كلينتون تؤكد سياسات أوباما الخارجية وتطالب بشراكات عدة بدل من أقطاب عدة

عملية السلام وايران على رأس أجندة الإدارة الجديدة

TT

عشية توجهها إلى الهند وقبل أسبوعين من استضافتها اللقاء الاستراتيجي مع نظيرها الصيني، طرحت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون المنهج الكامل للسياسة الخارجية الأميركية، موضحة أنها ستكون مبنية على «شراكات عدة» بدلا من «أقطاب عدة» مثلما كان عليه العالم في السابق. وشرحت كلينتون في خطاب رئيسي في معهد «مجلس العلاقات الخارجية» قبل إحياء ذكرى مرور 6 أشهر على توليها منصبها أن «مهمة الولايات المتحدة في العالم اليوم هو تنفيذ القيادة الأميركية لحل المشاكل مع الآخرين». وكررت كلينتون سياسة إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بناء شراكات مع دول كبرى حول العالم وهي الصين والهند وروسيا والبرازيل وتركيا واندونيسيا وأفريقيا الجنوبية. وقال مسؤول في الخارجية الأميركية إن الهدف من الخطاب وضع «إطار يقود سياستنا وأولوياتنا بينما نسير قدما ويوضح عددا من السياسات المحددة التي بدأنا نضعها كرواسخ لسياستنا الخارجية التي تدعم الهدف الكلي لوضع هندسة تعاون وشراكة مع أي دول تريد أن تأخذ على عاتقها المسؤولية، كل من القوى الرئيسية والصغرى، بالإضافة إلى التواصل مع الشعب واللاعبين غير التابعين للدولة». ولفت الخبير في السياسة الخارجية في «مجلس العلاقات الخارجية» ستيفن كوك إلى أن الخطاب «شمل أمور سمعناها في السابق في أماكن مختلفة وأوقات مختلفة خلال الشهور الستة الماضية، فلم تقدم كلينتون سياسة جديدة محددة». وأضاف: «لكنها استطاعت بنجاح أن تجمع عددا من الأمور معا وأن توضح النهج الذي ستتبعه الخارجية»، معتبرا أن «الحديث عن الانتقال من عالم ذات أقطاب متعددة إلى عالم ذات شراكات متعددة أمر مهم ركزت عليه». ولكن كان جزء كبير من كلام كلينتون حول الشرق الأوسط، وتحديدا حل النزاع العربي ـ الإسرائيلي والتعامل مع إيران. ولفتت كلينتون في خطابها إلى التزام إدارة أوباما بتحقيق السلام في الشرق الأوسط، قائلة: «علينا تحقيق حقوق الفلسطينيين والإسرائيليين في العيش بسلام وأمان في دولتين وذلك في مصلحة أميركا والعالم». وأضافت: «التقدم إلى السلام لا يعتمد فقط على الولايات المتحدة أو إسرائيل، نهاية النزاع تحتاج إلى العمل على جميع الجهات». وتابعت: «على الفلسطينيين مسؤولية تحسين وتطوير الأعمال الايجابية على الأمن والعمل ضد تأجيج الكراهية والامتناع عن أي عمل قد يجعل المفاوضات أقل جدوى». وسلطت كلينتون الضوء على الدول العربية، قائلة: «على الدول العربية أن تدعم السلطة الفلسطينية بالكلام والأفعال واتخاذ الخطوات لتحسين العلاقات مع إسرائيل وان يجعلوا شعوبهم مستعدين لاحتضان السلام ومكان إسرائيل في المنطقة». وتابعت: «خطة السلام السعودية، التي تدعمها أكثر من 20 دولة، كانت خطوة ايجابية، ولكن نحن نؤمن بأننا بحاجة إلى المزيد. والآن نسأل الذين احتضنوا المبادرة أن يأخذوا الخطوات المناسبة الآن». واعتبرت أن على العرب دعم جهود السلام من خلال «الانفتاح، على الرغم من صغر حجمه، إلى الإسرائيليين». وأضافت: «أقول لكل الجهات: إرسال رسائل السلام ليست كافية، عليكم العمل أيضا ضد ثقافات الكراهية وعدم التعايش وعدم الاحترام التي تزيد من النزاعات». ولفت كوك إلى أن «التفكير في واشنطن الآن هو انه إذا كان بإمكان العرب تقديم أمر ما يدفع الشارع الإسرائيلي تجاه السلام وبعيدا عن المواجهة سيكون ذلك الحل الأسلم»، موضحا: «الفكرة هي أن على العرب دفع (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للابتعاد عن المواجهة». ومن جهته، قال البروفسور نيثان براون، وهو من الخبراء الذين عملوا على الدستور الفلسطيني ويدرس في جامعة جورجتاون العريقة: «ما طرحته كلينتون ليس جديدا ولكنها شددت على ما نعلم أن أوباما يقوم به في اللقاءات الخاصة مع الدول العربية الصديقة، وخاصة دول الخليج، وهو البحث عن خطوات محددة تقوم بها الدول العربية» للمساعدة في تحسين الأجواء قبل مفاوضات السلام. وأضاف: «من غير المتوقع أن تنجح هذه الجهود، العالم العربي مازال منقسما وهناك عدم ارتياح لحكومة نتنياهو اليمينية». وكانت القضية الرئيسية الثانية التي تحدثت عنها كلينتون حول إيران، إذ نبهت أعداء الولايات المتحدة ألا يروا جهود الحوار التي يطلقها أوباما على أنها ضعف، موضحة: «تركيزنا على الدبلوماسية والتنمية لا يعني إضعاف أمننا الوطني وحرصنا على الحوار ليس علامة ضعف». وحذرت: «لن نتردد في حماية أصدقائنا ومصالحنا وأهم من ذلك شعبنا». وتحديدا حول إيران، قالت كلينتون: «نعلم ما ورثناه مع إيران ولأننا نتعامل مع ذلك الإرث كل يوم، نعلم أن رفض التعامل مع الجمهورية الإسلامية لم ينجح في تغير السير الإيراني تجاه سلاح نووي ولم يخفض الدعم الإيراني أو يحسن معاملة إيران لمواطنيها». ولكنها أردفت قائلة: «لا أنا ولا الرئيس لدينا أي تصورات خاطئة بأن الحوار مع الجمهورية الإسلامية سيؤكد النجاح بأي شكل وان التطلعات قد تغيرت كثيراً في الأسابيع التي تلت الانتخابات». واعتبر كوك أن هذه «إشارة واضحة إلى انه على الرغم من رغبة الإدارة بالتفاوض، إلا أن الانتخابات أثرت على ذلك المسار».

