مشروع «سي آي إيه»لاغتيال قادة «القاعدة» كان على وشك أن يبدأ

تضمن سلسلة من الخطط المنفصلة لاغتيال أو اعتقال بن لادن باستخدام فريق من القتلة

TT

كان المسؤولون بالاستخبارات الأميركية يستعدون لتفعيل خطة لتدريب فرق الاغتيالات المناهضة للإرهابيين خارج الولايات المتحدة عندما قام بعض المدراء في الوكالة بعرض البرنامج السري على رئيس الاستخبارات ليون بانيتا الشهر الماضي، وذلك وفقا لمسؤولين أميركيين مطلعين على الأمر.

وقد دخلت خطة اغتيالات قادة تنظيم القاعدة التي كانت في الكواليس الخلفية للوكالة طوال السنوات الثماني الماضية دائرة الضوء نظرا لطرح مبادرة لما أطلق عليه أحد مسؤولي الاستخبارات بـ«مرحلة تفعيل العمليات». ولكن بانيتا أسرع بإغلاق البرنامج مباشرة فور علمه بتلك الخطة، وذهب للكونغرس لكي يقدم تقريرا إلى المشرعين الذين كانوا لا يعلمون شيئا عن الأمر منذ عام 2001.

وقد دافع بالأمس دينيس بلير أكبر مسؤولي الاستخبارات في إدارة الرئيس أوباما ومدير الاستخبارات القومية عن قرار بانيتا بإلغاء البرنامج قائلا إنه أثار تساؤلات خطيرة بين مسؤولي الاستخبارات تتعلق بـ «فعاليته، ورشده، ومستوى التحكم فيه».

ولكن بلير اختلف مع بعض الديمقراطيين في الكونغرس عندما أكد أن الاستخبارات الأميركية لم تخرق أي قانون بعدم إخبارها المشرعين حول البرنامج السري الذي لم يعرفوا عنه شيئا سوى من شهر واحد فقط. وقال بلير إن المسؤولين في الوكالة لم يكونوا مطالبين بإعلام الكونغرس بالبرنامج بالرغم من أنه يعتقد أنهم كان يتوجب عليهم ذلك، مضيفا في أحد الحوارات التي أجريت معه: «إنها مسألة وجهات نظر، ونحن نؤمن بضرورة الالتزام بالعمل مع الكونغرس كشريك لنا».

وقد وجه المشرعون الديمقراطيون إلى وكالة الاستخبارات اتهاما بتضليل الكونغرس نظرا لعدم إعلانها عن وجود البرنامج حتى أعلن عنه بانيتا في 24 يونيو (حزيران).

كما يقول ديمقراطيون بمجلس النواب مستشهدين بجزء من تصريحات بانيتا، إن نائب الرئيس السابق ريتشارد تشيني أمر وكالة الاستخبارات شخصيا بألا تخبر الكونغرس بتلك المبادرة التي تضمنت سلسلة من الخطط المنفصلة لاغتيال أو اعتقال أسامة بن لادن وبعض القادة الآخرين من قيادات تنظيم القاعدة باستخدام فريق صغيرة من القتلة.

كما طالب ديمقراطيو الكونغرس رسميا هذا الأسبوع بالاطلاع على المستندات المتعلقة بالبرنامج، بينما دعا البعض الآخر لفتح تحقيق حول إذا ما كانت وكالة الاستخبارات قد حجبت المعلومات عن اللجان الرقابية.

وكان السيناتور راسل فينغولد، العضو في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ والنائب عن ولاية «وسيكنسن» ضمن عدد آخر من الديمقراطيين المرموقين الذين اتهموا الاستخبارات بخرق القانون، كما قال إنه كانت لديه «مخاوف عميقة حول البرنامج» وقد نقل تلك المخاوف إلى الرئيس أوباما في خطاب سري.

