أن جنبلاط «يحاول، بشكل مؤكد، إنهاء ذيول حوادث السابع من مايو (أيار). ومن هذا المنطلق، أفهم دعوته إلى قيام نوع من التجمع لاحتواء ذيول حوادث 7 مايو (أيار) ووضع الأسس الميدانية لعدم حصولها مجددا».

ووصف هذه الخطوة بـ«المفيدة للبنان ولجميع اللبنانيين»، مؤكدا، في المقابل، أنه «لا حاجة إلى مصالحة على المستوى المسيحي، إذ إن المناطق المسيحية لم تشهد حوادث كالسابع من أيار». وشدد على أنه «لن تكون مثل هذه الحوادث على الساحة المسيحية».وأضاف: «لفتتني، في تصريح جنبلاط، (أول من) أمس جملة غير صحيحة وهي أن الأساس هو الساحة الإسلامية»، مشددا على أن «الأساس في لبنان هو الساحة الوطنية وهي أهم من الساحتين الإسلامية والمسيحية».

في المقابل، تمنى إبراهيم كنعان «على حلفاء جنبلاط، وتحديدا من المسيحيين، الخروج من التبريرات والجمل غير الصحيحة، ذلك أن الاستراتيجية غير صحيحة». وقال في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «قبل عام كان يطالب (جنبلاط) بطلاق شيعي ليعلن بذلك دعوة صريحة تكرس الانقسام، ليدعو اليوم وبعدما وصف المسيحيين بالجنس العاطل، إلى قيام تحالف رباعي جديد. فهل هذا ما يبشر به بعد الانتخابات وبعد كل المآسي التي مر لبنان بها؟». وسأل: «هل يجوز تنظيم اصطفافات طائفية كالتي دعا إليها؟ أبهذه الطريقة نحافظ على الحرية والسيادة والاستقلال والكيان اللبناني؟ الواقع أن دعوته تشكل خروجا عن الصيغة وعن دستور الطائف ومحاولة لضرب التفاهم المسيحي ـ الإسلامي وتحديدا تفاهمنا مع حزب الله، لأنه يرمي إلى ضرب الشراكة وهي أساس لبنان». وعن التخوف من إمكان جذب حزب الله إلى تحالف رباعي جديد، قال: «التجارب أثبتت ضرورة الحفاظ على حد أدنى من التفاهم الوطني المسيحي ـ الإسلامي». وردا على سؤال، قال: «ليس مقبولا تبرير الكلام في مصدر من هنا وتصريح من هناك، فما قيل قد قيل. وأتمنى ألا يكون موقف جنبلاط نتيجة قراءات للتوازنات الخارجية، لأن لبنان شبع من مواقف كهذه ويحتاج إلى مواقف تنبع من المصلحة الوطنية. ودعوته تأتي على حساب حلفائه المسيحيين أولا وثانيا على حساب التيار الوطني الحر». أما عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب أنطوان سعد، فرأى أن مواقف جنبلاط «تعبر عن مسؤولية كبرى تجاه قراءة المرحلة وضرورة تكوين شبكة أمان داخلية تحمي الجميع وتمنع أي احتمال لفتنة مذهبية أو طائفية في لبنان، خصوصا بعد أحداث السابع من أيار». وأكد: «هذا الانفتاح على بعض القوى في الفريق الآخر لا يعني إعادة تموضع سياسي بقدر ما يؤكد حرص جنبلاط على إخراج لبنان من الاصطفاف المذهبي الحاد والدخول في مشروع الدولة ومد الجسور لقيام علاقات تلغي مفاعيل 7 أيار وتؤسس لقيام علاقات صحية مع سورية على أساس اتفاق الطائف»، معتبرا أن «كلامه لا يعني إحياء الحلف الرباعي بقدر ما يؤسس لوحدة الموقف الداخلي تجاه ما يجري من صراعات إقليمية لا يريدها أن تكون على حساب اللبنانيين أو أي فريق لبناني. كما أن النائب جنبلاط يرحب بأي مصالحة داخلية إن كانت إسلامية ـ إسلامية أو مسيحية ـ مسيحية أو مسيحية ـ إسلامية». أما رئيس حزب التضامن، النائب إميل رحمة، فقال إن «لبنان أحوج ما يكون إلى تحالف وطني مسيحي ـ إسلامي يكسر الحدة الطائفية من ناحية، ويمنع الفتنة المذهبية من ناحية ثانية وهي السبب الرئيسي فيما تشهده البلاد من تشنجات تشل عمل الدولة والمؤسسات وتحول دون انبثاق قرار وطني جامع يطوي الصفحة القاتمة التي حكمت العلاقات السياسية طوال السنوات الماضية وكانت نتائجها كارثية ومدمرة». ورأى أن «تجمعا يرتدي الطابع الطائفي والفئوي يعيد الأمور إلى الوراء. والمطلوب اليوم الخروج إلى حالة جديدة نتعاون على صوغها معا. ولا أعتقد أن التيار الوطني الحر وتيار المردة والكتلة الشعبية وحزب الطاشناق وسائر القوى والشخصيات المسيحية الوطنية وسائر القوى والشخصيات الإسلامية الوطنية أيضا، سيتعاملون بسلبية مع طرح كهذا. فهم منفتحون على كل ما يضمن المصلحة الوطنية العليا».