وقال مسؤول في الخارجية الأميركية: «لقد قالت الوزيرة إن الطبيعة قد تغيرت بعد الانتخابات في الطريقة نفسها التي أشار إليها الرئيس (أوباما) بعد رؤية معاملة الحكومة الإيرانية للشعب». وأضاف: «نحن نأمل بأنه ما زال من الممكن التواصل ولكن العملية قد تكون أبطأ». ولفت براون إلى أن «الملف الإيراني له صدى داخلي في الولايات المتحدة والوزيرة تحاول أن توازن بين التوقعات في الداخل والسياسة الخارجية». وأضاف: «من غير المعروف بعد مدى تأثير نتائج الانتخابات والزعزعة في إيران على المفاوضات المحتملة، لكن من البديهي أن رأي الشعب الأميركي تأثر بها». وأشار براون إلى أن «إيران كانت نقطة خلاف بين أوباما وكلينتون عندما تنافسا على ترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية العام الماضي، ولهذا تحرص كلينتون على إظهار التناغم مع الرئيس في هذه القضية». وأضاف: «لقد قالت إن هناك حدا لانتظار التفاوض لكن لم توجد أي علامات في الخطاب عن طبيعة ذلك الحد». وأكدت كلينتون في رد على سؤال طرح عليها بعد إلقاء خطابها أن الإدارة الأميركية «أوضحت للسوريين أننا نريد الحوار معها، ولكن نريد أن يكون التواصل متبادلا»، موضحة أن «علاقة سورية بإيران ودعمها للجماعات المتطرفة» ستؤثر على ذلك الحوار. وأضافت كلينتون في الإجابة على أسئلة طرحت عليها بعد خطاب رئيسي ألقته في معهد «مجلس العلاقات الخارجية» في واشنطن أمس أن «سورية لاعب أساسي في أي عمل نقوم به في المنطقة».