ويقول الجمهوريون إن المزاعم المتعلقة بارتكاب الوكالة لخطأ جسيم هي مزاعم زائفة وضارة، كما وجه بعض الجمهوريين اتهاما إلى الديمقراطيين بإثارة قضايا لجذب الانتباه بعيدا عن الجدل الدائر حول رئيسة البرلمان نانسي بيلوسي التي تواجه انتقادات عنيفة بعد اتهامها الوكالة بالكذب على الكونغرس حول استخدامها لتقنية محاكاة الغرق وغيرها من تقنيات التعذيب أثناء الاستجواب. يقول النائب مايك روجرس نائب الجمهوريين عن ولاية ميتشيغن: «لقد فقدنا فرصا بالغة الأهمية لتحسين الرقابة على مجتمع الاستخبارات لأنهم قد ضبطوا وهم يلعبون ألعابا سخيفة».

وكانت خطة نشر فرق صغيرة من القتلة هي واحدة من الجهود الأولى للاستخبارات الأميركية في مواجهة تنظيم القاعدة في أعقاب الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر (أيلول)، وفي الشهر نفسه، قام الرئيس السابق جورج بوش بتوقيع مستند سري معروف باسم «نتائج الرئيس»، يخول للوكالة سلطات واسعة في استخدام القوة المميتة ضد بن لادن بالإضافة إلى بعض القيادات البارزة لتنظيم القاعدة وبعض المجموعات الإرهابية.

ولم تحدد تلك الوثيقة أي حدود جغرافية للعمليات التي تقوم بها الوكالة، ويقول مسؤولون استخباريون إنهم لم يكونوا ملتزمين بإعلام الكونغرس بكل عملية ينفذونها بموجب تلك الوثيقة.

كما رفضت الوكالة الإعلان عن تفاصيل البرنامج الذي تم إغلاقه، ولكن جورج ليتل، المتحدث الرسمي باسم الوكالة قال «إن البرنامج لم يتم تفعيله تفعيلا كاملا، كما أنه لم يتم اغتيال أي إرهابي في أرض المعركة بمقتضاه. وفي الواقع فإن بانيتا منذ توليه لمنصبه، استخدم الأدوات والتكتيكات المتاحة أمامنا ـ الفعالة بحق ـ لتخليص الشوارع من الإرهابيين».

ويقول بعض المسؤولين الأميركيين المطلعين على ذلك البرنامج، إن البرنامج لم يتم أبدا تفعيله، فهو لم يتجاوز مرحلة تحديد المفاهيم ودراسات جدوى البرنامج، ولكن البعض الآخر قد وصف إعدادات أخرى أكثر تقدما كانت تمارسها الوكالة بما فيها اختيار فرق الاغتيالات وتلقي أعضاء تلك الفرق لبعض التدريبات المحدودة. ولكن جميع تلك المحاولات كانت تتوقف نظرا لمواجهة البرنامج لبعض العقبات اللوجستية أو نظرا لوجود مخاطرات كبيرة في تنفيذ العمليات؛ وذلك وفقا لبعض المسؤولين الذين عملوا في وحدات مكافحة الإرهاب أو كانت لديهم صلاحية الاطلاع على الملفات شديدة السرية. ويقول مسؤولون سابقون وحاليون بالاستخبارات الأميركية إن البرنامج كان دائما يتم تفعيله ثم يتم وقفه، وكان قد تم إيقاف البرنامج في عام 2004 نظرا لعدم فعاليته، ولكنه عاد للظهور مرة أخرى في عام 2005، ولكنه لم يتم تفعيله حتى عامنا الجاري. ويقول مسؤولان أميركيان مطلعان على عمليات وكالة الاستخبارات الحالية إن الوكالة قد عرضت على بانيتا الشهر الماضي خططا جديدة للتقدم في تدريب بعض الأعضاء المحتملين لفرق الاغتيالات، وهي الأنشطة التي ربما كانت لتشمل «عمليات يتم إجراؤها خارج الحدود الأميركية» كما قال أحد المسؤولين السابقين في مكافحة الإرهاب حرفيا في حديثه حول موضوع البرنامج.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»